المسرح الحاضر الغائب
المسـرح فن عـظـيم ، ولذلك فلا غرابة في أن يـدعى أبا الفنون لما له من تاريخ عريق في حضارات كثير من الأمم. كان المسرح ومايزال هو النقطه التي يبدأ منها, عادة, إنطلاق الشراره نحو الثقافه والتطور والمساعده في تطوير المجتمعات والوصول الى حال أفضل , والمسرح ليس مجرد وسيله ترفيهيه وإنما يتخطى دوره ذلك. ففي فترات عظيمه جاهد كتابه وممثلوه ومخرجوه في إكتشاف نواحي الجمال فيه, ففن المسرح يعتمد في جوهره على حصيلة المعرفه في شمولها العام وعلى قدرة الإنسان على الإستكشاف والتعجب والتأمل.
كان المسرح عند الإغريق مظهراً دينياً وعند الرومان مايشبه المتعه الرخيصه التي يتكفل بها الرقيق من أجل الترفيه عن مالكيهم وكان وكان للكنيسه في عهدها الأول شراً ينبغي إستئصاله غير أن الكنيسه عادت بعدها بعدة قرون تحتضن مسرحيات الأسرار والمعجزات كما بات جمهور اليوم يسترجع الأعمال الجيده للمسرحي اليوناني (سوفوكليس) والإنجليزي( وليم شكسبير) والسويدي(أوغست سترندبرج)بتقديس, ويضن بعض النقاد أن هؤلاء الكتاب ليسوا بشراً عاديين.
يشكل المسرح دعامه مهمه لدعم حركة الحياه الثقافيه والعلميه والتربويه ويعمل على تسيير واقعها المعرفي والجمالي التي ترتقي بمستويات الإنسان الفكريه والعقليه والخياليه والذوقيه الى جانب إيصاله الى المتعه والتسليه وإدؤاك المعارف وأنماط من الخبره والتجربه التي يتيحها المسرح ويمثلها في عروضه وتجاربه وجهاً لوجه أمام جمهوره هفي عملية التلقي.
والمسرح هو أحد فروع فنون الأداء أو التمثيل الذي يجسد أو يترجم قصص أو نصوص أدبية أمام المشاهدين باستخدام مزيج من الكلام .. الإيماءات .. الموسيقى .. والصوت على خشبة المسرح ذلك البناء الذي له مواصفات خاصة فى التصميم
.
ويستخدم الكثير من الأشخاص كلمة المسرحية أو العرض المسرحي مرادفاً لكلمة المسرح إلا أنه هناك فارق كبير بين الكلمتين من حيث الدلالة، فالأولى تشير إلى القصة أو النص الأدبي الذي يمثل فى المكان المخصص له "المسرح". فالمسرحية هي القصة أما المسرح فهو المكان الذي تؤدى فيه هذه القصة ببساطة شديده.
المسرح السعودي:
مرّ المسرح السعودي على مدى سبعة عقود بمحطات عدة، وشهد محاولات قوية لتأسيس بنية لمسرح متكامل بدءاً بالكتابة المسرحية التي سبقت بدورها فنّ العرض المسرحي السعودي في الثلاثينات الميلادية، مروراً بمسرح «قريش» الذي حاول تأسيسه الراحل أحمد السباعي في مكة المكرمة ليعرض عليه أول مسرحية هي «فتح مكة» التي جيش لها ممثلين هواة ومخرجا مصريا استقدمه لذلك، لكن اعتراض بعض رجالات المجتمع أدى إلى وأد مشروعه المسرحي قبل افتتاح مسرحه الذي جهزه بما يقارب 1000 كرسي في أسبوع فقط، ولم يكتب له أن يرى النور خلال بداية الستينات الميلادية، لتأتي بعد ذلك مسرحية «طبيب بالمشعاب» لإبراهيم الحمدان خلال السبعينات الميلادية بذرة تأسيس الفعل المسرحي السعودي
.
وبخلاف الصورة النمطية السائدة لدى الكثيرين، التي تقول بأن السعودية حديثة عهد بالمسرح وأن العروض الحالية ما زالت في بدايتها، فإنه من اللافت أن السعودية عرفت أول نص مسرحي في تاريخها بالتزامن مع تأسيس الدولة السعودية الحديثة، إذ شهد عام 1932 تقديم الشاعر حسين عبد الله سرّاج أول نص مسرحي شعري، وكان يحمل اسم «الظالم نفسه» وهو العام نفسه الذي تأسست فيه المملكة العربية السعودية
.
وعلى الرغم من الظروف الاجتماعية والثقافية المتغيرة التي عاشتها البلاد على مر أكثر العقود الماضية شهدت خلالها الساحة الثقافية عوائق عدّة أقصت المسرح عن الظهور
يعتبر الكثير من رواد المسرح في السعودية أنه لم يمنح شهادة ميلاد رغم وجود جمعيات الثقافة والفنون و انضمام الجمعيات إلى وزارة الثقافة والإعلام ودخول متغيرات جديدة تحسب لصالح تقدم المسرح وتطوير قدراته وتقديم تجربة مسرحية رائدة.
بعكس ما أكد المؤلف المسرحي السعودي موسى أبو عبد الله الفائز بجائزة الإبداع الإصدار الأول في الشارقه عام 2003م أن المسرح في السعودية بخير ويوجد به طاقات مسرحية مثل الكاتب والمخرج عباس الحايك والكاتب والمخرج راشد الورثان والكاتب والمخرج محفوظ المنسف مشيراً إلى أن تكريمه من خلال فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام في مهرجان العروض القصيرة الثالث يدعمه للاستمرار كون الجائزة تفتح له أبواباً كثيرة للعمل خارج وداخل السعودية بسبب استفادته من خلال الاحتكاك بالكوادر المسرحية الخليجية مثل الكاتب الإماراتي"جمال سالم" ومعظم ممثلي الإمارات والكويت.
وبحسب مسرحيين سعوديين، فإن أحد أبرز أسباب غياب المسرح عن الخارطة الثقافية والاجتماعية المحلية، الحساسية المفرطة تجاه مسرح يتناول القضايا الفكرية والثقافية والاجتماعية، يعززها التحذير الذي ما زال يمارس ضد بعض أنواع الفنون
.
وأكاديمياً فقد كان قسم الإعلام بجامعة الملك سعود يحتضن التخصص الأوحد في «المسرح»، إلا أنه تم إغلاق التخصص قبل بضع سنوات، فيما يشير بعض المتخصصين إلى أن المسرح المدرسي كان الأسبق في ظهور هذا الفن بفضل الوافدين العرب ممن جاءوا معلمين يعملون في التعليم بالسعودية
.
وفي حديث لـ «الشرق الأوسط»، يؤكد محمد العثيم، المؤلف المسرحي وأستاذ قسم المسرح في جامعة الملك سعود سابقاً وهو واحد من أبرز رواد الثقافة والمسرح في السعودية بأن المسرح السعودي مرّ بخمس مراحل كانت أولها مرحلة البدايات في الستينات الميلادية، التي لم ينجح فيها مشروع أول مسرحية «فتح مكّة»، ثم مرحلة السبعينات والثمانينات الميلادية التي زخرت بأعمال درامية من اجتهادات مهتمين بالمسرح وبدعم من الإنتاج التلفزيوني آنذاك بجانب النشاط المسرحي المقام خلال مهرجان الجنادرية بشكل سنوي، «تلى ذلك تعثر في مسيرة المسرح واقتصر تفاعله على المهرجانات الدولية التي تتبناها الجهات الثقافية في الدوله
».
وأضاف بأن تلك المرحلة ساهمت في احتضان المتنزهات الترفيهية التي لا تزال خلال فترة الصيف تقدم عروضا مسرحية بسيطة وسطحية لم تضف للمسرح أي جانب ومعنى ثقافي.
المسرح وغياب المرأه:
المرأه هنا تفتقد الى الكثير من حقوقها وهناك الكثير من القضايا التي تحتاج الى مناقشتها من قبل المختصين كتيسير تعاملاتها مع الدوائر الحكوميه والخاصه دون الرجوع الى موافقة ولي الأمر وإلزامية التعليم وتوفير وسيلة تنقل آمنه للمرأه في حال منعها عن قيادة السياره فما بالك بإعتلائها لخشبة المسرح ومشاركتها في العمل المسرحي والذي ينظر إليه الأغلبيه بأنه عمل لا أخلاقي أو فيه نوع من عدم العفه, كثيراً ما ردد المسرحيون السعوديون أن ازمة المسرح السعودي إضافة للمعيقات الاجتماعية و السياسية وقصور الدعم الرسمي وندرة الخبرة الأكاديمية و المنشأة المسرحية المناسبة لإقامة العروض، تكمن في غياب العنصر النسائي عن الخشبة. فالمسرح يعكس صورة عن الحياة بما فيها من وضع اجتماعي. والحياة بما فيها من ثنائية طبيعية ذكر/ انثى من المهم أن تترجم على الخشبة دون أن يغيب عنصر عن آخر أو يمتلك مساحة وجود أوسع من الآخر.
والمشكلة الأساس أن التعامل مع المرأة كوجود خاضع للتقاليد المتغيرة وليس خاضعاً لمعيار شرعي ثابت، فالتقاليد ترى فيها جزءً من الرجل، والشرع يرى فيها كياناً ذا استقلالية يملك حق القرار، وهذه التقاليد انسحبت بما فيها من خلل إلى المسرح، بالرغم أن المسرح نسق ثقافي يفترض أن يتحرر من كل هذه القيم، وأن يكون فعلاً تحريضياً على التغيير لا ان ينساق إليها ويكون مساهماً في هذا الوضع المأزوم. لم يقدم المسرح بالتالي الكثير في سبيل تحرير المرأة من قيد الأعراف الاجتماعية الثقيل، فلم يفرد لها مساحة تعبير أكثر اتساعاً لتعبر عن قضاياها دون الانطلاق من الذاتي بل انطلاقاً من الطبيعي والمنطقي في علاقتها بما حولها، ودون الانجرار للأنماط الجاهزة، وبعقلية أنثوية خالصة لم يخضعها الفحل لقوانينه. ونتيجه لهذه الإزدواجيه التي نعيشها يضطر البعض على التحايل على هذا الوضع ويقومون بالإشاره فقط الى المرأه أو بالرمز لها ومرات كثيره شاهدنا فيها نسخاً من( أم عليوي) بديل المرأه الكويتيه في بداياتها المبكره تتسلل لعروض المسرح في السعوديه تعوض ماغاب من صور الأنثى ليكمل العرض مانقص من دراما الحكايه, وكأنها خيال وضمير غائب أو دميه تتراقص أو في صورة رجل يتشبه بالأنثى وهو المحضور الذي وقع به البعض في نظر الهيئه-كما حصل عند عرض مسرحية (أبو فلس) في مدينة صفوى- الذين كانو يملكون الحق في الغاء بعض العروض المسرحيه بحجة تشبه الرجال بالنساء!!كان الاعتراض متجها لتجريم اصل الممارسة، وليس معنيا بطبيعة هذا الدور ورسالته في العرض، فليس ثمة حديث عن تفاهات ولا تشويه ولا حتى ابتذال وانما تشاغلت الهيئة بانكار فعل التشبه لا اكثر، كمنكر اخلاقي، دون النظر الى قضية جوهرية تتصل بالفارق بين المسرح والحياة وضع غريب يدعونا للتساؤل يمنعون المرأه من التمثيل على خشبة المسرح بحجج واهيه وفي نفس الوقت يمنعون الرجال من التشبه بها في هذا المجال لأنهم لايملكون البديل فاضطروا للإحتيال على الوضع. تُرى كيف نتعايش مع هذه الإزدواجيه والتعارض في الآراء!!
لا أنكر هناك مسرح نسائي ولكن وجوده محدود نوعاً ما وسيضطررن هن كذلك الى الإستعانه بالمتشبهات من الرجال وربما هو ماسيوقعهم بمحظورات المتشددين الذين لا نعرف مانفعل لإرضائهم.
الوضع الطبيعي أن يكون هناك مسرح يضم الطرفين ليعبر عن الواقع الحقيقي ومن باب المقوله الكلاسيكيه( فالمسرح مرآة الواقع).
أهمية المسرح في حياة الفرد والمجتمع ودوره في نشر ثقافة التسامح وتقبل الآخر على ماهو عليه:
ذكر الممثل المسرحي الدكتور راشد الشمراني أن الدراما المسرحية مهمة في حياة الفرد وذلك لما تحققه من نتائج إيجابية للإنسان كالتنفيس عمّا يعانيه الإنسان وتعزيز ثقته بنفسه ومعاونته على الانخراط ودمجه في المجتمع الخارجي وكسر حاجز الخجل بالإضافة إلى ثراء المعلومات والمقدرة على التعبير عن النفس بكل يسر وسهولة كما أصبحت الدراما من أقوى الوسائل المستخدمة في العلاج النفسي...
ويقول سمو الشيخ الدكتور) سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقه (
فالمسرح هذا الوعاء الجامع لكل فنون الجمال، ومن لا يتذوق الجمال لا يدرك قيمة الحياة. والمسرح حياة، فما أحوجنا اليوم إلى نبذ كلّ أنواع الحروب العبثية والاختلافات العقائدية التي تؤجج من دون وازعٍ من ضميرٍ حيّ، ومشاهد العنف والقتل العشوائي تكاد تغلف المعمورة بأسرها، مصحوبة بهذه الفوارق الشاسعة بين غنىً فاحشٍ وفقرٍ مدقع، بين أجزاءٍ من العالم المنكوبة بأوبئة لا تتضافر قوى الخير من أجل القضاء عليها كأمراض الإيدز وغيرها من الأوبئة المستوطنة، إلى مشكلات التصحّر والجفاف في ظل انعدام الحوار الحقيقي مع بعضنا بعضًا من أجل العالم الذي نعيش فيه مكانًا أفضل فنحن كبشر زائلون ويبقى المسرح مابقيت الحياه.
من خلال قراءاتي في المسرح منذ عهد الإغريق حتى يومنا هذا أدركت السّحر الكامن في عوالم المسرح في سبر أغوار النفس البشرية ومكنوناتها، وفتح المغاليق التي تحتويها، مما رسخ لديّ قناعة واسعة بأن المسرح بوصفه هذا يشكل عامل توحد إنساني يستطيع من خلاله الإنسان أن يغلّف العالم بالمحبة والسلام، ويفتح آفاق حوارات بين مختلف الأجناس والأعراق والألوان على اختلاف معتقداتهم الإيمانية، فكان عاملاً مضافًا لي في تقبل الآخر على ما هو عليه، وأدركت أن الخير يوحد البشر، وأن الشر يفرقهم) ولا يخفى علينا بأن هناك فئات من المجتمع متعصبه ومستعده لفرض رفضها ولو بالقوه كما حصل في مسرح كلية اليمامه عند عرض مسرحية(وسطي بلاوسطيه) والتي كانت تنتقد تصرفات هؤلاء المتشددين وفكرهم ولكن مهما كان السبب فلايحق لهم أن يتصرفوا بهذه الهمجيه ولكن كلية اليمامه أعادت عرض المسرحيه وسط حضور جماهيري وأمني كبير.
لماذا نخاف من الفن والمسرح:
ربما بسبب أن المسـرح في الوطن العربي في الآونة الأخيـرة أخذ ينحـو منحـى آخـر وأخـذت يد العبث تمتـد إلى خصـوصـيته وتميـزه فتجـعل منه نمـطاً جـامداً محـدوداً يقـتصر على التسـلية الرخيصة مما أدى إلى توصـيل صـورة خاطئة عن المسـرح ودوره في البناء الثقافي للأمـة, أو يكون الخوف حينما يدرك أصحاب السلطات مدى قوة المسرح وجبروته وبخاصه في مواجهة من لايتحمل الرأي الآخر ومحاولة إقصاء هذا الفن أو تهميشه من قبل المتشددين دينياً أو ممن لهم مصلحه من ذلك ماهو إلأا لتيقنهم من الدور الخطير الذي من الممكن أن يلعبه المسرح أو يقوم به في حياة الشعوب من تنبيه للمسكوت عنه والأوضاع الإجتماعيه والإقتصاديه والسياسيه الخاطئه.
الجمهور ودوره في دعم المسرح:
لقد وصف سعد الله ونوّس أهمية الجمهور في بناء الفنون المسرحيه كالتالي:"المسرح حدث إجتماعي لايُكتمل إلا بوجود الجمهور" فكيف بجمهور لايجد مسرحاً يلجأ إليه ليرى واقعه ومشاكله مجسدةً فيه حتى يتم النظر في أمرها لعل وعسى يجد الحل لها , يقول المؤلف المسرحي السعودي موسى أبو عبدالله أن من أحد أسباب غياب المسرح ولو بشكل جزئي هو عزوف رجال الأعمال عن دعم المسرح وعدم وجود قاعدة جماهيرية وعدم وجود مردود مادي من العمل في هذا المجال وعدم تعاون بعض الجهات المسؤولة للنهوض بالحركة المسرحية في السعودية مشيراً إلى عدم اهتمام الإعلام السعودي بالمسرح واتجاهه لدعم الحركة الفنية التلفزيونية فقط وأنا أتفق معه في كل ذلك باستشناء
عدم وجود القاعده الجماهيريه فالقاعده الجماهيريه موجوده والجمهور السعوديهو الرقم الصعب في الخليج العربي وهو جمهور محب للمسرح- ربما الحرمان هو ماجعله يحب هذا الفن ويتذوقه بشكل جيد- ولكنه مازال محروماً منه وهو مستعده ليسافر هنا وهناك لحضور العروض المسرحيه فكيف لاتحضر الى المسرح المحلي -إذا كان موجوداً فعلاً- وربما يرجع السبب الأساسي الى عدم وجود دور عرض كبيره مجهزه لهذا الغرض وهي إن وجدت فبشكل محدود مقتصر على جمعيات الثقافه والفنون والإعلام عنها يكون بشكل محدود في الأوساط المثقفه وفي كل الأحوال فضرورة تدخل الحكومه ودعمها المادي والمعنوي من الأمور الهامه ليرتقي المسرح والفنون بشكل كبير.
مسرح الطفل:
يحدد قاموس "اكسفورد" تعريف مصطلح مسرح الطفل كما يلي:
"هو عروض الممثلين المحترفين أو الهواة للصغار سواء على خشبة مسرح أو في قاعة معدة لذلك".
ويعرف معجم المصطلحات الدرامية مسرح الطفل بانه
"المكان المهيأ مسرحيا لتقديم عروض تمثيلية كتبت وأخرجت خصيصا لمشاهدين من الأطفال. وقد يكون اللاعبون كلهم من الأطفال.
وهناك تعريف هام انتهى اليه الباحث "قاسم محمد" بعد دراسة طويلة
"إن مسرح الطفل يمثل مسرحا من أجل الطفل يقدم فيه راشدون محترفون أعمالا مسرحية ينفعل بها الأطفال المتفرجون. وهذا المسرح يكتبه مؤلف متخصص ويخرجه كذلك ويمثله راشدون متخصصون" "
هل المسرح مهم للطفل؟
وللإجابة عن هذا التساؤل نقول إن مسرح الطفل أداة من الأدوات التي تساهم في الوصول إلى عقل الطفل ووجدانه وتشكل ثقافته وتدربه على كيفيه التعامل مع زملائه، فيساعد بذلك في تنمية الطفل نفسيا ووجدانيا فالدور الذي يمكن أن يلعبه " مسرح الطفل" في هذا الشأن يتجاوز التأثير الذي تلعبه القصة، بسبب ما يتمتع به العرض المسرحي من عناصر إبداعية متنوعه ومن المعيب فعلاً أن يظل المسرح بعيداً عن المنهج الدراسي طوال هذه الفتره.
وأكد
المختص في علم النفس التربوي الدكتور محمد كرم الله أن نجاح العملية التربوية مرهون ليس بكم المعارف والمعلومات التي يتلقاها الطفل أو المتعلم، وإنما بكم ما يدار من عمليات تربوية أخرى وأنشطة تساهم في بناء شخصية الطفل سواء في المجال الفني أو الاجتماعي أو النفسي وغيرها من المجالات، بل إن النقد الذي يوجه الآن من قبل عدد من التربويين للعملية التربوية الحديثة هو أنها مازالت حتى ألان تهتم بحشو ذهن الطالب بالمعلومات من غير الاهتمام الكافي بجوانب أخرى ذات أهمية أكبر متمثلة في بناء تلك الجوانب من شخصية الطالب، التي تمثل الأساس ككل جوانب الاكتساب التالي، ومن ضمن هذه الأنشطة التي تمثل بعدا تربويا هاما النشاط المسرحي الذي يصنف إلى مسرح الطفل، والمسرح المدرسي، ويقصد بمسرح الطفل تلك الأنشطة المتخصصة التي يقدمها المحترفون المتخصصون للأطفال، بينما المسرح المدروس هو جزء من المنهج المدرسي الذي يمثل مختبراً تظهر من خلاله قدرات الأطفال الفنية ومواهبهم في هذا المجال.
أيضا فإن المسرح يعمل على تنمية الذوق الجمالي بالنسبة للطفل ويرقق أحساسة ويقوي ملاحظاته،ينمي موهبته مما يجعله يسخر هذه الطاقات الجمالية والذهنية ويوجهها التوجيه الصحيح وقد يمثل المسرح المدرسي لبنة لخلق وتوجيه مواهب الأطفال الذين يمكن أن يحملوا فيما بعد لواء العملية الفنية التي تمارس بوعي وإدراك وتخدم قضايا المجتمع، وهذا هو الفن الراشد الذي نبحث عنة ولا يمكن الوصول إلية إلا من خلال عملية منظمة وموجهة تربويا على النحو الصحيح من مستوى التعاون واكتساب المهارات فان العرض المسرحي وتنفيذ متطلباته يفرض على التلاميذ نوعا من المشاركة في مختلف أنواع الفنون والأعمال والأنشطة المرتبطة التي يتطلبها العرض مثل تشغيل الإضاءة وصناعة الديكور والخدع المسرحية.
ماهو المطلوب:
وعلينا أن نشير أولاً إلى أن أهم قضية تواجه هذا المسرح هي قضية الاعتراف به، فهو يشكو ليس من قضية إهماله فقط بل من قضية تذويب اسمه خلف اسم آخر هروباً من تسميته باسمه الحقيقي الذي ولد به وعرف به فما معنى أن يطلق عليه النشاط الثقافي كغطاء ثم ما يمارس تحت هذا الاسم النشاط المسرحي هل يحمل لنا ذلك دلالات مفيدة حول مدى اهتمام وزارة التربية والتعليم بموضوع المسرح بشكل عام والمسرح المدرسي بشكل خاص
إنشاء معاهد وجامعات لدراسة المسرح تأليفاً وتمثيلاً وكل ماله علاقه بالمسرح وتوظيف خريجيه في المدارس حتى يكون هناك من هو كفؤ ومسؤول عن النشاط المسرحي في المدرسه وأتمنى بالفعل أن يأتي اليوم الذي نجد فيه مسرحاً في كل مدرسة- حينا فقط سنتخلص من البيوت المستأجره التي تستخدم كمدارس- وأن يشارك هذا المسرح بشكل فاعل في رفع الوعي الاجتماعي وذلك بمشاركة أولياء الأمور وأبناء الحي الذي توجد به المدرسة في حضور فعالياته عن طريق إقامة المسرحيات في الفترة المسائية ليكون للمدرسة حضورها الاجتماعي الذي فقدناه لفترة من الزمن.
فالمسرح يحتاج الكثير للوقوف على قدميه لكي يحاكي الواقع ويقدم نجوماً جدداً يقدمون الإبداع الفني والمسرحي من تفعيل دور الجمعيات الى إنشاء معاهد مختصه بتخريج المسرحيين وصرف مرتبات لهم من الدوله ,ومن جهته قال المخرج المسرحي هشام الأفندي "لابد أن يقتنع أصحاب القرار بأهمية المسرح" مشيراً إلى "ضرورة أن يشارك أساتذة المسرح في طرح تصورات تساهم في تطويره
".
وأضاف "لقد سئمنا من الوصاية الزائفة علينا كمسرحيين من أولئك الذين لا يفقهون شيئا في المسرح فالمسرح ليس قراراً إدارياً يخرج من خلف المكاتب، المسرح قرار شعبي واجتماعي لا يحمل رقماً وتاريخاً وختماً وتأشيرة صغيرة في أسفل الصفحة تقرر مصير مسرحية بها حياة كاملة.
المسـرح فن عـظـيم ، ولذلك فلا غرابة في أن يـدعى أبا الفنون لما له من تاريخ عريق في حضارات كثير من الأمم. كان المسرح ومايزال هو النقطه التي يبدأ منها, عادة, إنطلاق الشراره نحو الثقافه والتطور والمساعده في تطوير المجتمعات والوصول الى حال أفضل , والمسرح ليس مجرد وسيله ترفيهيه وإنما يتخطى دوره ذلك. ففي فترات عظيمه جاهد كتابه وممثلوه ومخرجوه في إكتشاف نواحي الجمال فيه, ففن المسرح يعتمد في جوهره على حصيلة المعرفه في شمولها العام وعلى قدرة الإنسان على الإستكشاف والتعجب والتأمل.
كان المسرح عند الإغريق مظهراً دينياً وعند الرومان مايشبه المتعه الرخيصه التي يتكفل بها الرقيق من أجل الترفيه عن مالكيهم وكان وكان للكنيسه في عهدها الأول شراً ينبغي إستئصاله غير أن الكنيسه عادت بعدها بعدة قرون تحتضن مسرحيات الأسرار والمعجزات كما بات جمهور اليوم يسترجع الأعمال الجيده للمسرحي اليوناني (سوفوكليس) والإنجليزي( وليم شكسبير) والسويدي(أوغست سترندبرج)بتقديس, ويضن بعض النقاد أن هؤلاء الكتاب ليسوا بشراً عاديين.
يشكل المسرح دعامه مهمه لدعم حركة الحياه الثقافيه والعلميه والتربويه ويعمل على تسيير واقعها المعرفي والجمالي التي ترتقي بمستويات الإنسان الفكريه والعقليه والخياليه والذوقيه الى جانب إيصاله الى المتعه والتسليه وإدؤاك المعارف وأنماط من الخبره والتجربه التي يتيحها المسرح ويمثلها في عروضه وتجاربه وجهاً لوجه أمام جمهوره هفي عملية التلقي.
والمسرح هو أحد فروع فنون الأداء أو التمثيل الذي يجسد أو يترجم قصص أو نصوص أدبية أمام المشاهدين باستخدام مزيج من الكلام .. الإيماءات .. الموسيقى .. والصوت على خشبة المسرح ذلك البناء الذي له مواصفات خاصة فى التصميم
.
ويستخدم الكثير من الأشخاص كلمة المسرحية أو العرض المسرحي مرادفاً لكلمة المسرح إلا أنه هناك فارق كبير بين الكلمتين من حيث الدلالة، فالأولى تشير إلى القصة أو النص الأدبي الذي يمثل فى المكان المخصص له "المسرح". فالمسرحية هي القصة أما المسرح فهو المكان الذي تؤدى فيه هذه القصة ببساطة شديده.
المسرح السعودي:
مرّ المسرح السعودي على مدى سبعة عقود بمحطات عدة، وشهد محاولات قوية لتأسيس بنية لمسرح متكامل بدءاً بالكتابة المسرحية التي سبقت بدورها فنّ العرض المسرحي السعودي في الثلاثينات الميلادية، مروراً بمسرح «قريش» الذي حاول تأسيسه الراحل أحمد السباعي في مكة المكرمة ليعرض عليه أول مسرحية هي «فتح مكة» التي جيش لها ممثلين هواة ومخرجا مصريا استقدمه لذلك، لكن اعتراض بعض رجالات المجتمع أدى إلى وأد مشروعه المسرحي قبل افتتاح مسرحه الذي جهزه بما يقارب 1000 كرسي في أسبوع فقط، ولم يكتب له أن يرى النور خلال بداية الستينات الميلادية، لتأتي بعد ذلك مسرحية «طبيب بالمشعاب» لإبراهيم الحمدان خلال السبعينات الميلادية بذرة تأسيس الفعل المسرحي السعودي
.
وبخلاف الصورة النمطية السائدة لدى الكثيرين، التي تقول بأن السعودية حديثة عهد بالمسرح وأن العروض الحالية ما زالت في بدايتها، فإنه من اللافت أن السعودية عرفت أول نص مسرحي في تاريخها بالتزامن مع تأسيس الدولة السعودية الحديثة، إذ شهد عام 1932 تقديم الشاعر حسين عبد الله سرّاج أول نص مسرحي شعري، وكان يحمل اسم «الظالم نفسه» وهو العام نفسه الذي تأسست فيه المملكة العربية السعودية
.
وعلى الرغم من الظروف الاجتماعية والثقافية المتغيرة التي عاشتها البلاد على مر أكثر العقود الماضية شهدت خلالها الساحة الثقافية عوائق عدّة أقصت المسرح عن الظهور
يعتبر الكثير من رواد المسرح في السعودية أنه لم يمنح شهادة ميلاد رغم وجود جمعيات الثقافة والفنون و انضمام الجمعيات إلى وزارة الثقافة والإعلام ودخول متغيرات جديدة تحسب لصالح تقدم المسرح وتطوير قدراته وتقديم تجربة مسرحية رائدة.
بعكس ما أكد المؤلف المسرحي السعودي موسى أبو عبد الله الفائز بجائزة الإبداع الإصدار الأول في الشارقه عام 2003م أن المسرح في السعودية بخير ويوجد به طاقات مسرحية مثل الكاتب والمخرج عباس الحايك والكاتب والمخرج راشد الورثان والكاتب والمخرج محفوظ المنسف مشيراً إلى أن تكريمه من خلال فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام في مهرجان العروض القصيرة الثالث يدعمه للاستمرار كون الجائزة تفتح له أبواباً كثيرة للعمل خارج وداخل السعودية بسبب استفادته من خلال الاحتكاك بالكوادر المسرحية الخليجية مثل الكاتب الإماراتي"جمال سالم" ومعظم ممثلي الإمارات والكويت.
وبحسب مسرحيين سعوديين، فإن أحد أبرز أسباب غياب المسرح عن الخارطة الثقافية والاجتماعية المحلية، الحساسية المفرطة تجاه مسرح يتناول القضايا الفكرية والثقافية والاجتماعية، يعززها التحذير الذي ما زال يمارس ضد بعض أنواع الفنون
.
وأكاديمياً فقد كان قسم الإعلام بجامعة الملك سعود يحتضن التخصص الأوحد في «المسرح»، إلا أنه تم إغلاق التخصص قبل بضع سنوات، فيما يشير بعض المتخصصين إلى أن المسرح المدرسي كان الأسبق في ظهور هذا الفن بفضل الوافدين العرب ممن جاءوا معلمين يعملون في التعليم بالسعودية
.
وفي حديث لـ «الشرق الأوسط»، يؤكد محمد العثيم، المؤلف المسرحي وأستاذ قسم المسرح في جامعة الملك سعود سابقاً وهو واحد من أبرز رواد الثقافة والمسرح في السعودية بأن المسرح السعودي مرّ بخمس مراحل كانت أولها مرحلة البدايات في الستينات الميلادية، التي لم ينجح فيها مشروع أول مسرحية «فتح مكّة»، ثم مرحلة السبعينات والثمانينات الميلادية التي زخرت بأعمال درامية من اجتهادات مهتمين بالمسرح وبدعم من الإنتاج التلفزيوني آنذاك بجانب النشاط المسرحي المقام خلال مهرجان الجنادرية بشكل سنوي، «تلى ذلك تعثر في مسيرة المسرح واقتصر تفاعله على المهرجانات الدولية التي تتبناها الجهات الثقافية في الدوله
».
وأضاف بأن تلك المرحلة ساهمت في احتضان المتنزهات الترفيهية التي لا تزال خلال فترة الصيف تقدم عروضا مسرحية بسيطة وسطحية لم تضف للمسرح أي جانب ومعنى ثقافي.
المسرح وغياب المرأه:
المرأه هنا تفتقد الى الكثير من حقوقها وهناك الكثير من القضايا التي تحتاج الى مناقشتها من قبل المختصين كتيسير تعاملاتها مع الدوائر الحكوميه والخاصه دون الرجوع الى موافقة ولي الأمر وإلزامية التعليم وتوفير وسيلة تنقل آمنه للمرأه في حال منعها عن قيادة السياره فما بالك بإعتلائها لخشبة المسرح ومشاركتها في العمل المسرحي والذي ينظر إليه الأغلبيه بأنه عمل لا أخلاقي أو فيه نوع من عدم العفه, كثيراً ما ردد المسرحيون السعوديون أن ازمة المسرح السعودي إضافة للمعيقات الاجتماعية و السياسية وقصور الدعم الرسمي وندرة الخبرة الأكاديمية و المنشأة المسرحية المناسبة لإقامة العروض، تكمن في غياب العنصر النسائي عن الخشبة. فالمسرح يعكس صورة عن الحياة بما فيها من وضع اجتماعي. والحياة بما فيها من ثنائية طبيعية ذكر/ انثى من المهم أن تترجم على الخشبة دون أن يغيب عنصر عن آخر أو يمتلك مساحة وجود أوسع من الآخر.
والمشكلة الأساس أن التعامل مع المرأة كوجود خاضع للتقاليد المتغيرة وليس خاضعاً لمعيار شرعي ثابت، فالتقاليد ترى فيها جزءً من الرجل، والشرع يرى فيها كياناً ذا استقلالية يملك حق القرار، وهذه التقاليد انسحبت بما فيها من خلل إلى المسرح، بالرغم أن المسرح نسق ثقافي يفترض أن يتحرر من كل هذه القيم، وأن يكون فعلاً تحريضياً على التغيير لا ان ينساق إليها ويكون مساهماً في هذا الوضع المأزوم. لم يقدم المسرح بالتالي الكثير في سبيل تحرير المرأة من قيد الأعراف الاجتماعية الثقيل، فلم يفرد لها مساحة تعبير أكثر اتساعاً لتعبر عن قضاياها دون الانطلاق من الذاتي بل انطلاقاً من الطبيعي والمنطقي في علاقتها بما حولها، ودون الانجرار للأنماط الجاهزة، وبعقلية أنثوية خالصة لم يخضعها الفحل لقوانينه. ونتيجه لهذه الإزدواجيه التي نعيشها يضطر البعض على التحايل على هذا الوضع ويقومون بالإشاره فقط الى المرأه أو بالرمز لها ومرات كثيره شاهدنا فيها نسخاً من( أم عليوي) بديل المرأه الكويتيه في بداياتها المبكره تتسلل لعروض المسرح في السعوديه تعوض ماغاب من صور الأنثى ليكمل العرض مانقص من دراما الحكايه, وكأنها خيال وضمير غائب أو دميه تتراقص أو في صورة رجل يتشبه بالأنثى وهو المحضور الذي وقع به البعض في نظر الهيئه-كما حصل عند عرض مسرحية (أبو فلس) في مدينة صفوى- الذين كانو يملكون الحق في الغاء بعض العروض المسرحيه بحجة تشبه الرجال بالنساء!!كان الاعتراض متجها لتجريم اصل الممارسة، وليس معنيا بطبيعة هذا الدور ورسالته في العرض، فليس ثمة حديث عن تفاهات ولا تشويه ولا حتى ابتذال وانما تشاغلت الهيئة بانكار فعل التشبه لا اكثر، كمنكر اخلاقي، دون النظر الى قضية جوهرية تتصل بالفارق بين المسرح والحياة وضع غريب يدعونا للتساؤل يمنعون المرأه من التمثيل على خشبة المسرح بحجج واهيه وفي نفس الوقت يمنعون الرجال من التشبه بها في هذا المجال لأنهم لايملكون البديل فاضطروا للإحتيال على الوضع. تُرى كيف نتعايش مع هذه الإزدواجيه والتعارض في الآراء!!
لا أنكر هناك مسرح نسائي ولكن وجوده محدود نوعاً ما وسيضطررن هن كذلك الى الإستعانه بالمتشبهات من الرجال وربما هو ماسيوقعهم بمحظورات المتشددين الذين لا نعرف مانفعل لإرضائهم.
الوضع الطبيعي أن يكون هناك مسرح يضم الطرفين ليعبر عن الواقع الحقيقي ومن باب المقوله الكلاسيكيه( فالمسرح مرآة الواقع).
أهمية المسرح في حياة الفرد والمجتمع ودوره في نشر ثقافة التسامح وتقبل الآخر على ماهو عليه:
ذكر الممثل المسرحي الدكتور راشد الشمراني أن الدراما المسرحية مهمة في حياة الفرد وذلك لما تحققه من نتائج إيجابية للإنسان كالتنفيس عمّا يعانيه الإنسان وتعزيز ثقته بنفسه ومعاونته على الانخراط ودمجه في المجتمع الخارجي وكسر حاجز الخجل بالإضافة إلى ثراء المعلومات والمقدرة على التعبير عن النفس بكل يسر وسهولة كما أصبحت الدراما من أقوى الوسائل المستخدمة في العلاج النفسي...
ويقول سمو الشيخ الدكتور) سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقه (
فالمسرح هذا الوعاء الجامع لكل فنون الجمال، ومن لا يتذوق الجمال لا يدرك قيمة الحياة. والمسرح حياة، فما أحوجنا اليوم إلى نبذ كلّ أنواع الحروب العبثية والاختلافات العقائدية التي تؤجج من دون وازعٍ من ضميرٍ حيّ، ومشاهد العنف والقتل العشوائي تكاد تغلف المعمورة بأسرها، مصحوبة بهذه الفوارق الشاسعة بين غنىً فاحشٍ وفقرٍ مدقع، بين أجزاءٍ من العالم المنكوبة بأوبئة لا تتضافر قوى الخير من أجل القضاء عليها كأمراض الإيدز وغيرها من الأوبئة المستوطنة، إلى مشكلات التصحّر والجفاف في ظل انعدام الحوار الحقيقي مع بعضنا بعضًا من أجل العالم الذي نعيش فيه مكانًا أفضل فنحن كبشر زائلون ويبقى المسرح مابقيت الحياه.
من خلال قراءاتي في المسرح منذ عهد الإغريق حتى يومنا هذا أدركت السّحر الكامن في عوالم المسرح في سبر أغوار النفس البشرية ومكنوناتها، وفتح المغاليق التي تحتويها، مما رسخ لديّ قناعة واسعة بأن المسرح بوصفه هذا يشكل عامل توحد إنساني يستطيع من خلاله الإنسان أن يغلّف العالم بالمحبة والسلام، ويفتح آفاق حوارات بين مختلف الأجناس والأعراق والألوان على اختلاف معتقداتهم الإيمانية، فكان عاملاً مضافًا لي في تقبل الآخر على ما هو عليه، وأدركت أن الخير يوحد البشر، وأن الشر يفرقهم) ولا يخفى علينا بأن هناك فئات من المجتمع متعصبه ومستعده لفرض رفضها ولو بالقوه كما حصل في مسرح كلية اليمامه عند عرض مسرحية(وسطي بلاوسطيه) والتي كانت تنتقد تصرفات هؤلاء المتشددين وفكرهم ولكن مهما كان السبب فلايحق لهم أن يتصرفوا بهذه الهمجيه ولكن كلية اليمامه أعادت عرض المسرحيه وسط حضور جماهيري وأمني كبير.
لماذا نخاف من الفن والمسرح:
ربما بسبب أن المسـرح في الوطن العربي في الآونة الأخيـرة أخذ ينحـو منحـى آخـر وأخـذت يد العبث تمتـد إلى خصـوصـيته وتميـزه فتجـعل منه نمـطاً جـامداً محـدوداً يقـتصر على التسـلية الرخيصة مما أدى إلى توصـيل صـورة خاطئة عن المسـرح ودوره في البناء الثقافي للأمـة, أو يكون الخوف حينما يدرك أصحاب السلطات مدى قوة المسرح وجبروته وبخاصه في مواجهة من لايتحمل الرأي الآخر ومحاولة إقصاء هذا الفن أو تهميشه من قبل المتشددين دينياً أو ممن لهم مصلحه من ذلك ماهو إلأا لتيقنهم من الدور الخطير الذي من الممكن أن يلعبه المسرح أو يقوم به في حياة الشعوب من تنبيه للمسكوت عنه والأوضاع الإجتماعيه والإقتصاديه والسياسيه الخاطئه.
الجمهور ودوره في دعم المسرح:
لقد وصف سعد الله ونوّس أهمية الجمهور في بناء الفنون المسرحيه كالتالي:"المسرح حدث إجتماعي لايُكتمل إلا بوجود الجمهور" فكيف بجمهور لايجد مسرحاً يلجأ إليه ليرى واقعه ومشاكله مجسدةً فيه حتى يتم النظر في أمرها لعل وعسى يجد الحل لها , يقول المؤلف المسرحي السعودي موسى أبو عبدالله أن من أحد أسباب غياب المسرح ولو بشكل جزئي هو عزوف رجال الأعمال عن دعم المسرح وعدم وجود قاعدة جماهيرية وعدم وجود مردود مادي من العمل في هذا المجال وعدم تعاون بعض الجهات المسؤولة للنهوض بالحركة المسرحية في السعودية مشيراً إلى عدم اهتمام الإعلام السعودي بالمسرح واتجاهه لدعم الحركة الفنية التلفزيونية فقط وأنا أتفق معه في كل ذلك باستشناء
عدم وجود القاعده الجماهيريه فالقاعده الجماهيريه موجوده والجمهور السعوديهو الرقم الصعب في الخليج العربي وهو جمهور محب للمسرح- ربما الحرمان هو ماجعله يحب هذا الفن ويتذوقه بشكل جيد- ولكنه مازال محروماً منه وهو مستعده ليسافر هنا وهناك لحضور العروض المسرحيه فكيف لاتحضر الى المسرح المحلي -إذا كان موجوداً فعلاً- وربما يرجع السبب الأساسي الى عدم وجود دور عرض كبيره مجهزه لهذا الغرض وهي إن وجدت فبشكل محدود مقتصر على جمعيات الثقافه والفنون والإعلام عنها يكون بشكل محدود في الأوساط المثقفه وفي كل الأحوال فضرورة تدخل الحكومه ودعمها المادي والمعنوي من الأمور الهامه ليرتقي المسرح والفنون بشكل كبير.
مسرح الطفل:
يحدد قاموس "اكسفورد" تعريف مصطلح مسرح الطفل كما يلي:
"هو عروض الممثلين المحترفين أو الهواة للصغار سواء على خشبة مسرح أو في قاعة معدة لذلك".
ويعرف معجم المصطلحات الدرامية مسرح الطفل بانه
"المكان المهيأ مسرحيا لتقديم عروض تمثيلية كتبت وأخرجت خصيصا لمشاهدين من الأطفال. وقد يكون اللاعبون كلهم من الأطفال.
وهناك تعريف هام انتهى اليه الباحث "قاسم محمد" بعد دراسة طويلة
"إن مسرح الطفل يمثل مسرحا من أجل الطفل يقدم فيه راشدون محترفون أعمالا مسرحية ينفعل بها الأطفال المتفرجون. وهذا المسرح يكتبه مؤلف متخصص ويخرجه كذلك ويمثله راشدون متخصصون" "
هل المسرح مهم للطفل؟
وللإجابة عن هذا التساؤل نقول إن مسرح الطفل أداة من الأدوات التي تساهم في الوصول إلى عقل الطفل ووجدانه وتشكل ثقافته وتدربه على كيفيه التعامل مع زملائه، فيساعد بذلك في تنمية الطفل نفسيا ووجدانيا فالدور الذي يمكن أن يلعبه " مسرح الطفل" في هذا الشأن يتجاوز التأثير الذي تلعبه القصة، بسبب ما يتمتع به العرض المسرحي من عناصر إبداعية متنوعه ومن المعيب فعلاً أن يظل المسرح بعيداً عن المنهج الدراسي طوال هذه الفتره.
وأكد
المختص في علم النفس التربوي الدكتور محمد كرم الله أن نجاح العملية التربوية مرهون ليس بكم المعارف والمعلومات التي يتلقاها الطفل أو المتعلم، وإنما بكم ما يدار من عمليات تربوية أخرى وأنشطة تساهم في بناء شخصية الطفل سواء في المجال الفني أو الاجتماعي أو النفسي وغيرها من المجالات، بل إن النقد الذي يوجه الآن من قبل عدد من التربويين للعملية التربوية الحديثة هو أنها مازالت حتى ألان تهتم بحشو ذهن الطالب بالمعلومات من غير الاهتمام الكافي بجوانب أخرى ذات أهمية أكبر متمثلة في بناء تلك الجوانب من شخصية الطالب، التي تمثل الأساس ككل جوانب الاكتساب التالي، ومن ضمن هذه الأنشطة التي تمثل بعدا تربويا هاما النشاط المسرحي الذي يصنف إلى مسرح الطفل، والمسرح المدرسي، ويقصد بمسرح الطفل تلك الأنشطة المتخصصة التي يقدمها المحترفون المتخصصون للأطفال، بينما المسرح المدروس هو جزء من المنهج المدرسي الذي يمثل مختبراً تظهر من خلاله قدرات الأطفال الفنية ومواهبهم في هذا المجال.
أيضا فإن المسرح يعمل على تنمية الذوق الجمالي بالنسبة للطفل ويرقق أحساسة ويقوي ملاحظاته،ينمي موهبته مما يجعله يسخر هذه الطاقات الجمالية والذهنية ويوجهها التوجيه الصحيح وقد يمثل المسرح المدرسي لبنة لخلق وتوجيه مواهب الأطفال الذين يمكن أن يحملوا فيما بعد لواء العملية الفنية التي تمارس بوعي وإدراك وتخدم قضايا المجتمع، وهذا هو الفن الراشد الذي نبحث عنة ولا يمكن الوصول إلية إلا من خلال عملية منظمة وموجهة تربويا على النحو الصحيح من مستوى التعاون واكتساب المهارات فان العرض المسرحي وتنفيذ متطلباته يفرض على التلاميذ نوعا من المشاركة في مختلف أنواع الفنون والأعمال والأنشطة المرتبطة التي يتطلبها العرض مثل تشغيل الإضاءة وصناعة الديكور والخدع المسرحية.
ماهو المطلوب:
وعلينا أن نشير أولاً إلى أن أهم قضية تواجه هذا المسرح هي قضية الاعتراف به، فهو يشكو ليس من قضية إهماله فقط بل من قضية تذويب اسمه خلف اسم آخر هروباً من تسميته باسمه الحقيقي الذي ولد به وعرف به فما معنى أن يطلق عليه النشاط الثقافي كغطاء ثم ما يمارس تحت هذا الاسم النشاط المسرحي هل يحمل لنا ذلك دلالات مفيدة حول مدى اهتمام وزارة التربية والتعليم بموضوع المسرح بشكل عام والمسرح المدرسي بشكل خاص
إنشاء معاهد وجامعات لدراسة المسرح تأليفاً وتمثيلاً وكل ماله علاقه بالمسرح وتوظيف خريجيه في المدارس حتى يكون هناك من هو كفؤ ومسؤول عن النشاط المسرحي في المدرسه وأتمنى بالفعل أن يأتي اليوم الذي نجد فيه مسرحاً في كل مدرسة- حينا فقط سنتخلص من البيوت المستأجره التي تستخدم كمدارس- وأن يشارك هذا المسرح بشكل فاعل في رفع الوعي الاجتماعي وذلك بمشاركة أولياء الأمور وأبناء الحي الذي توجد به المدرسة في حضور فعالياته عن طريق إقامة المسرحيات في الفترة المسائية ليكون للمدرسة حضورها الاجتماعي الذي فقدناه لفترة من الزمن.
فالمسرح يحتاج الكثير للوقوف على قدميه لكي يحاكي الواقع ويقدم نجوماً جدداً يقدمون الإبداع الفني والمسرحي من تفعيل دور الجمعيات الى إنشاء معاهد مختصه بتخريج المسرحيين وصرف مرتبات لهم من الدوله ,ومن جهته قال المخرج المسرحي هشام الأفندي "لابد أن يقتنع أصحاب القرار بأهمية المسرح" مشيراً إلى "ضرورة أن يشارك أساتذة المسرح في طرح تصورات تساهم في تطويره
".
وأضاف "لقد سئمنا من الوصاية الزائفة علينا كمسرحيين من أولئك الذين لا يفقهون شيئا في المسرح فالمسرح ليس قراراً إدارياً يخرج من خلف المكاتب، المسرح قرار شعبي واجتماعي لا يحمل رقماً وتاريخاً وختماً وتأشيرة صغيرة في أسفل الصفحة تقرر مصير مسرحية بها حياة كاملة.