ضم ابنك الى صدرك
بسم الله الرحمن الرحيم
لوحظ ان في عصرنا الحاضر العلاقة بين الآباء والأبناء قد فٌقِدت ولكن ياترى لماذا..
لماذا فُقدت هذه العلاقة الحميمه بين الآباء وأبنائهم ؟
دعونا نتفق أولاً أن عملية التربية دون نفوذ الأهل وهيبتهم ، أي دون مكانتهم داخل الأسرة كالبحّار في قارب بدون شراع ، و بدون دفة في بحر الحياة العاصفة. و أقصد بالهيبة جدارة الكبير غير المشكوك فيها ، و قوته ، و قيمته كما تراها عيون الأطفال … وما دامت هيبة الأهل أو مكانتهم ضرورية , فمن الهام جدّاً أن يبرز عمل الأب والأم أمام الطفل عملاً جدّياً يستحقّ الاِحترام , وأن تكون فضائل الأهل في عيون أطفالهم ذات قيمة حقيقيّة.
يقول "مكارينكو " :
" لا تعتقدون أبداً انّ تربيتكم لطفلكم تكون فقط عندما تتحدّثون معه أو تعلّمونه, أو تأمرونه بشيء معيّن . أنتم تقومون بتربيته في كلّ لحظة من حياتكم , في حضوركم وفي غيابكم , كيف تلبَسون , كيف تتكلمون مع الآخرين وعن الناس الآخرين , كيف تفرحون ,تحزنون , كيف تتعاملون مع أصدقائكم أو أعدائكم , كيف تضحكون , وحتّى كيف تقرأون الجريدة .. كلّ هذه الأمور لها أهمّية كبيرة للطفل "
غالباً ما يتردّد السؤال ماذا نفعل مع الطفل اذا لم يسمع الكلمة , اذا لم يطع ؟
كلمة لا يطيع تعني أنه ليس للأهل مكانة في عيون أطفالهم .. تعني أنه ليس هناك علاقة صحيحة بين الآباء والأبناء , تعني فقدان الحوار بينهم .
لكي يتضح مفهوم هيبة الأهل والعلاقة الصحيحة في الأسرة, سأتحدث الآن عن أساليب خاطئة يلجأ اليها الأهل ظنّاً منهم أنهم بها يحقّقون مكانتهم ويبنون علاقة حوار مع أطفالهم , وبالتالي يحقّقون تربية صالحة …
ما هذه السياسات الخاطئة ؟
1- سياسة إملاء الشروط ( التحكّم ) :
و المقصود هنا سياسة الآباء الطغاة الذين يمارسون الإستبداد في عائلاتهم … إن التجكّم بالعائلة يسحق الإستقلالية والشعور بالكرامة الإنسانية عند بعض الأطفال. لا أحد يجادل في حقّ الأهل على أطفالهم انطلاقاً من أهداف التربية , ومعايير قيمنا وأخلاقنا , لكنّ اتخاذ أيّ رأي أو قرار على الصعيدين التربوي والأخلاقي ينبغي أن يقترن بالإحترام والثقة ….. إذا لم تحترم شخصاً ما لا يمكنك أن تقوم بأيّ عمل من أجله…
والاهل الذين يفضّلون الاوامر ولإلزام سيصطدمون لا محالة بمقاومة الطفل الذي سيردّ على الضغط والإكراه , وعلى التهديدات وأجراءات التأثير القاسية بإجراءات مضادة ؛ كالخداع والمراءاة , و أحياناً بثورات من الغضب قد توصل الى الكره العلني للآباء . النفوذ الأعمى للأهل وتجاهل اهتمامات الطفل , وحرمانه من حقه في الكلام عند معالجة بعض المسائل المتعلّقة به , كفيل بالإخفلق في تشكّل الشخصيّة عنده ..
يقول أحد المربّين ما معناه :
ان مساحة السيطرة الأبويّة يجب أن تكون ضيّقة حتّى تتيح للأطفال فرصة تكوين شخصيّة خاصة , وذوق راق وإبداع فعّال . الحسم الحازم الواضح والدقيق مع الأبناء ينتج أطفالاً أسوياء سعداء وحياة أسرية يسودها السلام .. الأب المحبّ الحازم الحاسم , المتسامح من دون تزمّت هو الأب الذي يعرف أن إحساسه يتجه الى إنضاج إبنه بالتفاعل , لا بالقهر , وبالتفاهم لا بالقسر , بالحنان لا بالامبالاة ..
2- سياسة الوصاية :
إنّ سياسة إملاء الشروط والوصاية ظاهرة واحدة من حيث الجوهر , لكنّهما تختلفان بالشكل . فالوصاية تفترض العناية , إبعاد المصائب , المشاركة ا للطيفة , لكنّ النتيجة هي نفسها , إذ تغيب عند الأطفال الإستقلالية , ويبعدون عن معالجة المسائل التي تخصّهم شخصيّاً , فكبف بالأحرى , المسائل المتعلّقة بالأسرة . ويوضع الطفل في موضع عاجز وصغير .. والطفل الخاضع للوصاية يبعد عن الأعمال الصعبة وعن المسؤوليّات . إنّ الأهل الذين يقلقهم مصير أولادهم كي لا يقع على عاتقهم أيّة صعوبات , إنهم يرفضون الإعداد الجدّي للطفل لمواجهة الواقع خارج حدود المنزل…
3- سياسة المواجهة المستمرّة :
عندما يكون العداء والحرب زوّاراً دائمين في العائلة , من الصعب بناء أيّة علاقة بين الآ باء والأبناء, وبالتالي حلول السلام بين هذه الأجيال, إذ تتراكم الحساسيات والمثيرات , وتزداد الإساءات المتبادلة , وتجبر المواجهة المستمرّة الأطراف علىملاحظة الجوانب الضعيفة للآخرين والمبالغة فيها . وتبدأ الشماتة بحجّة الإخفاق أو الأذيّة التي يلقيها كلّ منهم على عاتق الآخر . وتستمرّ الحرب الباردة حتّى يكبر الاطفال , ويبدؤون بالوقوف ضدّ أخلاق الخنوع والذلّ, وينتقلون بعدها الى الحرب الساخنة , ويتحوّل الإخفاق التربوي الى إ خفاق للأسرة ….
4- سياسة التعايش السلمي :
التعايش السلمي هنا من منطلق عدم التدخّل في شؤون الأطفال . الجميع هنا يبدون لائقين متأدّبين , لكلّ منهم أعماله , مشاكله , صعوباته , نجاحاته , الاهل يعملون والأولاد يدرسون , لكلّ منهم جوّه الخاص , ومجاله من النشاط . لا أحد يتخطّى الحدّ الفاصل , بالرغم من وجود بعض الأخطاء , أو سوء التفاهم . ويبدو الأهل مسرورين لأنهم يأخذون جانب الحياد …. إنّ الفصل بين عالم الطفل وعالم ا لكبار يعتمد غالباً على قاعدة تربويّة تقول :
ليترعرع حرّ اً مستقلأ خالياً من القيود والأغلال … تكمن في أساس هذا النوع من العلاقات سلبيّة المربّي ( أباً أم أماً ) الذي يمتنع عن التدخّل الفعلي , مفضّلاً التعايش السلمي …. والعائلة هنا لا تعتبر بالنسبة للطفل مركزاً للجاذبيّة أو مركزاً عائليّا , ولا تعنيه حياة أهله على الإطلاق , لا أفراحهم ولا أتراحهم …
5- سياسة البعد ( أو ترك مسافة بين الأهل والأطفال ) :
هناك بعض الآباء وحتّى الأمّهات ممن يعتقدون جدّياً بأنه لكي يترعرع الاطفال مطيعين عليهم التقليل من الكلام معهم ( خصوصاً الأب ) , فيخلقون بينهم وبين أطفالهم مسافات مفترضين انهم بذلك يوحون للأطفال بضرورة احترامهم , وبالتالي يثبّتون مكانتهم .. والأب في هذه الحالة غالباً ما ينقل أوامره لأسرته عَبْرَ الأم … ويوجد أيضاً بعض الأمهات اللواتي لديهنّ حياتهنّ الخاصة , وإهتمامتهنّ وأفكارهنّ التي تبعدهنّ عن أطفالهنّ حيث ان الأطفال يدورون في هذه الحالة في فلك جدّ اتهم أو أقربائهم .وواقع الأمر أن مكانة " المسافة " ليست مكانة ..
6- السياسة المرتكزة على القمع أو الكبح :
يقول " تولستوي:
" " إنّ الإكراه في التربية أو استخدام العنف يكون فقط نتيجة التسرّع وعدم الإحترام الكافي للطبيعة الإنسانية " .
إنّ الأب الذي يَحْنق من كلّ شيء حتّى من الأمور التافهة التي يقوم بها الطفل ويستشيط غضباً , ويهدّد ويتوعّد , وفد يسارع الى العصا , بغضّ النظر إن كان هذا السلوك يستدعي العقاب أم لا ويجيب عن أسئلة ابنه بفظاظة , ويعاقبه على كلّ خطيئة , تلك هي هيبة القمع .
تعيش الاسرة في هذه الحالة على أعصابها دائماً …..هذا النوع من العلاقة يسبّب الضرر , لا لأنه يرعب الأطفال فقط , بل لأنه يضع الأم على الهامش وكأنها غير موجودة , وتنحصر وظيفتها في القيام بخدمة الأسرة …. الام التي تتحوّل الى خادمة تفقد روعة وبهاء حياتها الشخصيّة العامرة , وتصبح أمّاً فاقدة القيمة, كما أنّ الأم التي تنحصر واجباتها في خدمة أطفالها فقط , تصبح عبدة لهم , وليست أماً مربيّة … والطفل الذي ينشأ في بيت تقوم فيه المرأة بكلّ العمل , ويقوم فيه الرجل بالكسل , وإ صدار التعليمات , هو طفل ينظر الى دوره كإمبرطور كسول يطلب رضوخ كلّ من حوله له.. إنّ هذا النوع من العلاقة أيضاً تعلّم الأطفال تحاشي الاباء الظالمين , والتعوّد على الكذب والجبن وتربّي عندهم القساوة .. ومن هؤلاء يخرج الأطفال المظلومون المقهورون , ويصبحون في المستقبل تافهين ساذجين لا يصلحون لشيء أو طغاة يحاولون طوال حياتهم الإنتقام لطفولتهم المقموعة .. هذه العلاقة تلاحظ عند الأهل غير المثقّفين…
7- السياسة المرتكزة على الكبرياء :
الأهل هنايعتبرون أنفسهم شخصيات محترمة مهمّة جدّاً , ذات مكانة إجتماعية , يظهرون هذه الأهمّية في كلّ خطوة من خطواتهم حتّى مع أطفالهم , فهم يتحدّثون دائماً عن مآثرهم ويتعالون على الناس الآخرين . وغالباً ما يتسرّب ذلك الى الأطفال الذين يبدأون بالتشدّق أمام زملائهم بكلمات التبجّح (أبي مدير عام مهمّ – أبي شخصيّة مشهورة – أبي وزير – أبي ضابط ….الخ..).
أبناء هذه الأسر قد يصلون الى مرحلة يضربون بها عرض الحائط كلّ المعايير والقيم الإجتماعيّة السائدة , لانهم يشعرون , عن جهل , أنهم أكبر من هذه المعايير …
هذا النوع من الكبرياء نصادفه عند بعض الأمهات اللواتي يتفاخرن دائماً ؛ فستاني الجديد أحضرته من فرنسا أنا لا ألبس من هنا لأن الثياب هنا ككستيم المدارس , أنا أعرف فلانة , أنا ألعب البريدج في الميريديان ….كلّ هذه الأمور تعطي الأم الأساس لكي تنفصل عن معظم الناس الآخرين وحتّى عن أطفالها ..
8- السياسة المرتكزة على التدقيق في الشكليات :
يُيعير الأهل الكثير من الإنتباه , في هذه الحالة , لأطفالهم ولكلّ تصرّفاتهم , وهم على ثقة بانّ أطفالهم ينبغي أن يطيعوا كلّ كلمة من كلماتهم دون تردّد , وكأنّ كلمتهم شيء مقدّس , يعطون أوامرهم بكلّ برود وهدوء , وبمجرّد إنتهائهم من إعطاء الأمر يتحوّل الى قانون .
انّ هؤلاء الآباء مرهوبوالجانب و لا يتجرّأ الأطفال حتّى على التفكير بأنّ آباءهم يخطئون .
والأب في هذه الأسرة إذا ما عاقب الطفل على أمر , واكتشف بعد ذلك بأنه غير مذنب فإنه لا يغيّر من عقابه شيئاً . وهؤلاء الآباء يرون في كلّ خطوة يخطونها أطفالهم مخالفة للنظام , ولذلك يرهقونهم بالاوامر , والطفل إذا ما شعر بضغوط من الإنتباه الزائد من أمّه وأبيه , فإنه يتعثر في كلّ عمل يقوم به , وبالتالي يفقد الثقة بنفسه , وتمرّ حياته وإهتماماته ونموّه من دون أن يلاحظها الأب , لأنه لا يرى سوى قيادته البيروقراطية في العائلة …
ينصح الدكتور سبوك هؤلاء الآباء بقوله :
" إنتبها أيّها الأب والأم الى ضرورة التقليل من المراقبة الصارمة للأطفال , التقليل من التحذيرات , التوجيهات , الممنوعات , التوبيخ الاوتوماتيكي " .
ويركّز على الطفل الأوّل فيقول :" إنّ الطفل الأوّل يعاني من الثقل الشديد على أكتافه الصغيرة .
(الإهتمام الجشع من أبوبه وكلّ من حوله بما يفعل ) ولذلك لا يستطيع أن يكوّن شخصيّة مستقلّة بالنسبة للوالدين ". ثمّ يضيف : " يحتاج الطفل الى أن تحبّه وأن تحتضنه لا أن نحاصره , يحتاج الى الرعاية الممزوجة بالثقة , يحتاج الى أن تعلّمه كلّ جديد دون أن تكرهه . بإختصار لا تجعل أكتاف طفلك ملعباً تلهو فيه بكرة القلق الزائد " …
9- السياسة المتركزة على الوعظ :
يضيّق الأهل جدّا في هذه الحالة على حياة الأطفال بإرشاداتهم ونصائحهم اللانهائيّة ,إنّ الأهل هنا واثقون بأن رأس الحكمة التربوية موجود في هذه النصائح . في أسرة كهذه يقّل الفرح , الإبتسامات , ويسعى الأهل ما في وسعهم أن يكونوا طبيعيين , وان لا يخطئوا أمام أطفالهم , ولكن يغيب عن بالهم بأنّ الأطفال ليسوا كباراً , ولهم حياتهم الخاصّة , والواجب احترام هذه الحياة .
الطفل أكثر إنفعاليّة وأكثر شغفاً من الكبار في كلّ شيء , وأقلّ ما يشغل باله هو المحاكمات العقليّة , والمناقشات …. لأنّ عادة التفكير يتملّكها الطفل بالتدريج وببطء . أمّا التشدّق الدائم للأهل بالكلام لا يترك أثراً يذكر في وعي الأطفال , ولا يرى الأطفال في وعظ الأهل الدائم أيّة أهميّة …
10- السياسة المرتكزة على الحبّ :
إنّه النوع الأكثر إنتشاراً من أنواع العلاقات الأسرية الكاذبة , ….وسأوضّح …
يعتقد الكثير من الأهل بأنه ينبغي على الأطفال لكي يطيعوا أن يحبّوا أهلهم , ولكي يكون الأهل جديرين بهذا الحبّ عليهم أن يظهروه في كلّ خطوة من خطواتهم … الكلمات اللطيفة , القبل اللانهائية , البشاشة , الإمتنان , كلّ ذلك ينهال على الطفل بكمّيات هائلة . وإذا صادف ورفض الطفل أحد الأوامر يقولون له مباشرة : هذا يعني انك لا تحبّ البابا , أولا تحب الماما مع متابعتهم بغَيْرة زائدة للتعابير التي ترتسم على وجوه أطفالهم . ( تلجأ بعض الأمهات وبحضور الأطفال الى التحدّث مع الجيران عن الطفل : انه بحبّ أباه كثيراً ويحبّني أيضاً هو ولد لطيف , مطيع ).
غالباً ما تغوص هذه الأسر في بحر من العواطف والمشاعر الرقراقة , غير ملاحظين حتّى الأمور الصغيرة في التربية العائليّة . في هذا الجوّ تترعرع الأنانية العائلية . ويتعلّم الأطفال بكلّ سهولة انه يمكن خداع أهلهم , شرط أن يجري ذلك بعبارات رقيقة , كما ويتعوّدون مستقبلاً استرضاء الناس ومداراتهم لكي ينالوا حُظوتهم ..
إنه نوع خطير من أنواع العلاقة لأنه يُنشىء ضمن الأسرة اناساً أنانيين كاذبين , ومع الناس مداهنين ومراوغين ….
11- السياسة المرتكزة على الصداقة :
يتفق الأهل أن يكونوا مع الأطفال أصدقاء لهم . عموماً هذا جيّد , فالأب يصادق ابنه والأم تصادق ابنتها , ولكنّ الأهل يبقون الأعضاء الكبار في العائلة , الذين يقومون بالتربية , والأطفال يبقون صغاراً ويخضعون للتربية … الى هنا الأمور جيّدة , لكن إذا تخطّت الصداقة حدودها , فإنّ التربية تتوقّف وتبدأ عملية عكسية , يبدأ الأطفال بتربية آبائهم . ويمكننا أن نلاحظ أمثال هذه الأثر وسط المثقّفين …
وغالباً ما ينادي الأطفال في هذه الأسر آباءهم بأسمائهم من باب التحبّب .ويقاطعونهم مرّات كثيرة بخشونة
( يقول الأبن للأب شو ها الحكي يا بابا هذا غير صحيح , من يسمعك ماذا سيقول عنك , ماما كفاك مبالغة لم تجري الأحداث هكذا ….اخ…) لا لأنهم يقصدون تصغيرهم فعلاً , بل لأن الهيبة والإحترام كانا قد تسرّبا تدريجيّاً مع نموّ علاقة من هذا النوع ..
يقول الدكتور سبوك :
إنّ احترام الآباء للأبناء أمر أساس وهام . هذه هي الحقيقة النهائيّة التي يمكن أن نستخلصها من كلّ القواعد والنظريّات التي ظهرت في النصف الأخير من القرن العشرين .
لكنّ الإحترام لا يجوز أن يتحوّل الى ستار نخفي وراءه ضعفنا , أن نهرب خلفه من ممارسة مسؤوليتنا نحن الآباء , وليس جائزا لنا أن نكبت غضبنا بدعوى أننا نخشى على الأبناء من الكبت فنعيش في حالة غيظ , ويعيش الأبناء في حالة استهتار, كما أنه ليس جائزاً لنا أن نحوّل غضبنا الى قسوة مبالغ فيها بإهدار إنسانية الأبناء , لأن هذا الإهدار يزرع في نفوسهم التشاؤم ويلقيهم في أحضان الإحساس بفقدان القيمة والإعتبار …
لتبدأ ببناء صداقة حقيقيّة مع ابنك . لتبني حواراً بنّاء عليك أن تقاوم أيّ ميل للإنتقاد أو اللامبالاة بما يقوله الإبن ….
12- السياسة المرتكزة على الرشوة :
فيها يتِمّ شراء الطاعة بالهدايا والوعود الطيّبة . يقول الأب مثلاً : إذا أطعتني وفعلت ما قلته سوف أشتري لك لعبة , أو سوف آخذك الى مدينة الملاهي . هذا التصرّف لا ينفي اسلوب التشجيع , لكنّ الخطأ يكمن في إعطاء الجائزة للطفل جزاء طاعته و جزاء علاقته الطيّبة بأبويه …
قد تقدّمون له جائزة كمكافأة على علامات جيّدة حصّلها , أو عمل صعب كلّف به وأدّاه , وهذا هو أسلوب التشجيع , أما الحصول على الجائزة أو الوعود بشكل مسبق , فهذه هي الرشوة بعينها .
لقد تعرّفنا على عدّة أنواع من السياسات أو العلاقات غير السليمة أو الصحيحة . بقي أن نذكر هنا أنه يحدث أحياناً أن يتمسّك الأب بنوع من أنواع العلاقات , وتتمسّك الأم بنوع آخر , فأطفال هذه الأسرة يصبحون دبلوماسيّين ويتعلّمون المناورة تارة باتجاه الأب وتارة اخرى باتجاه الأم