فلا تجعلي لنفسك شأناً مع أهل الصلاح .. هل تعرفي لماذا أقول ذلك؟؛ لأنك لو وفقتي لطاعات عظيمة لا تقولي رمضان صراحة الحمد لله هذه السنة خمس ختمات ... عشر ختمات .. عملت كذا سويت كذا .. الحمد لله نحن أحسن بكثير .. وتحسي أنكِ لو جاءكِ أحد تقولي لها: يا أخت ختمتي كم ختمة في رمضان؟، تقول لكِ: الحمد لله ختمت ختمتين، تقولي: هه هه ختمتين ختمتين اه جزاكِ الله خيراً ما شاء الله .. وتشعري أنكِ أفضل منها بكثير .. فترين لنفسك شأناً .. وهي ممكن بهاتين الختمتين يكون ربنا جعل في كل حرف مما قرأته سبعمائة ضعف وتكون هي معها ألف وأربعمائة ختمة وأنتِ لم تحصلي .. خمس ست ختمات وما يدريكِ؛ لأن ما في قلبها أعلى مما في قلبك .. أنتِ مشغولة بعملك ولا تريدين إصلاح ما بداخلك، ولو سمعتِ من هنا حتى الصباح دروس في معاصي القلوب وفي إصلاح القلوب .. تقولي: صعب أعطنا أشياء عملية لو قلت لنا أي شيء عملي .. نصلي كذا نعمل كذا نسوي كذا شغالين، إنما ستقول لي: تواضع وتقول لي تأكلي على الأرض ونامي على الأرض وتأكلي أي أكل وتشربي أي شرب وتتصدقي ببعض الفساتين لديكِ صعب .. ليس هذا هو الدين صراحة يا جماعة ، إن الله جميل يحب الجمال، إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده .. لكن عندما يقول لكِ أحد البذاذة من الايمان، تقولي ليس هذا المقصود .. المقصود يعني أن ألبس لبس عادي .. ولا، ليس قصد النبي هكذا بالتأكيد .. ولماذا لا يكون هذا قصده .. لماذا تفعلي ذلك هذا بسبب الكبر الذي بداخلك؟،
لأن بداخلك آفات لا تريدين أن تتخلصي منها .. لأنكِ اعتدتي على الخطأ .. لأن كل من حولك يقعون في الخطأ
وممكن تقول: يعني حضرتك كيف يعني نطبق هذا الكلام .. ثم أنا عمري ما سمعت هذا الكلام .. أنا لم أرى المشايخ يفعلون هذا الكلام .. أنا لم أرى الأخوات الكبار يفعلون هذا الكلام .. أنتِ تريدين أن تهربي، يقام عليكِ الحجة فتريدين الهروب .. تريدي أن تتنصلي، لماذا تشعري بنفسك هكذا ؟ من أنتِ ؟ هل عرفتِ من أنتِ أم مازال داخلك الإحساس بأنكِ شيء؟ ..
لا تجعلي لنفسك قيمة، قيمتك أنكِ مسلمة .. عزتكِ بإيمانك .. عزتكِ وفرحك بأن ربنا اصطفاكِ
هذا هو الفرق، أنا أريدك عزيزة النفس .. لكن عزيزة النفس كيف؟؟ .. عزيزة النفس بأمور الدنيا! ..
عزيزة النفس بأنك دائماً تشعري أن المؤمنة لا تقوم بسفاسف الأمو،ر لا يمكن تكون على هذه الأخلاق أو تتصرف بهذه السلوكيات
هذا معنى إيمانك .. لا، لأنكِ فلانة تعملي وتسوي ..
من أنت؟ أنتِ أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنتِ بين هذا وذاك تحملي العذرة ..
هذا هو أنتِ، فتواضعي بألا تعرفي قدر نفسك
سابعاً: تواضعي في التعامل مع أقرانك
ما معنى أقرانك؟ .. أنتِ عمرك عشرين سنة .. أنتِ عمرك خمسة وعشرين سنة .. عمرك ثلاثين سنة .. فدائماً أصحاب السن الواحد ينظروا لبعض، وتجد فلانة تزوجت على أنها ليست أجمل منكِ لكنها حظوظ .. حسد خفي .. ونشتغل وفلانة في كلية كذا وأنتِ كلية كذا .. أنتِ طبعاً درستي في مدارس لغات وهي درست في مدارس عادية .. أنتِ دخلتي كلية من كليات القمة وهي دخلت كذا .. أنتِ تتكلمين الإنجليزية كما تتكلمين العربية بالظبط .. يمكن لا تحسني التكلم بالعربية أصلاً، ولا تكتبي عربي وتكتبي الإنجليزية كاسمك .. وما شاء الله أحسن من الأمريكان نفسهم وأحسن من الإنجليز وتعرفي تنطقي بعدد من اللغات ..فدائماً أنتِ ترين أنكِ لكِ، فلما البنت الأخرى التي في نفس عمرك .. فهي أقل منك في أشياء كثيرة، فدائماً تريدي أن تشعري أنكِ أفضل منها وهذه طبيعة البشر .. لذلك العلماء قالوا: كلام الأقران (الناس المتماثلين) يطوي ولا يروي .. إنما دائماً لو أنكِ تعرفين ما معنى تواضع، فترين دائماً نفسك بنفس العين أن لا قيمة لكِ فلا تتكبري ..
فلا تتكبري على من هو في مثل عمرك، ولا تنظري إلى نعم الله التي ينعم بها على غيرك .. إياكِ أن تقولي { أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا} الأنعام53 .. أخت من الأخوات اشتكت لي وقالت لي: بعض الناس الذين أعرفهم ختموا القرآن وأنا للأسف حتى الآن لم أختم .. وسبحان الله يعني على أن الأخت أخلاقها ليست هكذا، ويعني تصرفاتها كثير يوضع عليها كذا علامة خطأ وكذا علامة استفهام فأنا لا أفهم بصراحة، على أني أدعو الله كثيراً لكن ظروفي لا تسمح أن أختم .. هي تنظر إليها لأنها في نفس عمرها ونفس المجلس، لماذا هي تختم؟؟! .. هذا حسد خفي وناشىء عن الكبر .. الذي هو القلب .. هي ترى أن أختها أقل منها ..
رأيتم ماذا يعني غمط الناس؟! .. أنتم تفهمون غمط الناس خطأ، أنتم فاهمين احتقار الناس خطأ .. إنما هو الأخت التي ترى نفسها أفضل من غيرها، ولكن الأمور لم تيسر لها .. فهذه الأخت تنظر إلى أختها في الله، وتقول أن أمورها تيسرت وتزوجت ومع أنها ليست جميلة .. فهي تنظر إلى قرينتها بعين الازدراء ..
أما الأخت المتواضعة فهي دائماً لاتنظر إلى غيرها، هي تنظر إلى ربنا فقط .. هي تتعامل مع الله فقط ..
هي لاترى هذه الآفات في داخلها .. هي تعرف نفسها، وتقول: ربنا يسترنا يكفي ذنوبي .. ذنوبي التي حرمتني من كل نعمة، هي التي حرمتني من الزواج والمال وأيضاً تحرمني من النعم التي أنعم الله بها علىَ .. ربنا يسترني ولا يفضحني.
ثامناً: التواضع لمن هو دونك
الأخت الملتزمة لها فترة كبيرة في طريق الالتزام، وعندما تأتي أخت أصغر منها سناً وفي أول طريق الالتزام تنصحها في الله .. مثلاً رأت منها أنها تغضب سريعاً أو طريقة كلامها غير سوية .. فالأخت تتكبر على الأخت الأصغر منها سناً ولم تقبل نصحيتها .. أما الأخت المتواضعة فإذا رأت أحد ينصحها، أصغر منها سناً أو أقل منها قدراً .. فلا تحقرها، بل تكون سالمة القلب .. وعندما ترى سنها أصغر منها، تقول أكيد هي أقل مني ذنوب وتدعو لها بسلامة القلب .. وعندما ترى أخت أعلى منها في العلم، تقول أكيد هي فهمت عن ربنا أكثر مني .. أكيد هي ملتزمة قبلي .. فهي لا ترى لنفسها شيء، دائماً تتذكر أن ممكن يكون في عملها رياء أو عجب يحبط عملها .. دائماً ترى أنها المذنبة وتراها منكسرة ودائماً لا ترى إلا عيب نفسها.
تاسعاً: من التواضع، ألا يًعظُم في عينك عملك
إن عملتِ خيراً أو تقربتِ إلى الله بطاعة، فإن العمل لا يقبله الله إلا إذا كانت في أركانه من الإخلاص والمتابعة للنبي محمد ؛ أنتِ مخلصة؟ اسألي نفسك؛ لكي لا تأتي يوم وتقولي عملت {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } المائدة27، أنتِ تقية؟ كان بعض السلف يقول "لو أعلم أن الله قبل مني تسبيحة لتمنيت أن أموت الآن" .. لأن الله يتقبل المتقين .. إذاً لا تنظري إلى عملك، فهذا ليس حال الفقيرة إلى ربها.
عاشراً: تحملي أذى الناس
لو أخت للأسف ليست على الخلق الكريم وتطاولت عليكِ، وتكلمت في حقك كلام غير سوي .. أول شيء تعامليها بنفس الأسلوب، فهذا لا يكون من سمت الأخت الملتزمة. . فإن أوذيتِ أو شخص أخذ من حقك فلا بأس .. سعيد بن جبير عندما دخل على الحجاج, الحجاج رأس الظلم وقتله، قبل ما يحدث ذلك قال له كلمات رائعات: أنا أستحق أن يحدث لي ذلك، وأن يلحقني هذا العذاب، وهذا الأذى بآفاتي وعيوبي ومنكراتي ومعاصيَّ وسيئاتي .. لذلك لو حدث معكِ ذلك، يتعامل مع الناس بالعفو .. يتعامل مع الناس بخلق السماحة والتسامح ..صحيح أنه في الشرع أنكِ إذا أوذيتِ تعاقبي بمثل ما عوقبتِ به، لكن وأن تعفو أقرب إلى التقوى.
حادي عشر: ألا تتوقي ولا تبتعدي من مجالسة المرضى والمعلولين، كبراً منكِ وترفعاً
عن جابر بن عبد الله قال: أخذ رسول الله بيد مجذوم .. الجذام مرض جلدي يكون صعب على الجلد .. فأدخلها النبي معه في القصعة، قال له: كُل بسم الله ثقةً بالله وتوكلاً على الله .. النبي أراد أن ينفي عن نفسه ذرة الكبر؛ لكي يكون محقق لمعنى التواضع العالي.
ثاني عشر: إجابة الدعوة ولو إلى أيسر شيء
بمعنى لو أخت في الله دعتك إلى زيارة مريض أو دعوة أي أخت لكِ على طعام، عقد عليكِ أن تجيبي الدعوة لو إلى أيسر شيء حتى لو كانت الدعوة أقل من مستواكِ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ" [صحيح البخاري] .. هذا هو يا أختاه الذي يحقق لكِ التواضع.
بعض الطرق التعبدية التي من خلالها تزيدي في التواضع
1) عليكِ بالزيادة من السجود .. خاصة لأن السجود يمثل الذل والانكسار إلى الله تبارك وتعالى .. اسجدي انكساراً وتواضعاً في صلاة النوافل .. محتاجين أن نسجد كثيراً، محتاجين سجدة تكون طويلة أنــاجي فيها ربي ويكون دعاؤنا جميعاً: أن الله يسلل سخائم صدرونا كما كان النبي يدعو .. يـــا رب استل من صدورنا وقلوبنا هذه الآفات .. محتاجين أثناء الدعاء أن تكوني واضعة أمامك أن لا يحق لكِ أن ترفعي يدكِ، لكن لأن ربنا يحب أن ترفعي يدك وتسألي ربنا .. تكون عينك في الأرض ورأسك مطأطأة ذلاً وانكساراً إلى الله، وتقولي لربك:
يــا سيدي يــا مولاي أجبر كسري لك .. أجبر كسري بين يديك، وذلي وافتقاري لك .. يــا رب لا تحرمني منك، ولا تحرمني لذة قربك .. يــا رب اجعل قلبي يسجد بين يديك .. يــا رب علمني التواضع .. علمني الذل .. علمني الانكسار .. يــا رب اجعلني هكذا، من أعبد خلقك لك ومن أكثرهم تواضعاً لك .. يــا رب اجعلني خافضة الجناح للمؤمنين والمؤمنات .. يــا رب اجعلني ممن تحبهم ويحبونك، فيكونون أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ..
يــا رب أنا غلبانة والمسكينة إليك .. أنا الفقيرة يـــا رب بين يديك وأنت الغني .. يــا رب أنت الغني عني .. يــا رب يـــا رب يــا كريم يــا جواد يــا عزيز يــا رب أقل عثرتي يــا رب .. يــا رب هوِّن عليَّ أمري .. يـــا رب تجاوز عن زلاتي وخطيئاتي .. يـــا رب يـــا رب بلغني مما يرضيك آمالي، وأملي أنت يا رب .. أملي أن تحبني يا رب .. أملي أن ترضى عني يا رب .. يا رب بصرني بعيبي يا رب .. اجعلني مهمومة بعيوبي لا بعيوب الناس يــا رب ..
ذلي هكذا .. إفتقري هكذا .. تعبدي ربك
{.. أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ..} فاطر15
2) تعبدي ربك بهذا العمل، دعاء بانكسار وافتقار .. أريدكِ أن تبذلي أكثر ما عندك .. ابذلي قصارى جهدك .. امسكي عليكِ لسانك .. احفظي جوارحك؛ لكي تنجو من عذاب الله بحفظك للسانك حتى لو تخرجي من المنزل لله ..
قولى لله: اقبلني على ما فيَّ من عيوب وآفات ..
أنا أعرف يارب عيوبي .. وأعرف أني أعمل كثير من العيوب .. لكن والله مالي غيرك يا سيدي .. اقبلني على عيوبي يا رب .. اقبلني على حالي يا رب ..
كوني منكسرة إلى الله وذليلة له، حققي أعظم عبودية لله .. ممكن يكون انكسار قلبك هذا أعظم من كل القربى التي تصنيعها من طاعات .. كسرة قلبك هذه أهم من كل شيء، هي التي توصلك سريعاً إلى ربك وتبادري الطريق إلى ربك .. أريدك أن تعملي هذا وتكوني خائفة من عدم القبول .. إذاً دائماً يكون ذنبك يكسرك .. دائماً عيبك أمامك ..
3) لكل ذلك أريد الآن الآن في أجندتك اكتبي فيها عيب أو عيبين أنتِ تعرفيهم جيداً من نفسك .. أو أي رمز يدل على عيبك؛ لكي كل ما يأتي لنفسك إحساس العلو والكبر .. تقولى لنفسك ألا تذكرين من أنتِ ؟ .. أنتِ تعرفي نفسك جيداً ..
أريدك أن تنفذي الوصية العظيمة وهي مسك الختام ..
عندما سُئِلَ يوسف بن أسباط عن غاية التواضع، قال "أنت تخرج من بيتك فلا تلاقي أحد إلا رأيت أنه خير منك"
هذة نصيحة لكم يا أخوات، وبالله اجعلوها من قلبكم .. لا أريدها تَصنُّع .. ألحوا على أنفسكم به إلى أن إن شاء الله تشعروا به من داخلك .. قوليها أكيد هذه الأخت أفضل مني .. أكيد هذه الأخت أيضاً أفضل مني .. ربنا يبارك ويحفظهم .. ربنا يأخذ بيدي إلى البر والتقوى ومن العمل ما يرضى ..
لو أصبحتِ بهذه الصفات عمرك ما ستفخري على أي أحد بأي شيء مما كان فيكِ من الصالح والخير .. لو أصبحتِ هكذا ستحققي وصية أمنا عائشة رضي الله عنها قالت:
إنكم تدعون أفضل العبادة: التواضع لله تبارك وتعالى
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك،،
فضيلة الشيخ/ هــاني حلمي
التوقيع
صاحب الايمان يملك الدنيا و لاتملكه
قد تمتلئ بها يداه و لايمتلئ بها قلبه
لانه يعيش فيها بروح (المرتحل)
يحيا فيها بقلب اهل الاخرة يمشى قدمه فى الارض
و قلبه موصول بالسماء
(رب ارزقنا هذه المنزلة)
فالقلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب:
الله فطره على حبه و الانس بذكره و الشوق للقائه
ومتى انشغل بالبشر خسر و شقى
عـــــــــــــــــــــــائـــــــــد
لأن بداخلك آفات لا تريدين أن تتخلصي منها .. لأنكِ اعتدتي على الخطأ .. لأن كل من حولك يقعون في الخطأ
وممكن تقول: يعني حضرتك كيف يعني نطبق هذا الكلام .. ثم أنا عمري ما سمعت هذا الكلام .. أنا لم أرى المشايخ يفعلون هذا الكلام .. أنا لم أرى الأخوات الكبار يفعلون هذا الكلام .. أنتِ تريدين أن تهربي، يقام عليكِ الحجة فتريدين الهروب .. تريدي أن تتنصلي، لماذا تشعري بنفسك هكذا ؟ من أنتِ ؟ هل عرفتِ من أنتِ أم مازال داخلك الإحساس بأنكِ شيء؟ ..
لا تجعلي لنفسك قيمة، قيمتك أنكِ مسلمة .. عزتكِ بإيمانك .. عزتكِ وفرحك بأن ربنا اصطفاكِ
هذا هو الفرق، أنا أريدك عزيزة النفس .. لكن عزيزة النفس كيف؟؟ .. عزيزة النفس بأمور الدنيا! ..
عزيزة النفس بأنك دائماً تشعري أن المؤمنة لا تقوم بسفاسف الأمو،ر لا يمكن تكون على هذه الأخلاق أو تتصرف بهذه السلوكيات
هذا معنى إيمانك .. لا، لأنكِ فلانة تعملي وتسوي ..
من أنت؟ أنتِ أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنتِ بين هذا وذاك تحملي العذرة ..
هذا هو أنتِ، فتواضعي بألا تعرفي قدر نفسك
سابعاً: تواضعي في التعامل مع أقرانك
ما معنى أقرانك؟ .. أنتِ عمرك عشرين سنة .. أنتِ عمرك خمسة وعشرين سنة .. عمرك ثلاثين سنة .. فدائماً أصحاب السن الواحد ينظروا لبعض، وتجد فلانة تزوجت على أنها ليست أجمل منكِ لكنها حظوظ .. حسد خفي .. ونشتغل وفلانة في كلية كذا وأنتِ كلية كذا .. أنتِ طبعاً درستي في مدارس لغات وهي درست في مدارس عادية .. أنتِ دخلتي كلية من كليات القمة وهي دخلت كذا .. أنتِ تتكلمين الإنجليزية كما تتكلمين العربية بالظبط .. يمكن لا تحسني التكلم بالعربية أصلاً، ولا تكتبي عربي وتكتبي الإنجليزية كاسمك .. وما شاء الله أحسن من الأمريكان نفسهم وأحسن من الإنجليز وتعرفي تنطقي بعدد من اللغات ..فدائماً أنتِ ترين أنكِ لكِ، فلما البنت الأخرى التي في نفس عمرك .. فهي أقل منك في أشياء كثيرة، فدائماً تريدي أن تشعري أنكِ أفضل منها وهذه طبيعة البشر .. لذلك العلماء قالوا: كلام الأقران (الناس المتماثلين) يطوي ولا يروي .. إنما دائماً لو أنكِ تعرفين ما معنى تواضع، فترين دائماً نفسك بنفس العين أن لا قيمة لكِ فلا تتكبري ..
فلا تتكبري على من هو في مثل عمرك، ولا تنظري إلى نعم الله التي ينعم بها على غيرك .. إياكِ أن تقولي { أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا} الأنعام53 .. أخت من الأخوات اشتكت لي وقالت لي: بعض الناس الذين أعرفهم ختموا القرآن وأنا للأسف حتى الآن لم أختم .. وسبحان الله يعني على أن الأخت أخلاقها ليست هكذا، ويعني تصرفاتها كثير يوضع عليها كذا علامة خطأ وكذا علامة استفهام فأنا لا أفهم بصراحة، على أني أدعو الله كثيراً لكن ظروفي لا تسمح أن أختم .. هي تنظر إليها لأنها في نفس عمرها ونفس المجلس، لماذا هي تختم؟؟! .. هذا حسد خفي وناشىء عن الكبر .. الذي هو القلب .. هي ترى أن أختها أقل منها ..
رأيتم ماذا يعني غمط الناس؟! .. أنتم تفهمون غمط الناس خطأ، أنتم فاهمين احتقار الناس خطأ .. إنما هو الأخت التي ترى نفسها أفضل من غيرها، ولكن الأمور لم تيسر لها .. فهذه الأخت تنظر إلى أختها في الله، وتقول أن أمورها تيسرت وتزوجت ومع أنها ليست جميلة .. فهي تنظر إلى قرينتها بعين الازدراء ..
أما الأخت المتواضعة فهي دائماً لاتنظر إلى غيرها، هي تنظر إلى ربنا فقط .. هي تتعامل مع الله فقط ..
هي لاترى هذه الآفات في داخلها .. هي تعرف نفسها، وتقول: ربنا يسترنا يكفي ذنوبي .. ذنوبي التي حرمتني من كل نعمة، هي التي حرمتني من الزواج والمال وأيضاً تحرمني من النعم التي أنعم الله بها علىَ .. ربنا يسترني ولا يفضحني.
ثامناً: التواضع لمن هو دونك
الأخت الملتزمة لها فترة كبيرة في طريق الالتزام، وعندما تأتي أخت أصغر منها سناً وفي أول طريق الالتزام تنصحها في الله .. مثلاً رأت منها أنها تغضب سريعاً أو طريقة كلامها غير سوية .. فالأخت تتكبر على الأخت الأصغر منها سناً ولم تقبل نصحيتها .. أما الأخت المتواضعة فإذا رأت أحد ينصحها، أصغر منها سناً أو أقل منها قدراً .. فلا تحقرها، بل تكون سالمة القلب .. وعندما ترى سنها أصغر منها، تقول أكيد هي أقل مني ذنوب وتدعو لها بسلامة القلب .. وعندما ترى أخت أعلى منها في العلم، تقول أكيد هي فهمت عن ربنا أكثر مني .. أكيد هي ملتزمة قبلي .. فهي لا ترى لنفسها شيء، دائماً تتذكر أن ممكن يكون في عملها رياء أو عجب يحبط عملها .. دائماً ترى أنها المذنبة وتراها منكسرة ودائماً لا ترى إلا عيب نفسها.
تاسعاً: من التواضع، ألا يًعظُم في عينك عملك
إن عملتِ خيراً أو تقربتِ إلى الله بطاعة، فإن العمل لا يقبله الله إلا إذا كانت في أركانه من الإخلاص والمتابعة للنبي محمد ؛ أنتِ مخلصة؟ اسألي نفسك؛ لكي لا تأتي يوم وتقولي عملت {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } المائدة27، أنتِ تقية؟ كان بعض السلف يقول "لو أعلم أن الله قبل مني تسبيحة لتمنيت أن أموت الآن" .. لأن الله يتقبل المتقين .. إذاً لا تنظري إلى عملك، فهذا ليس حال الفقيرة إلى ربها.
عاشراً: تحملي أذى الناس
لو أخت للأسف ليست على الخلق الكريم وتطاولت عليكِ، وتكلمت في حقك كلام غير سوي .. أول شيء تعامليها بنفس الأسلوب، فهذا لا يكون من سمت الأخت الملتزمة. . فإن أوذيتِ أو شخص أخذ من حقك فلا بأس .. سعيد بن جبير عندما دخل على الحجاج, الحجاج رأس الظلم وقتله، قبل ما يحدث ذلك قال له كلمات رائعات: أنا أستحق أن يحدث لي ذلك، وأن يلحقني هذا العذاب، وهذا الأذى بآفاتي وعيوبي ومنكراتي ومعاصيَّ وسيئاتي .. لذلك لو حدث معكِ ذلك، يتعامل مع الناس بالعفو .. يتعامل مع الناس بخلق السماحة والتسامح ..صحيح أنه في الشرع أنكِ إذا أوذيتِ تعاقبي بمثل ما عوقبتِ به، لكن وأن تعفو أقرب إلى التقوى.
حادي عشر: ألا تتوقي ولا تبتعدي من مجالسة المرضى والمعلولين، كبراً منكِ وترفعاً
عن جابر بن عبد الله قال: أخذ رسول الله بيد مجذوم .. الجذام مرض جلدي يكون صعب على الجلد .. فأدخلها النبي معه في القصعة، قال له: كُل بسم الله ثقةً بالله وتوكلاً على الله .. النبي أراد أن ينفي عن نفسه ذرة الكبر؛ لكي يكون محقق لمعنى التواضع العالي.
ثاني عشر: إجابة الدعوة ولو إلى أيسر شيء
بمعنى لو أخت في الله دعتك إلى زيارة مريض أو دعوة أي أخت لكِ على طعام، عقد عليكِ أن تجيبي الدعوة لو إلى أيسر شيء حتى لو كانت الدعوة أقل من مستواكِ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ" [صحيح البخاري] .. هذا هو يا أختاه الذي يحقق لكِ التواضع.
بعض الطرق التعبدية التي من خلالها تزيدي في التواضع
1) عليكِ بالزيادة من السجود .. خاصة لأن السجود يمثل الذل والانكسار إلى الله تبارك وتعالى .. اسجدي انكساراً وتواضعاً في صلاة النوافل .. محتاجين أن نسجد كثيراً، محتاجين سجدة تكون طويلة أنــاجي فيها ربي ويكون دعاؤنا جميعاً: أن الله يسلل سخائم صدرونا كما كان النبي يدعو .. يـــا رب استل من صدورنا وقلوبنا هذه الآفات .. محتاجين أثناء الدعاء أن تكوني واضعة أمامك أن لا يحق لكِ أن ترفعي يدكِ، لكن لأن ربنا يحب أن ترفعي يدك وتسألي ربنا .. تكون عينك في الأرض ورأسك مطأطأة ذلاً وانكساراً إلى الله، وتقولي لربك:
يــا سيدي يــا مولاي أجبر كسري لك .. أجبر كسري بين يديك، وذلي وافتقاري لك .. يــا رب لا تحرمني منك، ولا تحرمني لذة قربك .. يــا رب اجعل قلبي يسجد بين يديك .. يــا رب علمني التواضع .. علمني الذل .. علمني الانكسار .. يــا رب اجعلني هكذا، من أعبد خلقك لك ومن أكثرهم تواضعاً لك .. يــا رب اجعلني خافضة الجناح للمؤمنين والمؤمنات .. يــا رب اجعلني ممن تحبهم ويحبونك، فيكونون أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ..
يــا رب أنا غلبانة والمسكينة إليك .. أنا الفقيرة يـــا رب بين يديك وأنت الغني .. يــا رب أنت الغني عني .. يــا رب يـــا رب يــا كريم يــا جواد يــا عزيز يــا رب أقل عثرتي يــا رب .. يــا رب هوِّن عليَّ أمري .. يـــا رب تجاوز عن زلاتي وخطيئاتي .. يـــا رب يـــا رب بلغني مما يرضيك آمالي، وأملي أنت يا رب .. أملي أن تحبني يا رب .. أملي أن ترضى عني يا رب .. يا رب بصرني بعيبي يا رب .. اجعلني مهمومة بعيوبي لا بعيوب الناس يــا رب ..
ذلي هكذا .. إفتقري هكذا .. تعبدي ربك
{.. أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ..} فاطر15
2) تعبدي ربك بهذا العمل، دعاء بانكسار وافتقار .. أريدكِ أن تبذلي أكثر ما عندك .. ابذلي قصارى جهدك .. امسكي عليكِ لسانك .. احفظي جوارحك؛ لكي تنجو من عذاب الله بحفظك للسانك حتى لو تخرجي من المنزل لله ..
قولى لله: اقبلني على ما فيَّ من عيوب وآفات ..
أنا أعرف يارب عيوبي .. وأعرف أني أعمل كثير من العيوب .. لكن والله مالي غيرك يا سيدي .. اقبلني على عيوبي يا رب .. اقبلني على حالي يا رب ..
كوني منكسرة إلى الله وذليلة له، حققي أعظم عبودية لله .. ممكن يكون انكسار قلبك هذا أعظم من كل القربى التي تصنيعها من طاعات .. كسرة قلبك هذه أهم من كل شيء، هي التي توصلك سريعاً إلى ربك وتبادري الطريق إلى ربك .. أريدك أن تعملي هذا وتكوني خائفة من عدم القبول .. إذاً دائماً يكون ذنبك يكسرك .. دائماً عيبك أمامك ..
3) لكل ذلك أريد الآن الآن في أجندتك اكتبي فيها عيب أو عيبين أنتِ تعرفيهم جيداً من نفسك .. أو أي رمز يدل على عيبك؛ لكي كل ما يأتي لنفسك إحساس العلو والكبر .. تقولى لنفسك ألا تذكرين من أنتِ ؟ .. أنتِ تعرفي نفسك جيداً ..
أريدك أن تنفذي الوصية العظيمة وهي مسك الختام ..
عندما سُئِلَ يوسف بن أسباط عن غاية التواضع، قال "أنت تخرج من بيتك فلا تلاقي أحد إلا رأيت أنه خير منك"
هذة نصيحة لكم يا أخوات، وبالله اجعلوها من قلبكم .. لا أريدها تَصنُّع .. ألحوا على أنفسكم به إلى أن إن شاء الله تشعروا به من داخلك .. قوليها أكيد هذه الأخت أفضل مني .. أكيد هذه الأخت أيضاً أفضل مني .. ربنا يبارك ويحفظهم .. ربنا يأخذ بيدي إلى البر والتقوى ومن العمل ما يرضى ..
لو أصبحتِ بهذه الصفات عمرك ما ستفخري على أي أحد بأي شيء مما كان فيكِ من الصالح والخير .. لو أصبحتِ هكذا ستحققي وصية أمنا عائشة رضي الله عنها قالت:
إنكم تدعون أفضل العبادة: التواضع لله تبارك وتعالى
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك،،
فضيلة الشيخ/ هــاني حلمي
التوقيع
صاحب الايمان يملك الدنيا و لاتملكه
قد تمتلئ بها يداه و لايمتلئ بها قلبه
لانه يعيش فيها بروح (المرتحل)
يحيا فيها بقلب اهل الاخرة يمشى قدمه فى الارض
و قلبه موصول بالسماء
(رب ارزقنا هذه المنزلة)
فالقلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب:
الله فطره على حبه و الانس بذكره و الشوق للقائه
ومتى انشغل بالبشر خسر و شقى
عـــــــــــــــــــــــائـــــــــد