الخطوات الأولى في مهنة الطيران اننى التقى في هذه الأيام بكشافين يحلمون أن يصبحوا طيارين, وهى مهنة لا ألومهم على اختيارها ولكنني أود قبل أن يتعلموا الطيران أن يلموا بأمور كثيرة تتعلق بموضوع الطيران . والنشاط الكشفي من شانه أن يساعد على معرفة أشياء كثيرة حول الطيران , وبخاصة شهادة الطيار التي تضع الكشاف على طريق السوي وتمكنه من التزود بالخبرة الكافية عن كل ما يتصل بالطيران . عليك في الدرجة الأولى إذا كنت مصمما على اختيار مهنة الطيران أن تعرف شيئاً عن الهواء والرياح , وهنا تبدو الطائرات المصنوعة من الورق ذات فائدة كبرى . والكشاف إذ يستعمل هذه الطائرات الورقية في الشكل إلى سيخرج به أجزاءها وفى إقامة التوازن بين هذه الأجزاء , ويدرس أيضاً تقلبات الريح والجيوب الهوائية الخ . . . وهى كلها أمور هامة لا يستطيع أن يعثر عليها في الكتب . وعليه بعد ذلك أن يلم بكيفية بناء مختلف أنواع الطائرات وان يتعلم أسماء أجزائها ويعرف العمل الذي يقوم به كل جزء وان يكتسب معرفة وافية عن محركات الطائرات . إن الطيارين الذين تضطرهم الرياح أحيانا على الهبوط يسرون عندما يرون من حولهم عدد من الكشافين يتطوعون لخدمتهم , ذلك لأنهم يعلمون أن هؤلاء الفتيان ذو خبرة ومعرفة بالطائرات .
|
طائرة من صنعك ما رأيك بطائرة صغيرة تكون خاصة بفرقك؟ إذا أردت أن اصنع هذه الطائرة فاننى أتوسل بما يلي : آتى أنا ورفيق لي بدراجتين نصل أحداهما بالأخرى بألواح خشبية , ثم نبنى قفصاً الخشب الخفيف نغطيه بالقماش ونضع في مؤخرته عجلتين صغيرتين ودفة للاتجاه والعمق . ثم نضع في مقدمة القفص مروحة تشترك في دوراتها مع سائر أجزاء الدراجتين . واذا سبق هذا العمل وضع تصميم مصغر فانه يصبح بالامكان بناء طائرة صغيرة ,. عليك ايها الكشاف الا تقودها بسرعة خشية ان(( تطير)) بالفعل .
النشاط الشتوي
من الشائع ان الكشفية فصل الشتاء , بلياليه الباردة وسهراته الطويلة , ورحلة توصف بالهدوء والراحة وتدوم حتى مطلع الصيف القادم . وهذا خطا محص . وأنا لا ادعى أن بامكان الكشاف أن يخيم في الشتاء بنفس الراحة والسهولة التي يخيم فيها أثناء الصيف , على الرغم من أن بعض حرس الحدود يقومون بمهمتهم في فصل الشتاء , وهى تقتضيهم النوم في العراء تحت المضارب . بلذة ومتعة عظيمتين , ذلك أنهم تعودوا هذا اللون من الحياة. اننى اعرف عدداً كبيراً من الكشافين الذين يتابعون في فصل الشتاء نشاطهم المعتاد وألعابهم المألوفة ولا يترددون في إقامة المخيمات أيام العطل وفى نهاية كل أسبوع . وإذا كان الجو من الرداءة بحيث لا يسمح لك بالخروج , فعليك أن تفيد من السهرات الطويلة للقيام بعدد من الأعمال والمشاغل النافعة , ولا عداد مناهج العمل للصيف القادم . ومن الراهن انك حريص على جمع بعض المال لتتمكن فى ما بعد من التخييم او لتقوم بعمل الخير اليومى . . . والشتاء خير فرصة يجب ان تفيد منها لجمع المال عن طريق الاعمال اليدوية والصناعية المختلفة . اعرف فتاة ظريفة فى الحادية عشرة ربحت ثمانية عشر فرنكاً خلال اسبوع واحد بفضل ازرار للقبعات صنعتها بنفسها وباعتها من المواطنين. وباستطاعتك ايضاً ان تكمل تجهيزك الكشفى وتصلح ما فسد من ثيابك وسراويلك , وان تصنع احذية من القماش واحزمة للوسط وحقائب للرحلات وللمونة , وغير ذلك من الاعمال السهلة النافعة . وانا اعتقد ان الحاجيات التى ييصنعها المرء بنفسه تترك فيه من الرضى اكثر من تلك التى يبيعها من السوق فضلاً عن انها تكاد ل تكلفه شيئاً .
اصنع بنفسك الهدايا الصغيرة
قلنا إن الشتاء هو الفصل المفضل عند الكشاف للقيام بكثير من الأعمال والخدمات ولصنع الأدوات التي يحتاجها أو يستطيع بيعها . والذين يتشوقون إلى رؤية البحر من الكشافين عليهم أن يقتصدوا المال الضروري لانتقالهم إليهم إذا كانوا يقطنون في قرية أو مدينة بعيدة عن الشاطىء . ولذلك يحسن بهم أن يهتموا كل الاهتمام بصنع أشياء وأدوات يعرضونها للبيع أو يقدمونها للمعارض .وانه يسر الكشاف أيضا أن يصنع بنفسة الهدايا الصغيرة . هذه الهدايا التى تتعدد انواعها ووسائل صنعها الى درجة يصعب معها حصرها . ان ثمة فرقة تصنع العصى للكشافين , وثمة فرقة اخرى تصنع ألعابا للأطفال , هناك فرقة ثالثة تقوم بغير هذا وذاك من الأعمال المفيدة المسلية . اما الكشافون الذين يعيشون فى القرى , والذين يقضون أجازاتهم الأسبوعية فى مخيم يقيمونه خارج المدينة _ كما يجب ان يفعل كل كشاف_ فاننى انصحهم بقضاء اوقاتهم فى مصنع العصى والقضبان . اذكروا دائما ان أفضل وقت لصنع العصى هو فصل الخريف اذ ان الجفاف يكون قد بدأ يدب فى الأغصان , والأوراق أخذت تتساقط عنها مما يسهل اختيار الغصن الصالح ويساعد على تطويعه دون مشقة . ولعل اكثر انواع العصى رواجا اليوم هو ذلك الذى يستعمله الجوالون (احد طرفي هذه العصا يشبه حرف الفي في الحروف الأجنبية "V"). وثمة كثير من الناس الغرباء عن الحركة يستعملون ايضاً هذا النوع لكثرة فوائدة وسهولة حملة، ويتراوح سعر العصا منه بين فرنكين وثلاثة فرنكات ونصف الفرنك، وهذا في اعتقادي مورد حسن للكشافين الذين يبحثون عن العمل والكسب ، وإن أفضل أنواع الخشب للعصي هو خشب الجوز . وأنت ايها الكشاف بحاجة إلي عصا جميلة تقطعها من غصن قليل التعاريج شرط الا تكون غليظة فيثقل حملها أو دقيقة فتنطوي بسهولة . ولذا يحسن أن يكون قطرها سنتمترين وأن تتراوح دائرتها بين الستة والسبعة سنتمترات ،وأن يكون طولها متراً وثلاثين أو أربعين سنتمتراً.ويفضل- كما قلنا أنفاً- أن ينتهي أحد طرفيها بشكل يشبه حرف الفي ( V) . ويجب ألا تسلخ القشرة عن عصاك، بل اكتف بتشذيبها وقطع النواتيء منها. وإذا كانت العصا كثيرة الاعوجاج فان باستطاعتك تقويمها بواسطة النار أو بطريقة التطرية .
وهذه تسليى اخرى لقضاء الوقت في الايام الماطرة أبتكرها كشافو أمريكا، وباستطاعتكم أنتم أن تقتبسوها عنهم . والى جانب هذا الكلام نموذجان منها. هذه هى طريقة صنعها : يجب ان تبحث عن غصن تستطيع ان تجعل من احد طرفيه مقبضا او يداً للقاطعة ومن الطرف الآخر سكيناً. اما اليد فيجب ان يكون طولها 12سم , والسكين 12او 15 سم , ويجب ان يكون قطر الغصن المستعمل سنتيمترين ونصف السنتيمتر . ويمثل النموذج (ج) المنشور الى جانب هذا الكلام غصناً من الجوز عثرت عليه فى احدى الغابات وجعلت منه قاطعة للورق جميلة وجيدة ( نموذج د ). ويجب أن تقطع الأغصان التي تريد أن تصنع منها قاطعات الورق في فصل الشتاء وان تتركها بعد ذلك ريثما يدب فيها الجفاف وعندئذٍ شذبها وأعطها الشكل الذي تريد بواسطة سكين حاد قاطع ثم اصقلها بورق الزجاج. وأخيرا أورد فيما يلي مقطعا من جريدة الكشاف الأمريكية : ((ادلق على قطعة من القماش بضع قطرات من الزيت ثم اغمسها قليلا بطلاء شفاف وأدلك بها قاطعة الورق ريثما تصبح قاسية لامعة . )) وباستطاعتك ان تطلى مقبض القاطعة طلاء خاصا او ان ترسم عليه بالحبر الصينى الشارات والرموز الكشفية والحرفين الاولين من اسمك.
والان , بعد ان تحدثنا كثيراً عن الوان النشاط والتسلية فى فصل الشتاء , ننتقل الى التحدث عن المخيمات. تتألف عدة التخييم من شيئين اثنين يجب ان تحرص على ان يكونا ضئيلى الحجم ما امكن : الخحيمة وادوات الطهى.
قلت مراراً _على ما اعتقد_ انى عشت تحت الخيمة ما يقرب من الثمانى سنوات, وكنت دائما اقوم بدور القصاب والخباز والطاهى وربة المنزل. . . كما اننى استعملت الخيم من جميع الاجناس والمقاييس , ولكن الخيمة التى تمثلت فيها جميع رغباتى واهوائى فهى التى مازلت استعملها الى اليوم, صيف شتاء, على الرغم من البيت الجميل الذى اقتنيه والذى كان باستطاعتى ان انعم فيه بالراحة والرفاهية فيما لو اردت! وترى فى الصفحة السابقة رسمة الخيمة التى افضلها وللسرير الذى انام عليه , وان ايا كان يستطيع ان يصنع مثلهما بنفقات اقل بكثير من تلك التى يتطلبها شراء خيمة جاهزة. وتمتاز خيمتى بانها تجعل السرير والأمتعة مرتفعة عن الارض وفى نجوة من البلل والرطوبة, وهى من القوة والمتانة بحيث تصمد فى وجه الرياح مهما كانت صاخبة عاتية. وقد اتفق في احدى الليالي، وكنا نخيم على مقربة من البحر ، أن هبت الأعاصير وارتفع البحر وغمرت المياه جميع الخيم ماعدا خيمتي التي لم تتأثر بالبحر ولا بالأعاصير . وان لا ادعي إن خيمتي افضل من اية واحدة سواها ، ولكنني استطيع التأكيد انها تتفق مع رغباتي في كل حين وظرف اكثر من اية خيمة اخرى، وانها سهلة الصنع بحيث يستطيع أي كشاف كان ان يفتني مثلها. وإذا كنت في مدينة أو بلدة تكثر فيها الغابات فلا حاجة بك لحمل العصي اذ تستطيع عندئذٍ ان تقطع منها ما تشاء ،واكتف فقط بحمل قطعتي القماش اللازمتين لتغطية الخيمة ولصنع السرير. ويجب الإشارة الى أن الطاهي الماهر في المخيمات لا يحتاج الى عدد كبير من الطناجر والأوعية والسخانات وغيرها من وسائل الطهي. وعندما قمت مع زوجتي برحلة الى صحراء الجزائر لم يكن معنا غير وعاء واحد للطهي وعلبة صغيرة فارغة للشرب. وانا اعلم ان وسائلنا في تلك الرحلة كانت جد بدائية، اذ كنا نضطر الى صنع القهوة بالوعاء الذي نشوي به السمك والخضار وأصناف الحلوى ! فمن الضروري أن يتزود الكشاف في مثل هذه الرحلات بطنجرة وسخانه ووعاء آخر للغلي.اما النار فمن السهل إشعالها حيثما وجد الكشاف اذا ما استعان ببضعة أخشاب صغيرة وكمية من الورق او القشور الجافة.
رأيت ذات يوم جماعة من الكشافين من هواة التخييم يسيرون وعلى ظهر كل منهم حمل ثقيل ينوء به فيميله ذات اليمين وذات اليسار ويجعله يشعر بطول الطريق ولهب الشمس وعسر المسير. وهذه مضايقات يقدر الكشاف أن يتلافاها اذا ما عرف كيف يحمل حقائبه وأمتعته في الرحلات الطويلة . وفي المروج يحمل كل رجل وامرأة وطفل حقيبة فارغة يضعها فوق ظهرة استعداداً لملأها عند الضرورة.وقد بلغ من حرصهم على حمل الحقيبة انهم عندما ينسونها في يوم من الأيام يشعرون بأنهم "عراة" وغير مرتاحين . ويلاحظ أن حقائبهم مزودة بظهيرة من الخشب تبعد عن ظهورهم الأثقال التي يحملونها وتحول دون تمايلها واهتزازها
كان للكشافين في اوقات الحروب الفضل في التحاق رجال الاطفاء في انكلترا بكتائب القتال على الرغم من شدة الحاجة اليهم ذلك أن الكشافين الماتمرنين على اعمال الاطفاء كانوا يعلنون دائماً استعدادهم للقيام بمهمة الإطفائيين عندما يدعوهم الواجب. ومنذ ذلك الحين تألفت في كل مكان كتائب من الكشافين الاطفائيين واخذت تعمل في حقل الانقاذ بقدرة وبراعة أكسبتاهم إعجاب المواطنين وثقتهم. وقد أوضحت في كتاب "الكشفية للفتيان" ما يجب على الكشاف عمله في حالة نشوب النار . وثمة كتاب اخر وضعه الكابتن ويلز، ضابط المطافئ الشهير، لتعليم الكشافين طرق استعمال المطافئ وانابيب الانقاذ لاخماد الحرائق. وفي مايلي بعض الملاحظات التي يجدر بكل كشاف ان يجعل لها مكاناً دائماً في ذاكرته: اذا كان الدخان ،في بيت يحترق، كثيفاً خانقاً فعليك أن تزحف على بطنك لأن الدخان يكون أقل كثافة على مقربة الأرض منه اذا ما أرتفع عنها. إذا اردت أن تمر بباب فاذكر ان مربعاته الوسطي هي الجزء الضعيف فيه ، وان رفسة قوية بقدمك ذات فائدة كبرى. إذا امتدت النار الى ثيابك فلا تعدو لطلب النجدة لان الهواء يزيد النار اشتعالاً ،بل أنبطح ارضاً ودر حول نفسك، او التف بأي غطاء تجده أمامك لتمنه الهواء من أن يزكي اللهب. ولف يديك بقطعة من القماش المتين. ادلق الماء على قاعدة النار لا على اللهب. وقف دائماً على اعتاب الأبواب لأن السقوف والأعمدة هي اول ما يتهاوى تحت تأثير النار. ويجدر بك أن تعرف كيف تخرج بشخص فاقد الوعي من داخل بيت يحترق . وكثيراً ما أدت هذه المعرفة الى إنقاذ أرواح كانت على وشك أن تزهق. ولا يكفي أن تعرف كيف يتم هذا الإنقاذ ، بل عليك أن تتمرن عليه من وقت لآخر . وفي أوقات الذعر ينسي الكشاف بسرعة نوع العقدة المفضلة التى يجب أن يستعملها والتي وصفتها في كتاب "الكشفية للفتيان" ولكنه اذا ما تمرن على استعمالها حيثما تقتضي الظروف ، ومهما كانت هذه الظروف حرجة وخطرة. كن مستعداً دائماً لمكافحة النار لانك لن تلبث أن تجد نفسك عاجلاً او اجلاً امام نار تشب او حريق هائل يندلع. وتعلم ما يجب أن تتوسل به لانقاذ الأرواح ومكافحة النيران، مستعيناً بالتجارب التي تمر بك في حياتك الكشفية. عندما كنت حدثاً , كنت اعيش فى لندن واحرص على ان اكون فى كل مساء على اتم اهبة واستعداد . فما ان تقع عينى على وهج نار او اسمع صوت سيارة الاطفاء حتى اهب للنجدة والمساعدة وقد تمكنت بهذه الطريقة من ان اشترك فى اطفاء عد من الحرائق ومن ان احظى بثقة الاطفائيين وموافقتهم على ان اشاركهم العمل . وشد ما كنت اشعر بالغبطة عندما كانت تتاح لى مثل هذه الفرصة! ان كثيرا ص من الجوالين يتمرنون على عملية الإطفاء , وهم يشكلون فى عدد من القرى والمدن الشركة المحلية للمطافىء. واننى آمل ان تتمكن الفرق الكشفية التى تختار لنفسها هذا الاختصاص(اختصاص الاطفاء) من ان تصبح كلها ذات خبرة ودربة حتى تكون قادرة , عند الضرورة , على ان تبرهن على كفاءاتها فى انقاذ الارواح واخماد الحرائق! ولا ازال اذكر ان نار شبت ذات يوم فى كاتدرائية احدى المدن البريطانية , وان رجال الاطفاء اشكوا يومذاك ان يقطعوا كل امل فى اخمادها لعدم توفر الماء فى ذلك اليوم , ولكنهم استطاعوا بعد ان بذلوا جهوداً جبارة كان للكشافين نصيب وافر منها ان يحولوا دون امتداد النار الى المنازل المجاورة وان ينقضوا الكاتدرائية من الانهيار . وقد تلقيت يومذاك تقريراً جاء فيه ما يلي: (( إن جميع ما كتب عن هذا الحريق يتناول الكشافين بالمديح والثناء, وقد كانت الفرقة تتألف من فتيان كلية القديس سانسلاس الكاثوليكية ومن مربيهم الأب البان روبنسن . وكان من جرأة احد القادة انه كان اول من قفز الى المذبح الكبير ونزع اللوحات الخشبية وغيرها من مظاهر الزينة )). وهذا وصف لمشهد آخر: (( وفجأة وصلت مضخة للإطفاء يرافقها دوى شديد , ويجرها احد رجال الشرطة وأربعة من صغار الكشافين الذين لا يتجاوز مجموع اعمارهم عمر الشرطى وحده. وعلى الرغم مما كان بهم من تعب واعياء فقد ناضلوا ضد النيران نضالا عنيفاً مستميتاً)). وهذا وصف ثالث للحادث كتبه الأب روبنسون نفسه: (( عندما انهارت واجهة الكاتدرائية كنت على بعد عشرة امتار منها مع الفرقة من الكشافين تمسك بمضخة كبيرة.وقد كان الدخان كثيفا , ولكنه لم يحجب عن عينى رؤية الشظايا المشتعلة والأخشاب المتطايرة التى كانت تتهاوى علينا فى ذلك الحين. وهذا ما اضطرنا الى تسليط المياه فوق رؤوسنا لنكافح بها الدخان ولنطفىء الشرارات المتساقطة على ثيابنا . وما هى إلا هنيهة حتى تعذر على ان أرى مضخة الماء والكشافين الذين يحيطون بي , فقد كان الدخان قد تعاظم وتكاثف الى درجة صعب علي معها أن أتبين معالم الأشياء. وقد نجوت اربع مرات او اكثر من موت محقق..فأنت لا تستطيع أن تتصور معنى حريق يشب في مدينة كل مبانيها من الخشب، وقد كان الحريق الذي شب يومذاك أعظم حريق عرفته المدينة منذ خمسين عاماً.. واشترك في مكافحته اكثر من ثلاثمائة شخص عجزوا جميعهم عن إنقاذ بيت واحد من بيوت المدينة ! لقد انهار احد الأجراس الضخمة على قدم ضابط في الشرطة .. وهوى جسر خشبي من جسور البرج على رصيف الطريق فاخترق الإسفلت واحدث في الأرض ثغرة بلغ عمقها خمسين سنتمتراً ً! وانني فخور جداً بأن الكشافين كانوا موضع ثناء الناس واعجابهم، فقد عملوا كالأبطال وكان عملهم متصفاً بالجرأة والخبرة والمعرفة"
|
|