منتدى فوج الريّـــان * بن شكاو *

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى فوج الريّـــان * بن شكاو *

الكشافة الاسلامية الجزائرية فوج الريّـان * بلدية بن شكاو * ولاية المدية


    اخي القائد اغرس في وسط كشافيك هذه القيم

    محمد نذير
    محمد نذير


    ذكر عدد المساهمات : 1042
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    العمر : 39

    اخي القائد اغرس في وسط كشافيك هذه القيم Empty اخي القائد اغرس في وسط كشافيك هذه القيم

    مُساهمة من طرف محمد نذير الثلاثاء مايو 18, 2010 3:22 am

    حقوق الإنسان في الإسلام بين
    الخصوصية والعالمية


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]


    الجزء الثاني: أساليب إدماج قيم العدل والسلام في مناهج التربية والتعليم






    يمكن تعريف مفهوم السلام بوصفه غياب النزاع
    والعنف، وحضور ذهنيات تؤمن بدورها في بناء مجتمع يتميز بالتناغم والأمن
    والتفاهم والتعايش. غير أنه يستعصي أن نفهم كيف نحقق السلام ونصون استمراره
    دون أن نمحص المواقف والقيم والمعارف التي تُكوّن الأساس الذي يرتكز عليه
    أي عمل يهدف إلى إقامة السلام والحرص على استمراره. فكلنا نريد السلام
    ونفضل العيش في أمن وطمأنينة، لكن قلما ننتبه إلى وجوب تحديد العوامل التي
    تعزز حياة يعمها العدل والسلام. فهل يمكن أن نحقق السلام في العالم دون أن
    يتدبر كل فرد منا كيفية تحقيقه عملياً في حياتنا اليومية؟


    مقابل ذلك، يبدو أن تحقيق العدل والسلام سهل
    المنال من الناحية النظرية. إذ يبرهن الجزء الأول من هذا الدليل على أن
    مبادىء العدل والسلام في الحضارة الإسلامية واضحة بشكل لا يرقى إليه الشك،
    ويوضح أيضاً أن التحلي بخصال العدل والسلام تكليف إلهي، لا إسلام ولا إيمان
    بدونه. غير أن هناك مفارقة صرخة بين ما يأمر به الشرع وبين سلوك النشء
    المسلم. فالنزوع إلى العنف والشقاق الذي يطبع الكثير من مدارسنا وأحيائنا
    لا علاقة له بالمحجة البيضاء. ولعل ذلك جوهر التحدي الذي تواجهه التربية
    النظامية في العالم الإسلامي.


    من جهة أخرى، يمكن أن نسلم أن النزاع لا
    مندوحة عنه في حياة البشر، فقد عُرِف منذ أن خلق اللّه آدم، غير أن العنف
    يمكن تفادي آثاره السلبية والسلوكات المنحرفة الناتجة عنه من خلال التربية
    الإسلامية النظامية، وذلك عبر ربط مجالات التعبد التي تشمل الأوامر الشرعية
    لإقامة العدل والسلام بالأساليب التعليمية الحديثة التي ترتكز على منهجية
    التفاعل والتواصل وإعمال نعمة العقل قصد زرع القيم المنشودة في نفس الشباب
    المسلم وتعميقها في أذهانهم لتطبع تصرفاتهم باستمرار. ويقتضي هذا المسعى
    شرطين أساسين : منهجية تربوية قادرة على ربط الفكر بالفعل، ومُدرس مؤهل
    لترجمة هذه العملية إلى واقع ملموس.


    ويتعين تأهيل المدرس الذي سيقوم بنقل قيم
    العدل والسلام بطرق حديثة. واعتباراً لكون هذا التصور التربوي المقترح
    جديداً إلى حد ما في تدريس التربية الإسلامية، نقترح أن تراعى الخصائص
    التالية في تكوين وتدريب المدرسين لهذه المادة، دون الخوض في المهارات
    المهنية المرتبطة بمهنة التدريس عموماً، بغية خلق توجيه إيجابي لدى المدرس.
    وهذا الأمر يدخل في اهتمامات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
    الرامية إلى توعية المهتمين بالتربية في العالم الإسلامي بضرورة التكوين
    التربوي المتجدد الذي يواكب التصور التربوي المعاصر. ونلخص الخصال التي
    يتعين على المدرس أن يتحلى بها كما يلي :


    1. الوعي التام بأن إشاعة قيم العدل والسلام
    رسالة مقدسة، وتكليف إلهي في الدنيا يسأل عنه المدرس أمام اللّه.


    2. التطابق بين القيم التي يدرسها المدرس
    وسلوكه الشخصي داخل الفصل وخارجه، وذلك لسببين رئيسيين : يتمثل السبب الأول
    في كون المدرس يعد القدوة التي يقتدي بها التلميذ. والسبب الثاني في
    التحذير الرباني الوارد في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون
    ما لا تفعلون، كَبُرَ مَقْتاً عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}(1).


    3. القدرة على إنتاج الوسائل التربوية الحديثة
    واستعمالها قصد إبراز التصورات التربوية الإسلامية وصياغتها ضمن مناهج
    التدريس التي تعتمد الأساليب المعاصرة في علوم التربية، والتي ترتكز على
    الأعمال التطبيقية العملية الكفيلة بغرس قيم العدل والسلام في سلوك النشء
    المسلم، قصد تثبيت الإيمان بقيم العدل والسلام في وجدانهم.


    4. التواتر في التمسك بقيم العدل والسلام الذي
    يضمن ترسيخ هذه الثقافة، ذلك بأنها ليست حالة ظرفية بقدر ما هي وضع يرجى
    منه الدوام والاستمرارية الملازمة للوجود الإنساني ذاته على الأرض التي
    استَخْلَفَنَا اللّه فيها.


    ولا يخفى على المربين أن التواصل الفعال بين
    المدرس والمتعلم عنصر جوهري في نجاح العملية التربوية. فإذا كانت معظم قيم
    العدل والسلام مبنية على التواصل، فالتربية الإسلامية بحاجة لمدرس يحسن
    التواصل الإيجابي ليعطي مثالاً يحتذي به التلاميذ. ونعرض في ما يلي لأهم
    المهارات والسلوكات التفاعلية التي يتعين توفرها في مدرس التربية الإسلامية
    داخل قاعة الدرس قصد تلقين قيم العدل والسلام وتطبيقها.


    1. الكلام الهادف. قد يكون إدراك التلميذ
    للأمور مختلفاً عن إدراك المدرس لها. وعليه، يتعين أن يكون كلام المدرس
    هادفاً ومجدياً للطرفين (المدرس والتلميذ). فكلما أقبل المدرس على الكلام
    يتعين أن يكون واعياً بالغرض المحدد من كلامه قال تعالى : {وقولوا قولا
    سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم}(2).


    2. الإنصات بتمعن وتأمل. يعتبر الانصات الجيد
    للمتعلمين مفيداً لفهم فحوى خطابهم (الأحاسيس، الإدراك، السياق، محتوى
    الكلام...)، وهذه خطوة مهمة في التواصل الفعال. كما أن إعادة صياغة خطاب
    المتكلم من طرف المنصت وإعادة تلاوته للمتكلم يفيد أن المنصت قد فهم
    المتكلم.


    3. إبراز الثقة بالنفس والكرامة الشخصية
    واحترام شعور وحقوق الآخرين وإبراز قيم العدل والسلام، وذلك من خلال
    استعماله لغة الاعتراف (بالجميل وبالخطأ وما إلى ذلك) وتعزيز التفاعل
    الاجتماعي الإيجابي الأصيل في الحضارة الإسلامية (الكرم والتقدير والتضامن
    والمساعدة والرحمة).


    4. تشجيع التلاميذ على ممارسة التفاعل
    الاجتماعي الحضاري البناء داخل الفصل، وذلك من خلال التركيز على استعمال
    عبارات الشكر والاعتذار والترحيب، لأن هذه العبارات ليست فقط لغة بل هي
    كذلك مواقف اجتماعية تترجم قيماً لها صلة شديدة بمبادىء العدل والسلام في
    حضارتنا.


    5. الكلام بواسطة عبارات عاطفية إيجابية، إذ
    عندما يكون المدرس غير راض خلال مناقشة قضية معينة، قد يتفوه بعبارات لا
    تشجع على التواصل الفعال. ويتعين أن يتكلم المدرس بوضوح وثبات دون استعمال
    المشاعر السلبية ودون اللجوء إلى التوبيخ، وإعلاء الصوت والشتم. فهذه كلها
    لغة مشحونة بالعاطفة السلبية لا ينبغي للمتعلم أن يحاكي المدرس فيها
    ويتبناها في تواصله مع محيطه.


    6. الانتباه إلى معوقات التواصل الفعال داخل
    الفصل وتشجيع التلاميذ على تجنبها. فمقاطعة المتكلم والاستحواذ على الكلمة
    في الحديث والانتقاد السلبي وإصدار أحكام مسبقة والسخرية واستعمال اللغة
    العاطفية السلبية كلها عوامل تعيق التواصل الاجتماعي الفعال الذي يضمن
    العدل والسلام. كما يتعين العمل على تعزيز جو الأخوة والتضامن داخل الفصل
    للاستجابة لنهي رسول اللّه ص : >لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا
    تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد اللّه إخواناً. المسلم
    أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره...<(مسلم).


    2.1. لماذا نحتاج للأنشطة العملية في
    تدريس قيم العدل والسلام؟


    إن التفاعل الهادف عامل حاسم في التربية، إذ
    يُتوخى من كل نشاط عملي تطبيقي اكتساب المتعلم المسلم تفاعلاً وجدانياً مع
    قيم العدل والسلام، وقدرات فعلية توجه سلوكه اللغوي والاجتماعي اليومي
    وتؤطر مفاهيمه للعلاقات الإنسانية وفق مقتضيات الشرع وأوامره.


    ـ إن التلميذ يتساءل باستمرار، وبشكل ضمني، عن
    هدف المعلومات التي يدرسها في حياته الشخصية ومعناها.


    ـ تتأسس مناهج التربية المعاصرة على البحث
    الفردي والجماعي وحل المشاكل من خلال إعمال العقل واكتشاف القضايا
    والمفاهيم الأساسية في حياة المتعلم مع طرحها على محك الممارسة عبر تواصل
    اجتماعي ولغوي بناء.


    2.2. طرق التدريس

    ثمة استراتيجيات عدة يمكن للمدرس أن يستخدمها
    لتمكين المتعلمين من إدراك المعلومات وحفظها واستعمالها قصد إشاعة قيم
    العدل والسلام. وتسعى الأساليب التي سنعرضها إلى ربط البعد التعبدي لقيم
    العدل والسلام بالبعد السلوكي.


    2.2.1.المحاضرة المباشرة

    ليس المقصود من "المحاضرة" آلية التواصل التي
    تستلزم متكلماً ومستمعاً، إذ تنطوي تلك على الكثير من محفزات الملل
    والانطواء لدى المتعلم. بل نقصد بالمحاضرة الآلية التواصلية التي ترتكز على
    تقديم المعلومات وفق استراتيجية تولد فيها ردود أفعال إيجابية من قبل
    المستمع لخلق التفاعل المنشود بين المدرس والتلميذ. وعلى أساس هذا التصور،
    يكون المقياس المحدد لنجاح المحاضرة ليس هو الكم الهائل من المعارف
    المتدفقة، بل مدى الاستجابة التي أثارتها والنتائج السلوكية المحصلة من
    خلال ذلك. ويمكن تلخيص التوجيهات التي تضمن نجاح المحاضرة كما يلي :


    ـ ينبغي للمدرس أن يقدم خطابا ذا رسالة
    يتذكرها المتعلمون ويتبنونها في سلوكهم عوض أن يتركوها في فصل الدراسة قبل
    مغادرته! ولتحقيق ذلك، يتعين أن تكون رسالة المدرس بسيطة ومقنعة وقابلة
    للتخزين في الذاكرة.


    ـ يساعد تكرار الرسالة على تعميقها في ذهن
    المتعلم. ويتعين التركيز عليها بنفس الصياغة في بداية عرض المحاضرة ووسطه
    ونهايته.


    ـ يسبب الإكثار من الكلام تشتتا ذهنيا لدى
    المتلقي. لذلك وجب تعليل رسالة الدرس بالحجج النقلية والمنطقية، شريطة أن
    لا تطغى المعلومات على وضوح الرسالة.


    ـ عند عرض التطور التاريخي لقضية تخص إحدى قيم
    العدل والسلام، يستحسن تقديم القضية في خط زمني يمتد من الحاضر إلى الماضي
    وليس العكس، بخلاف الخطاب الكتابي.


    ـ يتعين تقسيم العرض إلى أجزاء واضحة وشرح
    العلاقات بينها.


    ـ مساعدة المتعلمين على تتبع خطوات المحاضرة
    باستعمال عبارات تشير إلى المرحلة الآنية والمرحلة التي يتجه إليها عرض
    المعلومات، وذلك باستعمال أدوات الربط من قبيل :


    أولا ... وهذا يجرنا إلى الحديث عن ... أود أن
    أنتقل الآن إلى ... وقبل أن أختم ... وختاماً ... لنلخص ما ذكرناه في ...


    ـ استعمال المقارنة لتوضيح الرسالة أكثر وحمل
    المتعلم على تدبرها، كما يبين المثال التالي :


    وإذا قارنا قيم التسامح في الإسلام مع نفس
    القيم في المواثيق الدولية نقف على الحقائق التالية.


    ـ الإسلام يدعو لنفس القيم.

    ـ الإسلام كان له السبق التاريخي في الدعوة
    إلى التسامح.


    ـ ظل المسلمون يمارسون قيم التسامح باعتبارها
    تكليفاً ربانياً لا يجوز تعطيلها.


    ـ بنود العهود والمواثيق الدولية من صنع
    الإنسان، وتخرق يومياً في ربوع العالم.


    ـ إن التركيز على الصياغة والتسلسل والوقائع
    والاستشهادات خلال إعداد المحاضرة ليس كافياً. إذ يحتاج المدرس إلى إيلاء
    أهمية لطريقة إلقاء المحاضرة. فلا يجادل أحد أن المتعلمين يهتمون بمحتوى
    المحاضرة طالما كان رد فعلهم تجاهها إيجابياً. ويتحركون نحو التغيير حينما
    يقتنعون بالرسالة. وينتبه المتعلمون للمدرس فقط إذا انتبه هو لهم!.


    ـ يستحسن التوقف عند كل مرحلة من مراحل
    المحاضرة للتأكيد من استيعاب المتعلمين للمعارف المقدمة، وذلك بتشجيعهم على
    طرح عدد محدود من الأسئلة.


    ـ القيام بتلخيص محتوى المحاضرة مع التركيز
    على تكرار الرسالة، وفتح باب المناقشة إثر ذلك.


    بعد أن يقوم المدرس بإعداد هيكل الدرس بطريقة
    مناسبة، وتحضير وسائل الإيضاح الضرورية، يشرع في إلقاء الدرس خطوة تلو
    الأخرى معززاً أقواله بآيات من القرآن الكريم أو أحاديث من السنة النبوية
    الشريفة. ويزود المشاركين عند نهاية الدرس بملخص يضمنه النقط الأساسية.


    2.2.2. دراسة الحالات

    خلال هذا النشاط، يقرأ المشاركون حالة واقعية
    أو افتراضية ثم يحللونها، حيث تمثل هذه الحالة قضية تتعلق بقيم العدل
    والسلام. ثم يقترح المشاركون الإجراءات الواجب اتخاذها ويقومون بتقييم
    الإجراءات التي تم اتخادها سلفاً في نفس الموضوع. ويتعين على المدرس أن
    يشجع المتعلمين على استخدام مهارات الحس النقدي، والإنصات للطرف الآخر وحل
    النزاعات وتقنيات المصالحة.


    2.2.3.أداء المهام

    تسند للمشاركين مهام يقومون بها بكل حرية داخل
    الفصل في إطار مجموعات صغيرة. وهذا الأسلوب في التدريس مفيد للغاية لأن
    التلاميذ يرفعون تحديا مهما، إذ يتقمصون دور شخص آخر ويقومون بتمثيله، حيث
    يتمثلون وضع ذلك الشخص ومشاعره بكيفية أعمق وأكثر جدية، مقارنة مع حالة
    الاقتصار على وصف ذلك الوضع من قبل المدرس. ولا شك أن هذا الأسلوب مناسب
    لغرس المهارات التي تستلزمها قيم العدل والسلام في نفوس النشء المسلم.


    2.2.4.العمل الجماعي

    تعتبر الأشغال الجماعية داخل الفصل أحد
    الأساليب التي تركز على مشاركة التلاميذ. ولقد أبانت التجربة أن المناقشة
    ضمن مجموعات صغيرة تزيد من حجم مشاركة المتعلمين، حيث تمنح لهم فرصاً أكثر
    للتعبير عن آرائهم والتعلم من بعضهم بعضاً والثقة بالنفس وبلورة حسن تقبل
    التنوع في الآراء واختلافها. ويمكن لهذا النشاط أن يأخذ الأشكال التالية :


    2.2.4.1. المجموعات الصغيرة

    تجري المناقشة حول قضية مرتبطة بقيم العدل
    والسلام في مجموعات صغيرة لمدة زمنية محددة. ثم يقدم ممثل عن كل مجموعة
    تقريراً شفهيا للفصل كله، تليه أسئلة حول الأفكار التي خلصت إليها
    المجموعة.


    2.2.4.2. استمطار الأفكار

    تشجع هذه الطريقة التلاميذ على الإسهام بأكبر
    عدد من الأفكار لحل مشكلة أو نزاع بخصوص قضية تتعلق بقيم العدل والسلام.
    ومهما كانت هذه الإسهامات صغيرة أو غير عملية، فالواجب تدوينها في قائمة
    الأفكار المقترحة وأن يعمل المدرس بمشاركة التلاميذ على تحسينها. وبذلك
    يشعر التلاميذ أصحاب هذه الأفكار بالرضى والثقة بالنفس. ولا شك أن عدم
    الثقة بالنفس عنصر من العناصر الثاوية خلف أعمال العنف في كثير من الأحيان.


    2.2.4.3. المجموعات البؤرية (مجموعات
    الحوار)


    في هذا النشاط يشارك التلاميذ بكثافة عبر
    تبادل المعلومات والأفكار والاقتراحات بخصوص قضية تتعلق بقيم العدل
    والسلام. والوسيلة المحورية في هذا النشاط تتمثل في إلقاء أسئلة محددة من
    طرف المدرس، يكون الغرض منها الشروع في المناقشة أو التركيز أكثر على إحدى
    مساهمات التلاميذ وبلورتها، أو الانتقال من نقطة إلى أخرى، أو تلخيص ما تم
    الحوار بشأنه، أو توحيد اتجاهات الأفكار المعبر عنها من طرف التلاميذ، أو
    إدراج نقط تم إغفالها. وتتجلى أهمية هذا النشاط في كونه جد مناسب ليتأكد
    المدرس من أمرين في غاية الأهمية :


    أولهما : تطبيق التلاميذ للمبادىء المرتبطة
    بقيم العدل والسلام، والعمل على ترجمتها في سلوكهم الشخصي باستمرار.


    وثانيهما : مدى قدرة التلاميذ على تبرير هذا
    السلوك والبرهنة عليه بنصوص شرعية مفادها تعزيز قيم العدل والسلام من
    منطلقات إسلامية.


    2.2.5. حل المشاكل

    يقوم التلاميذ من خلال هذا النشاط بإجراءات
    عملية وأعمال فعلية تسمح لهم بحل مشاكلهم دون ممارسة العنف. وفي هذه
    الأنشطة يواجه التلميذ تحدياً حقيقياً : وهو تطبيق المعلومات النظرية التي
    درسها المتعلم لحل مشاكل حقيقية قد تواجهه في حياته اليومية في المدرسة أو
    البيت أو المجتمع دون اللجوء للعنف. ويحتاج التلميذ في هذا السياق لأساليب
    وأدوات من شأنها أن تشجعه على التَّدَبُّر بشكل أوسع وأعمق في كيفية حل
    المشاكل المرتبطة بقيم العدل والسلام، من خلال طرق تعتمد على الأعمال
    التطبيقية. ونلخص هذه الأساليب في استمطار الأفكار، وتقويم الحلول من خلال
    تحديد نقط قوتها وضعفها، واعتبار مطابقتها للأحكام الشرعية الخاصة بقيم
    العدل والسلام. وكل هذه الأساليب ترمي إلى حمل التلاميذ على التحلي بروح
    التسامح والتضامن والانصهار الإيجابي داخل الجماعة.


    القواعد التي يجب احترامها عند
    استمطار الأفكار.


    يَستلزم درس ثقافة العدل والسلام تقنية
    الاستمطار التي تقتضي استقاء أكبر عدد من الأفكار والمعلومات بخصوص موضوع
    معين ذي صلة بقيم العدل والسلام. وتتمثل فائدة الاستمطار في كونها تتيح
    فرصة للتلاميذ للتعبير عن آرائهم بكل حرية، وتعزز حس العمل الجماعي لديهم
    وتحفزهم على الثقة بالنفس.


    ويتعين على المدرس أن يراعي القواعد التالية
    عند استعمال هذه التقنية :


    ـ تلافي التقويم السلبي للأفكار المعبر عنها

    ـ الحرص على استقاء أكبر كم من المعلومات

    ـ تشجيع التلاميذ على بلورة أفكار بعضهم بعضاً


    ـ توفير التشجيع للأفكار الخارجة عن الموضوع
    أيضاً


    ـ تسجيل كل فكرة تم التعبير عنها

    ـ تحديد وقت الاستمطار

    ـ (اختياري) لا يتكلم التلميذ للمرة الثانية
    حتى يكون كل التلاميذ قد تكلموا مرة أولى.


    2.3. العناصر الأساسية لتصميم درس
    العدل والسلام


    تعتمد جودة التلقين على التنظيم الجيد
    والتهييء الكافي. ويقتضي التخطيط للدرس التفكير والوقت والتمرس والإعداد
    وتجريب مختلف المناهج. ونقدم هنا إرشادات عملية على شكل أسئلة يستأنس بها
    المدرس عند التخطيط لبناء درس حول قيم العدل والسلام.


    1.مَن؟

    من هم تلاميذك؟

    يتعين التعرف على هوية التلاميذ، ونقط قوتهم
    وكذا المجالات التي يحتاجون فيها للتقوية. قد يكون تلاميذك شبابا مسلمين
    تتفاوت درجات إيمانهم، وتكوينهم الذهني واللغوي وقاسمهم المشترك أنهم مروا
    بنفس الصفوف الدراسية. وقد تعرضوا لتلقين مادة التربية الإسلامية لبعض
    سنوات دراسية. وربما يكونون قد كونوا انطباعاً خاطئاً حول التربية
    الإسلامية بوصفها مادة معرفية تقدم الدين على أساس أنه مجموعة من المفاهيم
    والمعلومات يجب تخزينها في الذاكرة قصد استظهارها عند التقويم. وتأسيساً
    على هذه الفرضية، يحتاج تلامذتك لتوعيتهم بالتعريف الصحيح للتربية الدينية،
    فهي القوة التي لها أثر فعال في سلوك النشء المسلم، حيث تقوي إيمانه
    وتصونه من الضلال، فضلا على أن الاهتداء بهديها يضمن العدل والسلام داخل
    المدرسة وخارجها.


    2.ماذا؟

    ما هو هدفك من الدرس؟

    يتمثل هدف الدرس في ربط إحدى قيم العدل
    والسلام بسلوك التلميذ اليومي.


    3. لماذا؟

    لماذا تُدرَّس هذه القيمة المرتبطة بثقافة
    العدل والسلام؟


    يتعين أن تكون دقيقاً بخصوص هذا السؤال. ما هو
    الغرض المباشر من الدرس؟ يجب أن تستعمل عبارات قابلة للقياس وتلافي عبارات
    يتعذر تقويمها بالنظر إلى السلوك. ومثال على ذلك، عوض أن يكون الغرض من
    الدرس هو "أهمية الحوار"، ويستحسن استخدام أهداف أكثر دقة من قبيل "بلورة
    مهارات الحوار وتعميقها في ذهنية التلميذ". أو "توعية التلميذ أن الحوار
    تكليف رباني لا يجوز تعطيله".


    4. كيف (أ)؟

    كيف ستحقق أهدافك التربوية؟ ما هي الخطوات
    التي ستتبعها؟ وما هو تسلسلها؟ ما هي المنهجية التعليمية؟ ما هي الأنشطة
    التفاعلية داخل الفصل؟ ما هي وسائل الإيضاح؟ (راجع أمثلة الدروس المقدمة في
    الجزء الثاني من الدليل).


    5. كيف (ب)؟

    كيف ستعرف أن التلاميذ قد حققوا أهداف الدرس؟

    كيف ستَتَحَقَّقُ من الفهم؟ ما هي الأسئلة
    التي ستطرحها؟ ما هو السلوك الذي يجب معاينته للتأكد من تجاوب التلاميذ مع
    أهداف الدرس ؟ وفيما يلي بعض الأساليب التربوية لتحقيق ذلك :


    ـ ملاحظة سلوك التلاميذ عند أداء الأدوار
    والأنشطة التفاعلية الأخرى.


    ـ ملاحظة أسلوب التواصل بينهم. (اللغة،
    الحركات، المواقف)


    ـ مقارنة هذا السلوك مع السلوك النمطي للنشء
    المسلم خارج الفصل وخارج المدرسة.


    ـ التنسيق مع زملائك المدرسين للمواد الأخرى
    قصد قياس سلوك التلاميذ داخل الفصول الأخرى، بالنظر إلى ما إذا كان
    التلاميذ ينزعون للعنف أم السلام.


    ـ التنسيق مع إدارة المدرسة للتأكد من أثر
    الدرس في سلوك التلاميذ وذلك بالنظر لحجم النزاعات وكيفية التعامل معها من
    قبل التلاميذ.


    ـ التنسيق مع أولياء التلاميذ بالنظر لسلوك
    التلميذ داخل الأسرة والحي الذي يقطن فيه.


    2.4.المنهجية التربوية لثقافة العدل
    والسلام


    قبل الشروع في تفصيل الأساليب التربوية لإدماج
    قيم العدل والسلام في مناهج التربية والتعليم، لا بد أن نسلط الضوء على
    الأساليب البيداغوجية المباشرة الكامنة وراء قصور التربية الإسلامية
    النظامية في إشاعة ثقافة العدل والسلام في ربوع الأمة. ويتعلق السبب الأول
    بالعلاقة بين الأبعاد الفكرية والتعبدية والأبعاد التطبيقية لهذه القيم.
    فإذا كان السلام يوازي غياب العنف، وإن العنف يفرزه النزاع، فالإنسان
    المسلم مكلف أن يتخذ من الشرع مرجعيته الأساس في التعامل مع النزاع. قال
    تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللّه والرسول }(3). فالقرآن
    الكريم وسنة نبيه الهادي إلى صراط مستقيم يكونان الإطار المرجعي الذي تحل
    فيه النزاعات. حيث إن الاختلاف الفطري الذي خلق اللّه عليه عباده جعل من
    النزاع أمراً يصعب تفاديه، غير أنه سبحانه وتعالى جعل من الشريعة عدله بين
    عباده. فالعدل وسيلة ربانية لتحقيق السلام. وذلك هو الإطار النظري والبعد
    التعبدي الذي لا يخرج عليه درس التربية الإسلامية. غير أن الربط بين هذه
    العناصر الإيمانية وتعميقها في ذهنية النشء المسلم قصد نسخها في سلوكه
    اليومي يكاد يغيب في منهجية تدريس التربية الدينية النظامية.


    ويتمثل السبب الثاني في النتيجة الحتمية
    لطبيعة السبب الأول، ويتعلق بإدراك التلميذ لمادة التربية الإسلامية. فهو
    يعتبرها مجموعة من المعارف النظرية الدينية التي يجب تخزين المعلومات
    الواردة في ملخصاتها لإعادة إنتاجها شفهياً أو كتابياً عند التقويم،
    والتخلص منها بعد ذلك، خاصة وأن معاملها في التقويم الإجمالي غالباً ما
    يكون متدنياً بالمقارنة مع باقي المواد الدراسية. وبعبارة أوضح، إذا تساءل
    التلميذ قائلا :


    ما الفائدة من درس التربية الإسلامية في حياتي
    الشخصية ؟


    هل يتغير أي جانب في شخصيتي أو سلوكي بعد
    الخروج من قاعة الدرس ؟


    هل أستحضر درس التربية الإسلامية في علاقتي مع
    خالقي ؟ مع نفسي ؟ مع رفاقي في المدرسة ؟ داخل أسرتي ؟.


    يبدو أن هذه التساؤلات، والتي يطرحها المتعلم
    دون الإعلان عنها، لن يكون الجواب عليها شافياً ولا مرضياً للمتعلم.


    وإذا كان درس التربية الإسلامية النظامية يهدف
    إلى صياغة الشكل العام لسلوك النشء المسلم وتجديده لينشد العدل والسلام
    باستمرار، فيتعين على المشرفين على التربية بالأمة أن يغيروا إدراك قيمة
    التربية الدينية لدى الشباب المسلم، وذلك بتحديث طرق التدريس عبر استعمال
    الأساليب التفاعلية التي من شأنها أن تنقل قيم العدل والسلام من المستوى
    الفكري بعد تعميقه لدى المتعلم إلى تصرفاته اليومية. كما يستدعي هذا التحدي
    تكوين المدرسين على هذا النحو وتشجيعهم على الانفتاح على طرق التدريس التي
    أفرزتها علوم التربية الحديثة واستغلال حسنات التكنولوجيا دون الخروج عن
    محجة الشرع. ويسعى الجزء الثاني من هذا الدليل للمساهمة في تحقيق هذا
    المبتغى.


    لقد تمت البرهنة في الجزء الأول من هذا الدليل
    على أن الإسلام دين العدل والسلام، ولا يجادل أحد في أن القيام بتكاليف
    الدين يشكل الركن الأساس للإيمان ("الدين المعاملة" ـ "الذين آمنوا وعملوا
    الصالحات"). غير أن النشء المسلم يصعب عليه القيام بهذا التكليف دون تربية
    تُرَكِّزُ على تمكينه من فهم هذه التكاليف وممارستها باقتناع. فالإيمان
    الحقيقي ينجم عن الإقتناع وحرية الاختيار وليس فقط بالأوامر والنواهي داخل
    حجرة الدرس. وتأسيساً على هذا المبدأ، يتعين علينا أن نمكن المتعلم من
    إعمال نعمة العقل الذي يقتضي تطوير مهارات الحس النقدي، والمنطق السليم
    والتواصل الفعال. ولكي ينتقل درس التربية الإسلامية بالتلميذ من مرحلة
    التصور والتفكير إلى مرحلة الممارسة والأداء، لا مندوحة عن انتهاج الأساليب
    التعليمية المبنية على المشاركة والفعل والتفاعل داخل الفصل، لكي تصبح قيم
    العدل والسلام التي اقتنع بها التلميذ جزءا من تصرفاته اليومية داخل
    المدرسة وخارجها. وهذا هو الهدف الأساس من التربية الدينية، أي بناء
    الإنسان المسلم على أساس الربط الوثيق بين القيم الدينية النظرية التعبدية
    والسلوك الفعلي، لتقوم المدرسة بدورها في صياغة شكل الأمة القائم على العدل
    والسلام وتجديده باستمرار داخل إطار محجة الشرع.


    وتهدف الأساليب المقترحة في هذا الدليل إلى
    تعميق القيم المقدمة في الجزء الأول في ذهنية التلميذ ونفسيته قصد تفادي
    النزاع من ناحية، ومساعدة المتعلم على اكتساب المهارات الضرورية لحل
    الخلافات بطريقة سلمية داخل المحجة البيضاء من ناحية أخرى. ويقدم الدليل في
    كل وحدة تعليمية الأهداف ومنهجية التدريس وكذا المهارات الرئيسية
    والثانوية المراد غرسها في ذهنية المتعلم والسلوك المراد معاينته في
    تصرفاته. ونظراً للمساحة المخصصة لهذا الدليل، نقتصر على تقديم نماذج
    للأعمال التطبيقية والتوجيهية المكملة للدروس النظرية المعتادة في تلقين
    قيم العدل والسلام. ونترك للمدرس حرية تكييف الدروس وفق سن المتعلمين ومدى
    إدراكهم ومستواهم الدراسي. ولكي يتمكن المدرس من معرفة مدى إدراك التلاميذ
    لقضايا قيم العدل والسلام، نقترح أن يستهل دروسه بالتمارين الأولية التالية
    :


    2.4.1. استمطار الأفكار حول إدراك
    التلميذ العام لقيم العدل والسلام


    الأهداف :

    1. التعرف على إدراك التلميذ وتصوراته حول
    ثقافة العدل والسلام.


    2. تهيئة التلميذ لدروس العدل والسلام من
    منطلقات إسلامية.


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    1. في أي موقع تضع نفسك على هذا الخط ؟ لماذا
    ؟


    2. في أي موقع تضع مدرستك على هذا الخط ؟
    لماذا ؟


    3. في أي موقع تضع بلادك على هذا الخط ؟ لماذا
    ؟


    4. في أي موقع تضع العالم على هذا الخط ؟
    لماذا ؟


    5. في رأيك، ما هي العناصر التي تُكَوِّن
    ثقافة العنف ؟


    6. في رأيك، ما هي العناصر التي تُكَوِّن
    ثقافة العدل والسلام ؟


    7. هل تقوم بأي عمل من أجل تعزيز ثقافة العدل
    والسلام ؟ ما هو هذا العمل ؟ أين تقوم به ولماذا ؟


    8. في رأيك، ما هي العوامل التي تعيق إقامة
    ثقافة العدل والسلام ؟


    9. في رأيك ؟ ما هي العوامل التي تساعد على
    إقامة ثقافة العدل والسلام ؟


    10. كيف يمكن أن تكون مناضلا من أجل السلام
    داخل مؤسستك التعليمية ؟


    11. ما هي الأدوات التي قد تحتاج إليها لكي
    تكون فعالا في هذه المهمة ؟


    12. إلى أي حد نجح درس التربية الإسلامية في
    إشاعة قيم العدل والسلام ؟ لماذا ؟


    2.4.2. تحديد مظاهر عدم التسامح بين
    التلاميذ


    لا شك أن العملية التربوية الدينية هي الوسيلة
    الوحيدة للانتقال من ثقافة العنف إلى ثقافة السلام. وعليه نقترح أن تكون
    الخطوة الأولى في هذه العملية تحديد عناصر عدم التسامح ومظاهره التي تتميز
    بها مجتمعاتنا الإسلامية والتي غالباً ما نعاينها في مدارسنا.


    يتميز سلوك عدم التسامح بعدة أعراض يجب حصرها
    قبل الشروع في التربية على قيم التسامح. ويتعين استعمالها من طرف المدرس
    لتقييم مدى غياب التسامح داخل الفصل والمؤسسة التعليمية. وتعتبر هذه
    الأعراض مؤشرات سلوكية. ويشترط أن يكون المدرس قد حقق مستوى حقيقياً في
    امتلاك ثقة تلاميذه حتى يتسنى له استعمال هذه المؤشرات كأساس لدروسه، قصد
    بلورة الوعي بطبيعة هذا السلوك الذي يقوم به التلاميذ وعواقبه دون أن
    يدركوا المعنى الحقيقي للأعمال التي يقومون بها. ويمكن استعمال هذه
    المؤشرات لتلقين الحس بالمسؤولية الاجتماعية، وتمكينهم من التفكير الجاد في
    عواقب أفعالهم، وتلك خطوة ضرورية لتحمل مسؤولية سلوكهم. وإذا كانت
    المؤشرات التي سنعرضها هنا غيضاً من فيض لأشكال السلوك التي تكشف عن
    الأعراض، فهي تزود المدرس بأفكار من شأنها أن تساعده على تقييم مدى عدم
    التسامح لدى التلاميذ.


    2.4.2.1. بعض أعراض عدم التسامح
    والأسئلة المؤدية لتحديدها


    ـ اللغة : هل يستعمل التلاميذ ألقاباً للتهكم
    على بعضهم بعضاً (التنابز) أو يرددون عبارات تحط من قيمة زملائهم تشير إلى
    انتمائهم العرقي أو القبلي؟


    ـ الأفكار النمطية : هل يستعمل التلاميذ
    عبارات سلبية لوصف الآخرين على اعتبار أنهم مختلفون عنهم (جماعات عرقية أو
    قبلية ومعوقون وكبار السن ...) ؟


    ـ السخرية : هل يسبب التلاميذ الخجل للآخرين
    بإثارة سمات خاصة أو أخطاء أو حالة حياتهم أو حياة عائلاتهم ؟


    ـ الأحكام المسبقة : هل يفترض الأطفال أن بعض
    زملائهم أقل قدرة أو قيمة بسبب انتمائهم العرقي أو لون بشرتهم أو سمات خاصة
    أخرى ؟ هل يتجنبون معاشرتهم على هذا الأساس ؟


    ـ كبش الفداء : هل يحمل التلاميذ مسؤولية
    المناوشات والخسارة في المباريات الرياضية لأحد أو بعض زملائهم دون الآخرين
    ؟


    ـ التمييز : هل يتم إقصاء بعض التلاميذ، ولا
    يتم اختيارهم شركاء في مختلف الأنشطة باستمرار ؟


    ـ النبذ : هل يمر التلاميذ بفترة لا يكلمون
    فيها أحداً أو بعض زملائهم ولا يقومون بإشراكهم في الأنشطة ؟


    ـ المضايقة : هل يحاول بعض التلاميذ مضايقة
    زملائهم، بكتابة عبارات أو رسوم كاريكاتورية على طاولاتهم أو كتبهم، أو
    بالقيام بسلوكات من شأنها أن تجعل الضحية يذعن للمجموعة أو ينسحب منها ؟


    ـ التشويه : هل يكتب بعض التلاميذ عبارات على
    الحائط قصد احتقار زملائهم ؟


    ـ التَّنَمر : هل يقوم بعض التلاميذ قصداً
    بتخويف زملائهم الصغار أو الضعفاء جسمانيا ؟


    ـ الإقصاء : هل يحرم بعض التلاميذ زملاءهم
    بالقوة من المشاركة في الأنشطة والتعبير عن آرائهم ؟


    ـ الاعتداء : هل تتم مهاجمة بعض التلاميذ
    وإلحاق الضرر الجسدي بهم ؟


    ويستحسن القيام بتشخيص عام لغياب التسامح خلال
    الأيام الأولى من تدريس فصل جديد. غير أن المعلم يجب أن يكون يقظاً يراقب
    تجليات أعراض غياب التسامح باستمرار. ويتعين أن تكون ردود فعل المعلم حساسة
    وبناءة في آن واحد. إذ لا جدوى من توبيخ مَن أساء السلوك أمام زملائه، ولا
    جدوى من إبداء التعاطف المفرط مع ضحية ذلك السلوك.


    وينبغي الابتداء بحصص تربوية تتعلق بأشكال عدم
    التسامح وإبرازها بوضوح قصد حمل التلاميذ على إدراكها، وذلك بطريقة خالية
    من التهديد أو الشعور بالخجل. وخلال مناقشة الأعراض الفعلية في فصل معين،
    ننصح المعلمين أن يركزوا على السلوك وعواقبه عوض التركيز على التلاميذ
    الذين تتعارض سلوكاتهم مع قيم التسامح أو على ضحاياهم. يجب أن يتم التركيز
    على المشكل وعلى العلاقات وليس على الأشخاص المعنيين، وذلك بغية ترسيخ ما
    يكفي من الفهم والإدراك والوعي الذي من شأنه أن يجعل التلميذ مسؤولاً عن
    أفعاله داخل الفصل والمؤسسة التعليمية.


    والهدف من هذه الإجراءات هو حمل التلاميذ
    المعنيين وزملائهم على التفكير الجدي في العواقب الفعلية منها والممكنة
    التي تؤثر سلباً على بلورة ردود الفعل المناسبة لدى التلاميذ. ويتعين على
    المدرس أن يجد أجوبة للأسئلة التالية :


    ـ ماذا يجب القيام به عند معاينة السلوك غير
    المتسامح ؟


    ـ ما هي الأعمال التي من شأنها أن تغير الوضع
    بشكل إيجابي، وتقدم حلولاً عادلة، وتساهم في خلق جو من التسامح داخل الفصل ؟


    ـ ماذا يجب القيام به لمساعدة المتهمين بعدم
    التسامح وضحاياهم للاعتراف بمسؤوليتهم والعمل على بلورة علاقة أحسن ؟


    ويمكن للمدرس في هذا الإطار أن يستعين بتمارين
    حل النزاعات والمصالحة المقدمة في هذا الدليل.


    3.4.2 النزاعات

    يعتبر حل النزاعات عملية حل مشكل ما يستلزم
    القيم التي تخص مفاهيم أخرى لحقوق الإنسان الشرعية واحترام كرامة الإنسان،
    والديموقراطية والمشاركة، وقبول الآخر والتوافق في سياق وتفاعل خاليين من
    سلوك العنف. كما يعتبر حل الخلافات عملية ممهدة لاتخاذ قرار يهدف إلى
    التعامل مع النزاع وإدارته وحله بطرق تعزز القيم التي تستلزمها المفاهيم
    الأخرى المرتبطة به في الحضارة الإسلامية. غير أن التركيز يجب أن يكون على
    النزاع نفسه وليس على أطرافه.


    ويتطلب حل النزاع تحليلاً مفصلاً للخلاف يبدأ
    بفهم واضح للنزاع. والنزاع في هذا السياق يعتبر وضعاً تختلف فيه قرارات
    الناس فيما بينهم، إذ يتحدد موقف كل منهم حسب مصالحه، وقيمه، وحاجاته،
    وطبيعة إدراكه للطرف الآخر ودينامية التفاعل الحاصل بين أطراف النزاع. ولا
    غرو أن النزاعات تحل بواسطة تيسير توازن جديد يحقق كل طرف فيه أهدافه إلى
    حد ما على أساس أن طرفي النزاع يراعيان في معرض حلهما للنزاع علاقة الفرد
    بخالقه وعلاقته بنفسه وعلاقته مع الآخر، كما فصلت في تكاليف العقيدة
    والشريعة.


    وللنزاع مستويات مختلفة نلخصها كما يلي :

    ـ سجال معتدل

    ـ خلاف عميق

    ـ نزاع طويل الأمد

    ـ نزاع عميق

    كما أن موضوع النزاع يختلف باختلاف أمور
    الحياة. وبالرغم من أن النزاعات تختلف في حدتها وموضوعاتها، فإن لها قاسماً
    مشتركاً يتمثل في سمات الغضب والامتعاض والخوف ورفض الحوار والنزوع لتوبيخ
    الطرف الآخر والتصعيد والاختيار بين العنف والتفاوض والتوسط للصلح. وهذه
    العوامل حاضرة كلها في الأمثلة التي نعيشها يومياً سواء داخل العائلة أو
    الحي أو المدرسة أو الحي الجامعي أو الصراعات العرقية داخل الدول أو فيما
    بينها. وقد تتغير مظاهر هذه العوامل إلا أن طبيعتها الأساسية تبقى قارة إلى
    حد ما.


    قد يحمل أطراف النزاع للخلاف الآني تاريخاً
    طويلاً للشكوى والعداء. وهذه الذكريات الفردية أو الجماعية يجب تفحصها
    وفهمها وتحديدها وتقويمها من قبل الطرفين في النزاع. ويعتبر المتدخل قصد
    الصلح (المُصْلِح) قوة جد مهمة في نزع فتيل الخلاف. فهو لا يمثل تهديداً
    لمصالح الطرفين ولا سلطان له عليهما لإملاء أي حل جاهز. غير أنه يجلب قوة
    الأفكار، والمعلومات، والمهارات الإجرائية لحل الخلاف. ويمكن للمُصلح أن
    يكسر الصور النمطية التي تعيق الحوار بين المتنازعين وطبيعة إدراكهما
    لبعضهما بعضاً. وبإمكانهم توسيع أفق الحوار وتعميقه واقتراح حلول مبتكرة.
    إذ يمكن للمُصْلِح أن يحدد أهداف كل طرف وحاجاته باعتبار أن المتنازعين
    قلما يعبرون صراحة عنها. كما يمكن للمُصلح أن يخلق إطاراً يبدو فيه الوضع
    مربحاً للطرفين عوض الوضع الذي يكون فيه الطرف إما فائزاً وإما خاسراً.


    .1.3.4.2 التفاوض بشأن النزاع

    يمكن تلخيص الخطوات العملية للحوار قصد نزع
    فتيل الخلاف في أربع خطوات رئيسة :


    1. استحضار المبادئ الإسلامية للعدل والسلام
    المُقَدَّمة في الجزء الأول من هذا الدليل.


    2. تمحيص حاجات وانشغالات طرفي النزاع.

    أ) اشرح حاجاتك وانشغالاتك بوضوح وهدوء.

    ب) أنصت بانتباه بالغ لحاجات الطرف الآخر، وضع
    أسئلة للاستفسار حول ذلك.


    ت) تفحص النزاع من وجهة نظر الطرف الآخر وتمعن
    في انشغالاته قبل الانتقال إلى التفاصيل.


    ث) ما هي حججك لكل من أ ـ ب ـ ت ؟ هل يمكن
    تعليلها بنصوص شرعية وتبريرات منطقية ؟


    3. الاعتراف بالطرف الآخر

    أ) أعد صياغة حاجات وانشغالات الطرف الآخر قصد
    التعبير عنها بطريقة يقبلها الطرف الآخر، وعبر عنها بشكل صريح وواضح.


    ب) اعترف بمشروعية انشغالات الطرف الآخر دون
    أن تتخلى عن مصالح حاجاتك، ما دامت انشغالات معللة بنصوص قرآنية أو أحاديث
    نبوية شريفة.


    ت) اطلب من الطرف الآخر الاعتراف بانشغالاتك
    وحاجاتك.


    ث) ما هي الحجج التي تستعملها في كل من أ ـ ب ـ
    ت ؟ هل يمكن تعليلها بنصوص شرعية وتبريرات منطقية ؟


    4. كبح العنف

    أ) اقترح طرقاً لتفادي العنف كحل للنزاع.

    ب) العمل على حمل الطرف الآخر على قبول الحل
    السلمي عوض العنف.


    ت) ابتكار واقتراح السبل الكفيلة بتطبيق الحل
    السلمي.


    ث) ما هي الحجج التي تستعملها في كل من أ ـ ب ـ
    ت ؟ هل يمكنك تبريرها بنصوص شرعية ؟


    5.الدخول في مفاوضات

    أ) برهن على تفهمك لموقف الطرف الآخر

    ب) قدم ما يكفي من المعلومات حول المصالح
    الدينية والنفسية والأخلاقية والمادية لصالحك ولصالح الطرف الآخر.


    ت) ابتكر واقترح خيارات يكون من شأنها إرضاء
    الطرفين، مستعملاً في ذلك عبارة : "ماذا لو ...".


    ث) احرص على المرونة بخصوص القضايا الأقل
    أهمية لنيل ما هو أهم؛


    ج) احرص على العدل في التعامل عند اتخاذ
    القرار؛ ح) ما هي الحجج الشرعية والتبريرات المنطقية التي تستند لها
    الخطوات التي قمت بها في (أ ـ ب ـ ت ـ ث ـ ج) ؟


    قد يصعب التوافق بشأن النزاع إذا كان طويل
    الأمد وعميقاً سواء تعلق الأمر بنزاع عائلي أو قبلي أو عرقي أو دولي. فكل
    طرف يعتبر نفسه ضحية عانى على يد الطرف الآخر. وفي هذه الحالة تكون
    المسامحة والصفح مفيدين في عملية المصالحة. وتأسيساً على ذلك يتعين أن
    يستمع كل طرف للآخر عبر حوار هادئ حتى يتم الاعتراف فيه بأخطاء الماضي من
    قبل أطراف النزاع، ونسيان مساوئه قصد معانقة مستقبل أفضل. ويتطلب فض النزاع
    في هذه الحالة مهارات وشروطاً محددة :


    1. إشراك كل شخص من شأنه أن يعيق التوصل إلى
    حل.


    2. إشراك كل شخص من شأنه أن يساعد على التوصل
    إلى حل.


    3. تحديد الخلاف بشكل جماعي يجعل النزاع نفسه
    مشكلاً جماعياً بالنسبة لكل المشاركين في حل النزاع. إذ سوف يشعرون
    بالارتياح لأنهم شاركوا في حل المشكل بشكل جماعي عوض أن يُفرض عليهم الحل
    من طرف آخر.


    4. إن أي اتفاق دائم وحكيم يستدعي ضمان
    الحاجات الإنسانية التي يضمنها الشرع لكل طرف، وهي الأمن والطمأنينة
    والهوية والاعتراف بالطرف الآخر والمشاركة والتنمية والتطور. وفي كل نزاع
    عميق، يبدو أن كل طرف ينزع إلى الاعتقاد بأن ثمن ضمان هذه الحاجات هو أن
    يتخلى عنها الطرف الآخر. وهذا ظن خاطئ لأنه عوض أن يكون طرف رابح وطرف
    خاسر، أو أن تكون الخسارة شاملة للطرفين، لم لا يكون الربح للطرفين عبر
    الحوار البناء ؟.


    من الواجب أن نغرس في نفوس المتعلمين المسلمين
    فكرة مفادها أن هذه الحاجات يمكن تلبيتها دون أن يتخلى عنها الطرف الآخر
    أو تنزع منه، وذلك من خلال تطبيق أحكام الشرع وإعمال مهارات التواصل
    الفعال. ويمكن للمتنازع أن يستعين بالجدول أدناه لفهم النزاع وتدبيره.


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



    ونلخص الخطوات التي يستلزمها حل النزاع كما يلي:

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    2.3.4.2. لغة السلام

    إن التكلم بلغة العدل والسلام يستلزم بلورة
    المهارات التواصلية البناءة في التفاعل الاجتماعي اليومي بما في ذلك حالات
    النزاع، قصد القيام بالتكليف الإلهي المسطرة عناصره في القرآن الكريم :


    { وقولوا للناس حسنا ً}(4).

    { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخ

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 12:52 am