لشيطان ينال غرضه من ابن آدم من ستة أبواب
ذكر أن
ابن القيم أن الشيطان ينال غرضه من ابن آدم من ستة أبواب، وهي: فضول
الطعام، وفضول الكلام، وفضول مخالطة الناس، وفضول النظر، وفضول الاستماع،
وفضول المنام.
فأما فضول الطعام،
فهو: أن يأكل الإنسان فوق ما يحتاج إليه بدنه، وقد نهى الله عن ذلك حيث
يقول: :{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ} [سورة الأعراف آية : 31].
قال
ابن القيم: لأن فضول الطعام داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك
الجوارح إلى المعاصي، ويشغلها عن الطاعات، فكم من معصية جلبها الشبع، وفضول
الطعام; وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن 1 .
وأما فضول الكلام
فهو: أن يطلق الإنسان لسانه فيما لا يعينه، وأكبر منه أن يطلقه فيما لا
يحل له; قال ابن القيم: لأن فضول الكلام يفتح للعبد أبوابا من الشر، كلها
مداخل للشيطان، فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب، وكم من حرب
أثارتها كلمة واحدة.
وقال
النبي صلى الله عليه وسلم وهل يكب الناس في النار على مناخرهم، إلا حصائد
ألسنتهم 2. وفي الترمذي: أن رجلا من الأنصار توفي، فقال بعض الصحابة: طوبى
له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك لعله تكلم فيما لا يعينه، أو
بخل بما لا ينقصه 3 .
وأما فضول مخالطة الناس،
فهو: كون الإنسان لا يبالي بمن جالس وصاحب، فيجالس المؤمنين والمنافقين،
والمطيعين والعاصين، والطيبين والخبيثين، بل ربما جالس الكافرين،
والمرتدين، وخالطهم.
قال
ابن القيم: وفضول المخالطة هي الداء العضال، الجالب لكل شر; وكم سلبت
المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من
حرارة; ولا يسلم من شر مخالطة الناس، إلا من جعلهم أربعة أقسام:
أحدها:
من يجعل مخالطته بمنْزلة غذاه، فلا يستغني عنه في اليوم والليلة، فهو كلما
احتاج إليه خالطه، هكذا على الدوام؛ وهم العلماء بالله وأمره ومكائد عدوه،
وأمراض القلوب، الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولعباده، فهذا الضرب في
مخالطتهم الربح كله.
القسم
الثاني: من يجعل مخالطتهم كالدواء يستعمله عند المرض، فما دام صحيحا فلا
حاجة به إلى خلطته، وهؤلاء من لا يستغنى عنهم في مصلحة المعاش، وقيام ما
يحتاج إليه في أنواع المعاملات والمشاركات.
الثالث:
من مخالطتهم كالداء على اختلاف أنواعه وقوته وضعفه، وهؤلاء هم الذين لا
يستفاد منهم دينا ولا دنيا، ومخالطتهم هي الداء العضال.
القسم
الرابع: من مخالطته الهلكة بمنْزلة أكل السم، وما أكثر هذا الضرب لا كثرهم
الله، وهم أهل البدع والضلال، الصادون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الداعون إلى خلافها. انتهى. ومنهم أهل الفسوق والعصيان.
وأما فضول النظر،
فهو: أن يطلق الإنسان نظره فيما حرم عليه; قال ابن القيم: والعين رائد
القلب، فيبعث رائده لينظر، فإذا أخبره بحسن المنظور إليه، تحرك اشتياقا
إليه وطلبا له؛ وكثيرا ما يتعب نفسه، ومن أرسله؛ فإذا كف الرائد عن الكشف
والمطالعة، استراح القلب من كلفة الطلب والإرادة، فمن أطلق لحظاته دامت
حسراته.
وأكثر
المعاصي إنما تتولد من فضول الكلام، وفضول النظر، وهما أوسع مداخل الشيطان،
وفي غض البصر عن المحارم ثلاث فوائد عظيمة، جليلة القدر:
إحداها:
حلاوة الإيمان ولذته، التي هي أطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله، فإن
من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
الفائدة
الثانية: في غض البصر نور القلب وصحة الفراسة، قال أبو شجاع الكرماني: من
عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وكف نفسه عن الشهوات، وغض
بصره عن المحارم، واعتاد أكل الحلال، لم تخطئ له فراسة.
الفائدة
الثالثة: قوة القلب وثباته وشجاعته، فيعطيه الله بقوته سلطان البصيرة، كما
أعطاه بنوره سلطان الحجة؛ فيجمع له السلطانين، ويهرب الشيطان منه.
وأما فضول الاستماع،
فهو: أن يلقي الإنسان أذنيه لاستماع ما لا يحل، من الغيبة والنميمة، وقول
الزور; ومنه: سماع الأغاني، والأصوات المطربة؛ فإن كان من النساء فهو أخبث
وأنكر؛ وهذا باب واسع، ويتولد منه شرور كثيرة في الدين والدنيا. وقد قال
تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ
مَرُّوا كِرَاماً} [سورة الفرقان آية : 72]، وشهود الزور هو حضور مجالس
الباطل، والأغاني والدفوف من أعظم الزور.
وأما فضول المنام،
فهو أن يزيد الإنسان في النوم، على القدر الذي يحتاج إليه في راحة بدنه.
فإذا زاد على ذلك، حدث به أنواع من الضرر في الدين والدنيا، فإن الإكثار
منه مضر بالقلب، مولد للغفلة عن ذكر الله، مثقل للبدن عن طاعته، يفوت مصالح
الدنيا أيضا، وربما أدى إلى تفويت الصلوات الخمس، وغيرها من الطاعات، كما
هو واقع كثير؛ فهذه هي المسائل التي حضرت الكلام فيها عندنا.
أحدها:
فضول الطعام
الثانية:
فضول الكلام
الثالثة:
فضول المخالطات
الرابعة:
فضول النظر بالعين
الخامسة:
فضول الاستماع بالأذن
السادسة:
فضول النوم
وقد
بينا لك بعض الكلام عليها، وفائدة العلم: العمل، فعليك بالعمل بما وصفته أن
لا تأكل من الطعام ولا تشرب من الشراب إلا ما يحتاج إليه بدنك من غير
زيادة، وعلى حسب الزيادة تكون المضرة.
ثم تكف
لسانك عن كل ما لا ينفعك في دينك أو دنياك، والله أعلم، وصلى الله على
محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ذكر أن
ابن القيم أن الشيطان ينال غرضه من ابن آدم من ستة أبواب، وهي: فضول
الطعام، وفضول الكلام، وفضول مخالطة الناس، وفضول النظر، وفضول الاستماع،
وفضول المنام.
فأما فضول الطعام،
فهو: أن يأكل الإنسان فوق ما يحتاج إليه بدنه، وقد نهى الله عن ذلك حيث
يقول: :{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ} [سورة الأعراف آية : 31].
قال
ابن القيم: لأن فضول الطعام داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك
الجوارح إلى المعاصي، ويشغلها عن الطاعات، فكم من معصية جلبها الشبع، وفضول
الطعام; وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن 1 .
وأما فضول الكلام
فهو: أن يطلق الإنسان لسانه فيما لا يعينه، وأكبر منه أن يطلقه فيما لا
يحل له; قال ابن القيم: لأن فضول الكلام يفتح للعبد أبوابا من الشر، كلها
مداخل للشيطان، فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب، وكم من حرب
أثارتها كلمة واحدة.
وقال
النبي صلى الله عليه وسلم وهل يكب الناس في النار على مناخرهم، إلا حصائد
ألسنتهم 2. وفي الترمذي: أن رجلا من الأنصار توفي، فقال بعض الصحابة: طوبى
له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك لعله تكلم فيما لا يعينه، أو
بخل بما لا ينقصه 3 .
وأما فضول مخالطة الناس،
فهو: كون الإنسان لا يبالي بمن جالس وصاحب، فيجالس المؤمنين والمنافقين،
والمطيعين والعاصين، والطيبين والخبيثين، بل ربما جالس الكافرين،
والمرتدين، وخالطهم.
قال
ابن القيم: وفضول المخالطة هي الداء العضال، الجالب لكل شر; وكم سلبت
المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من
حرارة; ولا يسلم من شر مخالطة الناس، إلا من جعلهم أربعة أقسام:
أحدها:
من يجعل مخالطته بمنْزلة غذاه، فلا يستغني عنه في اليوم والليلة، فهو كلما
احتاج إليه خالطه، هكذا على الدوام؛ وهم العلماء بالله وأمره ومكائد عدوه،
وأمراض القلوب، الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولعباده، فهذا الضرب في
مخالطتهم الربح كله.
القسم
الثاني: من يجعل مخالطتهم كالدواء يستعمله عند المرض، فما دام صحيحا فلا
حاجة به إلى خلطته، وهؤلاء من لا يستغنى عنهم في مصلحة المعاش، وقيام ما
يحتاج إليه في أنواع المعاملات والمشاركات.
الثالث:
من مخالطتهم كالداء على اختلاف أنواعه وقوته وضعفه، وهؤلاء هم الذين لا
يستفاد منهم دينا ولا دنيا، ومخالطتهم هي الداء العضال.
القسم
الرابع: من مخالطته الهلكة بمنْزلة أكل السم، وما أكثر هذا الضرب لا كثرهم
الله، وهم أهل البدع والضلال، الصادون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الداعون إلى خلافها. انتهى. ومنهم أهل الفسوق والعصيان.
وأما فضول النظر،
فهو: أن يطلق الإنسان نظره فيما حرم عليه; قال ابن القيم: والعين رائد
القلب، فيبعث رائده لينظر، فإذا أخبره بحسن المنظور إليه، تحرك اشتياقا
إليه وطلبا له؛ وكثيرا ما يتعب نفسه، ومن أرسله؛ فإذا كف الرائد عن الكشف
والمطالعة، استراح القلب من كلفة الطلب والإرادة، فمن أطلق لحظاته دامت
حسراته.
وأكثر
المعاصي إنما تتولد من فضول الكلام، وفضول النظر، وهما أوسع مداخل الشيطان،
وفي غض البصر عن المحارم ثلاث فوائد عظيمة، جليلة القدر:
إحداها:
حلاوة الإيمان ولذته، التي هي أطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله، فإن
من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
الفائدة
الثانية: في غض البصر نور القلب وصحة الفراسة، قال أبو شجاع الكرماني: من
عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وكف نفسه عن الشهوات، وغض
بصره عن المحارم، واعتاد أكل الحلال، لم تخطئ له فراسة.
الفائدة
الثالثة: قوة القلب وثباته وشجاعته، فيعطيه الله بقوته سلطان البصيرة، كما
أعطاه بنوره سلطان الحجة؛ فيجمع له السلطانين، ويهرب الشيطان منه.
وأما فضول الاستماع،
فهو: أن يلقي الإنسان أذنيه لاستماع ما لا يحل، من الغيبة والنميمة، وقول
الزور; ومنه: سماع الأغاني، والأصوات المطربة؛ فإن كان من النساء فهو أخبث
وأنكر؛ وهذا باب واسع، ويتولد منه شرور كثيرة في الدين والدنيا. وقد قال
تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ
مَرُّوا كِرَاماً} [سورة الفرقان آية : 72]، وشهود الزور هو حضور مجالس
الباطل، والأغاني والدفوف من أعظم الزور.
وأما فضول المنام،
فهو أن يزيد الإنسان في النوم، على القدر الذي يحتاج إليه في راحة بدنه.
فإذا زاد على ذلك، حدث به أنواع من الضرر في الدين والدنيا، فإن الإكثار
منه مضر بالقلب، مولد للغفلة عن ذكر الله، مثقل للبدن عن طاعته، يفوت مصالح
الدنيا أيضا، وربما أدى إلى تفويت الصلوات الخمس، وغيرها من الطاعات، كما
هو واقع كثير؛ فهذه هي المسائل التي حضرت الكلام فيها عندنا.
أحدها:
فضول الطعام
الثانية:
فضول الكلام
الثالثة:
فضول المخالطات
الرابعة:
فضول النظر بالعين
الخامسة:
فضول الاستماع بالأذن
السادسة:
فضول النوم
وقد
بينا لك بعض الكلام عليها، وفائدة العلم: العمل، فعليك بالعمل بما وصفته أن
لا تأكل من الطعام ولا تشرب من الشراب إلا ما يحتاج إليه بدنك من غير
زيادة، وعلى حسب الزيادة تكون المضرة.
ثم تكف
لسانك عن كل ما لا ينفعك في دينك أو دنياك، والله أعلم، وصلى الله على
محمد وعلى آله وصحبه وسلم.