فــــــن المــســـــــرح .. دروس مـسـرحـيـة
________________________________________
فــــــن المــســـــــرح
****
كانت النصوص وستبقى مثار جدل لا ينتهي بوصفها فكرا ,ولكن هذا الفكر لا يتحقق اٍلا حين يجد الاستجابة والتلقي عندها يتحول إلى أسئلة وإجابات في الوقت ذاته .
والنصوص تتبلور عبر أساليب تعبيرها واتصالها مع الآخرين وبذلك تتجلى فاعليتها وقيمتها وتأثيرها.وليس شرطا ان يكون النص مرسلا عن طريق اللغة الطبيعية ( العربية الفصيحة ) او الدارجة ( العامية المصرية ) لكنه ينبغي أن يحمل معنى على الأقل.
هناك مسرحيات كثيرة نشاهدها ولا تحمل معنى وان كانت تحمله فالمعنى لا يصل للمتلقى بشكل أو اخر نكتفي ان كانت كوميدية ان نضحك او اجتماعية أن تتأسى بما فيها من أحداث ولكن المعنى الذى تريد المسرحية تقديمه لا يصل .
وقد يكون النص رسما او عملا فنيا أو مؤلفا موسيقيا أو بناءا معماريا كما يصفه - ايفا نوف - او حسب قول أحد النقاد
((ان النص عبارة عن لوحة فسيفسائية من الاقتباسات , وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص اخرى))
- جوليا كريستفا –
من هنا نستطيع القول ان النص هو فكر يحمل بعده التخيلي الرمزي ضمنا , وهذا التميز يمنحه أبعادا جديدة تتوالد مع كل قراءة أو مع كل مشاهدة من المتلقين .
هذه الاراء وغيرها تجد حيز تطبيقاتها في مجال الخطاب المسرحي الذي يتسع فيستوعب عديد من النصوص وتحولاتها ويرتقي بمعطياتها من اطار ثبوتيتها الى أنساق متنوعة التعبير بعد تحويلها من المقترح الذهني المتخيل ( الفكرة ) الى الإنجاز المشهدي الجمالي المحمل بالرموز والدلالات والإحالات التاويلية المفتوحة
( العرض المسرحي )
وهذا اعداد بسيط عن فن المسرح مصحوبا ببعض الآراء لبعض المخرجين والنقاد ممزوجا بخبرتي المتواضعة عنه .
الكتابة المشهدية
تعد الكتابة الحقيقية للمسرح تلك التي تتنامى في فضاء الخشبة وتستمر حتى لحظة اتصالها بالمتلقي , ولكن كيف تتحقق هذه الكتابة ؟ وهل تتخلى عن مدونة المكتوب تماما ؟ ام تكون منطلقا لها او تصبح جزءا من تعددية نصية تحفل بها البنية المشهدية الشاملة ؟
ومن خلال رؤيتي لعدد من المسرحيات وجدت ان معظم النصوص التي أنتجها كتاب مسرحنا العربي اعتمدت الصيغة اللغوية للتعبير والاتصال بما تتضمنه من وحدات صوتية ودلالية وأسلوبية وتركيبية تُستغل ضمن علاقات سردية, وليس على المواقف التعبيرية اقصد الحركة المعبرة والبنيات التكوينية باستثناء القلة من النصوص التي توفرت فيها شروط الكتابة من وصول الفكرة من خلال الحوار .
ان الأدائية ، تلك التي تجعل من الدراما مسرحا" بالفعل وليس أدبا مقروءا"، انها محاولة لتأكيد خصوصية المسرح عن غيره من فنون الأداء الواقعي والفنون متعددة الاتصالات.فالمسرح هدف وفن ورسالة سامية كم من النصوص أثارت جدلا فى مجتمعات وفتحت أعين من فيها إلى ان هناك خطا ما كم من النصوص التى تحدثت عن السلطة التى بلغت شكلا عاليا من الوضوح والقوه ألغت أمامها شخصية الفرد كم من النصوص كانت قنابل وكم من النصوص شوهدت فلم يخرج منها المتلقي بأى فائدة سوى انه قضى وقتا ممتعا امام بعض الأشخاص يؤدون حركات وجمل لغوية فقط وكم من النصوص بقيت ولا زالت عالقة بوجدان المتلقي ذلك ان فكرتها المنشودة من المؤلف أو المبدع ظهرت جلية من خلال التمثيل الحقيقي المدروس والمشاهد المنظمة المُبدعة إخراجيا .
تكيف النص مع العرض المسرحي
يعد النص المسرحي المكتوب وفق مفهوم المسرحة عنصرا ثابتا او مدونة مستقرة تشكلها مجموعة علامات لفظية – لغوية- محددة ولكن تكيفه ضمن نمط العرض يحوله الى بؤرة من الاحتمالات والتوقعات اللامحدوة ، حيث ان الصورة والحركة حين تلازمان اللغة تعملان على تحويلها من كونها علاقة ثابتة الدلالة الى كونها طاقة إيحائية ومركز من مراكز التعبير يحفل بها خطاب العرض.
ووفق هذه المعالجة يتحرر النص المكتوب من اسر اللغة الملفوظة فينطلق نحو آفاق الانفتاح والتعددية ليندمج مع الكتابة المشهدية والتي بدورها تحتويه ضمن العلامات والوحدات السيميائية التي تنتمي لأنظمة مختلفة ومركبة معاً.
وهذا التكيف لايعمل عليه المخرج فحسب بوصفه القارئ النموذجي لمدونة المكتوب والتي يسعى لتوجيه دلالاتها وفقا لموقفه النقدي الجدلي والفكري الجمالي ، بل انه يشمل إطراف الإنتاج كافة فمع كل قراءة يطرأ تكيف جديد وهذا ما يسميه الأكاديميون الرؤية الإخراجية والتى قدرت عوامل نجاحها على نجاح المخرج فى إبهار المتلقي بالصورة واللفظ .
المـسـرحـة
المسرحة تعني التجسد الحي وتحويل القولي الى مرئي فالممثل هنا يتصدر هذا العنصر من عناصر عناصر التكيف بل يصبح هو المنتج وحامل المسرحة بوصفه جزءا مهما من بنية الخطاب المسرحي التى لا يبنيها إلا شيئان الممثل والجمهور .
فالممثل ليس منفذا آليا في هذه المنظومة بل هو قارئ له فهمه الخاص وتأويلاته لوحدات النص التي يترجمها عبر أفعاله الجسدية حيث يقوم بنطق جمل دوره فى المسرحية على الخشبة بهيئة علامات وبنيات رمزية وحركيه معالجة بواسطة دفقاته الشعورية ورغباته بناءا على تعليمات المخرج بوصفه فاعلا ومنتجاً عبر ادواته الجسدية والصوتية التي يكيفها امام كل الاحتمالات والحالات والمواقف التي تتطلبها طبيعة الشخصية وعلاقاتها مع الآخر ومع نجاحه فى تكييفه مع دورة ينجح العرض .وعلى هذا فلا يحق للمخرج أيضا ان يحول الممثل الى أداة لنقل وجهة نظرة بل عليه الا يلغى شخصيته وان يكون له دوره الفعال فى تكيفه مع الحدث.
(( جسد الممثل لا يقتصر على كونه آداة فحسب ، وإنما يحول ما يحيط به الى فعل المسرح وقد يحول الكلام الى دلالات حركية ، يكون هذا الجسد جزء من اى شئ حوله المكان ، الزمن ،الحكاية، الحوادث، السينوغرافيا، الموسيقي ، الإضاءة ، الملابس )) .
سعد أرد ش
وعلى هذا فدور الممثل
1*يوائم أفعاله مع عناصر الموضوع ولا ينعزل عن النسق المسرحي لكنه ينفلت من ذاته ويحرر جسده ويتكيف مع الشخصية بتركيزة وفهمه لها .
2*يتدرب على استخدام أدواته المعبرة مثل صوته , يديه , جسده وخاصة النصف العلوي وأخيرا وجهه
3* يكون حريصا على اخراج العمل بصورة ترضيه هو لا ترضى الجمهور عليه أولا ان يشعر بالرضا عما يقدمه دوره وهذا الإحساس يأتي من تفهمه لدوره وإحساسه به.
4* يكيف نفسه مع أقرانه فى العمل لان العمل بروح الفريق يساعد كثيرا على تخطى عقبات التمثيل للمرة الأولى.
5* الممثل لابد ان يكون مرآة فريقه فيجب أن يكون دوما حواره مع الآخرين ليس عن نفسه وإنما يستخدم صيغة الجمع بينه وبين فريقه
((ان تكون ممثلا يعني ان تحرر نفسك ، فالدور الذي تلعبه ما هو إلا جزء من منظومة درامية محبوكة في النص والممثل الجيد هو الذي يستطيع توظيف أدواته المسرحية مثل صوته وعقله وجسده فى إطار العرض والدور المكتوب له تماما كالعازف الذي يظبط أوتار آلته ))
محمد صبحي
أهمية القراءة بالنسبة للمخرج:
قراءة المخرج تقوده الى اختيار رؤيته الخاصة لمعالجة النص المكتوب واعادة بنائه هذا لو كان النص ليس من تأليف المخرج وهو يريد وضع صورة أخرى أو رؤية إخراجية أخرى للنص , هذه الرؤية ستقلب أفاق النص وتغير استراتيجياته ومع كل خروج نصي او مسرحي على المنطق السائد يعد من قبيل المسرحة وإضافة عناصر جديدة لم تكن موجودة أصلا او عجز عن كشفها النص المكتوب , فالمخرج يملئ فجوات المرسل الاول بل وأحيانا يخلخل بنية المكتوب تماما ويشيد تحديداته الذاتيه في الفضاء المسرحي عندها سيتحول النص المكتوب الى تداولية بصرية تظهر فيها الصيغ اللغوية كأنساق وعلامات حسية وبصرية.
التلقي والمتلقين Reception :
لابد ان يركز المخرج المسرحي على تقنية التلقي فمثلا لو كان العرض للجنة تحكيم او للجنة سوف تقيمه لابد ان يضع اللجنة فى اعتباراته الأولى وان يوجه خطابه لهم أولا حتى ولو أدى هذا الى تغير مدرستة فى التلقي فاللجنة تريد ان ترى النص المسرحي بشكل معين قد يراه المخرج أعلى من مقدرة المتلقين على الفهم فيجب عليه ان يهمل فهم المتلقين الى فهم اللجنة التى سوف تقيم عمله اما لو كانت العروض جماهيريه بمعنى ان الحكم فيها هو جمهور المتلقين فإن المتلقين ينقسمون الى اقسام
* قسم مثقف ( طلبة جامعات , أكاديميين مسرحيين ) يجب أن يعرض النص حسب عملية إبداعية متوازيه يراعى فيها عنصر التجريب الأولى والترميز ذلك الشئ الذى لا يلغى شخصية المتفرج فهذا متلقي لة قدرة على استيعاب النص وتفكيكه وإعادة إنتاجه في التو واللحظة ،
* قسم متوسط الثقافة وهذا القسم لابد ان يقدم له العمل المسرحي فى صورة بسيطة لا تخلو أيضا من جود الرمز والترميز
* قسم غير مثقف وغالبا يكون قاعده عريضة وهنا يجب مراعاة تقديم العرض بشكل يناسب تفهمه البسيط للقضية التى يعرضها العمل ولا بأس من تضفير عمله ببعض المؤثرات الصوتيه التى تناسب إمكانياته التفهمية
ولا ينسى ابدا كفاءة التلقي تساهم في تكاملية العرض
العرض المسرحي وبقية الفنون:
ان ما يغير خطاب المسرح عن بقية الفنون الدرامية هو ذلك الحضور الآني واللقاء المباشر بين الممثل وجمهوره ، ومن هنا تتأتى خصوصيته في تحقيق زمكانية مشتركة للتلقي بين منتجيه. وتتوقف عملية الاتصال على قدرة الممثلين الذين يقومون ببث هذا الزخم من العلامات التي ترد عبر شبكة متنوعة من المصادر الثابتة والمتحركة في العرض .
ان هذه الرسائل تتأثر بفعالية التلقي وبالخبرات السابقة الاجتماعيةوالثقافية والمعرفة بسياق العرض وشفراته.
((ان المسرحة تبدو كما لو كانت دمجا للخيال في عرض داخل فضاء مغاير يضع الناظر والمنظور كلا في مواجه الاخر))
برنارد شو
كتابة النص المسرحي
تتفاوت النصوص في صيغ كتابتها المسرحية فمنها ما يبنى على أساس المواقف اللغوية وينتمي الى الطابع السردي وهو الغالب فى المسرحيات الكوميدية التي لا تناقش قضايا قوميه بل تناقش قضايا مجتمعيه مثل مسرحية ( الواد سيد الشغال ) التى تناقش قضية سطوة الطبقة الغنية على مجريات الأمور فى المجتمع , ومسرحية ( عالم كوره كوره ) التي تناقش قضية التعصب الكروى فى هذا النوع من العروض تبدو الشخصيات المسطحة وقد اتسعت افقيا مع امتداد الحبكة القصصية او الفنيه التى يراها المخرج ويدعمها بمزيد من الكوميديا الحركية او النصيه التى تبهر المتلقى وتجعله ينسى همه
وصيغة اخرى تتميز ببنية تكوينية تنتمي الى فضاء الخشبة وحوارية مكثفة لكنها تختزن بالاشارات والايحاءات المكملة من خارج النص .وهو الغالب فى النصوص الوطنيه او المسرح السياسى مثل مسرح محمد صبحى وهذا النوع من المسرح يسمى ( مسرح الصدمه ).
أساسيات العمل المسرحي ( كتابة )
أولا : الراوي
ويكون فى المسرحيات ذات الطابع الكلاسيكي او الحكايا او التأريخ والتأصيل التاريخي ويقوم بمهمة السرد ويكون وسيطا بين المؤلف والشخصيات ويضطلع بمهمة توجيهها في الصيغة السردية ، وهنا تكاد سلطة الراوي تتساوى مع سلطة المؤلف ضمن الخطاب الشمولي للعمل بينما وقد يكون الرواى فى بعض الأحيان هو لسان المؤلف وقد يكون هو المؤلف نفسه.
ثانيا : الشخصيات المسرحية
أبطال العمل الذى يتجسد العمل فى فضاء المسرح بهم
ثالثا : الزمكانية ( المسرح فى اطار الزمان والمكان )
ان السرد يتمتع بإمكانيات زمانية ومكانية كبيرة ومتنوعة ، اذ لا توجد قيود او صعوبات تحد من مساحة المكان او امتداد الزمان اللذين يدور فيهما الخطاب فهناك قدرة على التوغل داخلهما الى الماضي او المستقبل او الانتقال من مكان الى اخر. ويجوز ايضا من وجهة نظرى ان يتلاعب المؤلف بالتاريخ كيفما شاء وان يتجول فى التاريخ كما قلت وذلك تدعيما لقضية ما أو التعويل عليها.
بين الحكي و الزمكانية :
وبما ان الحكي يسبق دائما المحكي فغالبا ما يكون السرد في اطار الزمن الماضي برغم استخدام صيغ المضارعة وزمن الحاضر. اما زمان – مكان الصيغة المسرحية فهو حاضر دائما بالرغم من تغير المكان في المسرحية لان الخطاب المسرحي يرتبط وينجز مع المتلقي وهنا يكون وقوع الحدث في حاضر اتصال المتلقي بالخشبة في حالة العرض او بتمثلها على الورق بالنسبة للنص الدرامي المقرؤء.
وهناك خاصية سيميائية للمسرح تزيد من حدة إشكالية اللغة فيه حيث ان المشهد بجوانبه المختلفة من تشكيل مكاني واضاءة وملابس وايحاءات وعناصر أخرى يقوم بدور مجموعة العلامات المتكافئة او المتقاطعة مع العلامات اللغوية
(( يتميز العرض المسرحي باستخدامه لقائمة متناهية من الدوال لتوليد عدد لامتناه من الوحدات الثقافية ، وهذه القدرة التوليدية الفعالة التي يملكها الدال المسرحي تعود جزئيا الى اتساع دلالاته المصاحبة وهذا يفسر التعدد الدلالي للعلامة))
كير إيلام ..كاتب مسرحي كندى
بين العرض المسرحي والنص المسرحي:
إن اللغة في العرض المسرحي تتحول من حالة نقل – المعنى- الى أداء – توصيل- بالإضافة الى الكثير من الأدوات والصور المسرحية التي تشكل جميعا لغة المسرح. ومن خلال مامر ذكره يمكننا إجراء مقارنة بين مدونة المكتوب – النص الأدبي – والعرض المسرحي
نستخلص الفروقات الآتية:
1- للنص الأدبي وجود تأريخي بينما لا يمتلك العرض مثل هذا خارج حدود تحققه فمن الممكن ان يكون العرض يتجول فى التاريخ ليس بواسطة الكتابة بل بواسطة أدوات أخرى مثل الديكور والملابس والنزعة الموسيقية .
2- النص مدونة كتابية مستقرة في حين نجد العرض عمل غير تدويني، انه نظام متحرك عابر وزائل بانتهاء مدة العرض.
3- يمتاز النص بثبات إبعاده كافة ، لكن العرض متغير الأبعاد ومختلف من تجربة الى تجربة أخرى.
5- وجود النص بالقوة أي بفرض نفسه ، بينما وجود العرض بالفعل بتأثيره على المشاهد .
6- النص مسرحة الخيال أما العرض فمسرحة للواقع.
7- النص عالم فيه الكثير من الافتراض بينما يكون هذا المجال محددا في العرض المسرحي.
الكتابة المسرحية المعاصرة
وفيما يتعلق بالكتابة المسرحية المعاصرة او مستوى العلاقة بين النص المكتوب والعرض Performance تتحدد بوجهتي نظر متطرفتين هما :-
1- أن العرض تعبير عن النص المكتوب وهو نتاج له ، وقيمة العرض تستمد من براعة المخرج على فهم النص
2- العرض متحرر من النص ، أي أن النص ممهد او نص قبلي - Pretext وقيمته تستمد من قدرته على ان يصبح واقعة جماليا بذاته.
((العرض المسرح بدون نص ، انطلاقا من المضمون المحدد للخطاب الدرامي ،وهي عملية التلقي الجماعي للحظات الشعورية والحركات وطبقات الصوت والمسافات والمواد المستخدمة والإضاءة وكل ما يكشف عن ثراء المحتوى الظاهري للنص))
رولان بارت
المخرج المسرحي :
المخرج المسرحي وجهة العمل المسرحي حيث تُلقى كل أحمال العرض على عاتقه فيجب عليه أولا ان يتكيف مع النص المكتوب ويحاول سبر أغواره واكتشاف خباياه التى يريدها المؤلف والتى لم يعول عليها المؤلف ورؤية المخرج لابد ان تكون متوائمة لجو فريقه فلا يرهق المخرج فريقة برؤية مسرحية تفوق احتماليات إبداعهم فيجب عليه تفهم عقلية كل فرد فى فريقه , شخصيته و أدواره التي تناسبه وان يكتشف الموهوب منهم ويكتشف ذراعا أيمن للنص ونقط الثبات الإبداعية التي فى ممثليه يجب عليه ان لايفرض عليهم سلطة المخرج .
فيجب أن يقنن هذا الحس فيه ويعطى كل فرد فى الفريقه حريته فى الإحساس بدور أو غيره ويجب عليه ايضا ان يكون صبورا فى التعامل مع المشاكل السماويه ( الغير معروفه ) التى يتعرض لها فريقه وألا يعنف فى تعامله مع المشاكل ويجب عليه ايضا ان يكون محايدا فى تقسيم رؤيته الإخراجية على ممثليه.
وأخيرا يبقى المسرح هو الرؤية التي تُغني النص وتضمن له البقاء , وهي الكتابة التي نأمل أن تُنير عتمة المشهد وتُؤتى ثمار كاتبها بإبداع مخرجها .
________________________________________
فــــــن المــســـــــرح
****
كانت النصوص وستبقى مثار جدل لا ينتهي بوصفها فكرا ,ولكن هذا الفكر لا يتحقق اٍلا حين يجد الاستجابة والتلقي عندها يتحول إلى أسئلة وإجابات في الوقت ذاته .
والنصوص تتبلور عبر أساليب تعبيرها واتصالها مع الآخرين وبذلك تتجلى فاعليتها وقيمتها وتأثيرها.وليس شرطا ان يكون النص مرسلا عن طريق اللغة الطبيعية ( العربية الفصيحة ) او الدارجة ( العامية المصرية ) لكنه ينبغي أن يحمل معنى على الأقل.
هناك مسرحيات كثيرة نشاهدها ولا تحمل معنى وان كانت تحمله فالمعنى لا يصل للمتلقى بشكل أو اخر نكتفي ان كانت كوميدية ان نضحك او اجتماعية أن تتأسى بما فيها من أحداث ولكن المعنى الذى تريد المسرحية تقديمه لا يصل .
وقد يكون النص رسما او عملا فنيا أو مؤلفا موسيقيا أو بناءا معماريا كما يصفه - ايفا نوف - او حسب قول أحد النقاد
((ان النص عبارة عن لوحة فسيفسائية من الاقتباسات , وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص اخرى))
- جوليا كريستفا –
من هنا نستطيع القول ان النص هو فكر يحمل بعده التخيلي الرمزي ضمنا , وهذا التميز يمنحه أبعادا جديدة تتوالد مع كل قراءة أو مع كل مشاهدة من المتلقين .
هذه الاراء وغيرها تجد حيز تطبيقاتها في مجال الخطاب المسرحي الذي يتسع فيستوعب عديد من النصوص وتحولاتها ويرتقي بمعطياتها من اطار ثبوتيتها الى أنساق متنوعة التعبير بعد تحويلها من المقترح الذهني المتخيل ( الفكرة ) الى الإنجاز المشهدي الجمالي المحمل بالرموز والدلالات والإحالات التاويلية المفتوحة
( العرض المسرحي )
وهذا اعداد بسيط عن فن المسرح مصحوبا ببعض الآراء لبعض المخرجين والنقاد ممزوجا بخبرتي المتواضعة عنه .
الكتابة المشهدية
تعد الكتابة الحقيقية للمسرح تلك التي تتنامى في فضاء الخشبة وتستمر حتى لحظة اتصالها بالمتلقي , ولكن كيف تتحقق هذه الكتابة ؟ وهل تتخلى عن مدونة المكتوب تماما ؟ ام تكون منطلقا لها او تصبح جزءا من تعددية نصية تحفل بها البنية المشهدية الشاملة ؟
ومن خلال رؤيتي لعدد من المسرحيات وجدت ان معظم النصوص التي أنتجها كتاب مسرحنا العربي اعتمدت الصيغة اللغوية للتعبير والاتصال بما تتضمنه من وحدات صوتية ودلالية وأسلوبية وتركيبية تُستغل ضمن علاقات سردية, وليس على المواقف التعبيرية اقصد الحركة المعبرة والبنيات التكوينية باستثناء القلة من النصوص التي توفرت فيها شروط الكتابة من وصول الفكرة من خلال الحوار .
ان الأدائية ، تلك التي تجعل من الدراما مسرحا" بالفعل وليس أدبا مقروءا"، انها محاولة لتأكيد خصوصية المسرح عن غيره من فنون الأداء الواقعي والفنون متعددة الاتصالات.فالمسرح هدف وفن ورسالة سامية كم من النصوص أثارت جدلا فى مجتمعات وفتحت أعين من فيها إلى ان هناك خطا ما كم من النصوص التى تحدثت عن السلطة التى بلغت شكلا عاليا من الوضوح والقوه ألغت أمامها شخصية الفرد كم من النصوص كانت قنابل وكم من النصوص شوهدت فلم يخرج منها المتلقي بأى فائدة سوى انه قضى وقتا ممتعا امام بعض الأشخاص يؤدون حركات وجمل لغوية فقط وكم من النصوص بقيت ولا زالت عالقة بوجدان المتلقي ذلك ان فكرتها المنشودة من المؤلف أو المبدع ظهرت جلية من خلال التمثيل الحقيقي المدروس والمشاهد المنظمة المُبدعة إخراجيا .
تكيف النص مع العرض المسرحي
يعد النص المسرحي المكتوب وفق مفهوم المسرحة عنصرا ثابتا او مدونة مستقرة تشكلها مجموعة علامات لفظية – لغوية- محددة ولكن تكيفه ضمن نمط العرض يحوله الى بؤرة من الاحتمالات والتوقعات اللامحدوة ، حيث ان الصورة والحركة حين تلازمان اللغة تعملان على تحويلها من كونها علاقة ثابتة الدلالة الى كونها طاقة إيحائية ومركز من مراكز التعبير يحفل بها خطاب العرض.
ووفق هذه المعالجة يتحرر النص المكتوب من اسر اللغة الملفوظة فينطلق نحو آفاق الانفتاح والتعددية ليندمج مع الكتابة المشهدية والتي بدورها تحتويه ضمن العلامات والوحدات السيميائية التي تنتمي لأنظمة مختلفة ومركبة معاً.
وهذا التكيف لايعمل عليه المخرج فحسب بوصفه القارئ النموذجي لمدونة المكتوب والتي يسعى لتوجيه دلالاتها وفقا لموقفه النقدي الجدلي والفكري الجمالي ، بل انه يشمل إطراف الإنتاج كافة فمع كل قراءة يطرأ تكيف جديد وهذا ما يسميه الأكاديميون الرؤية الإخراجية والتى قدرت عوامل نجاحها على نجاح المخرج فى إبهار المتلقي بالصورة واللفظ .
المـسـرحـة
المسرحة تعني التجسد الحي وتحويل القولي الى مرئي فالممثل هنا يتصدر هذا العنصر من عناصر عناصر التكيف بل يصبح هو المنتج وحامل المسرحة بوصفه جزءا مهما من بنية الخطاب المسرحي التى لا يبنيها إلا شيئان الممثل والجمهور .
فالممثل ليس منفذا آليا في هذه المنظومة بل هو قارئ له فهمه الخاص وتأويلاته لوحدات النص التي يترجمها عبر أفعاله الجسدية حيث يقوم بنطق جمل دوره فى المسرحية على الخشبة بهيئة علامات وبنيات رمزية وحركيه معالجة بواسطة دفقاته الشعورية ورغباته بناءا على تعليمات المخرج بوصفه فاعلا ومنتجاً عبر ادواته الجسدية والصوتية التي يكيفها امام كل الاحتمالات والحالات والمواقف التي تتطلبها طبيعة الشخصية وعلاقاتها مع الآخر ومع نجاحه فى تكييفه مع دورة ينجح العرض .وعلى هذا فلا يحق للمخرج أيضا ان يحول الممثل الى أداة لنقل وجهة نظرة بل عليه الا يلغى شخصيته وان يكون له دوره الفعال فى تكيفه مع الحدث.
(( جسد الممثل لا يقتصر على كونه آداة فحسب ، وإنما يحول ما يحيط به الى فعل المسرح وقد يحول الكلام الى دلالات حركية ، يكون هذا الجسد جزء من اى شئ حوله المكان ، الزمن ،الحكاية، الحوادث، السينوغرافيا، الموسيقي ، الإضاءة ، الملابس )) .
سعد أرد ش
وعلى هذا فدور الممثل
1*يوائم أفعاله مع عناصر الموضوع ولا ينعزل عن النسق المسرحي لكنه ينفلت من ذاته ويحرر جسده ويتكيف مع الشخصية بتركيزة وفهمه لها .
2*يتدرب على استخدام أدواته المعبرة مثل صوته , يديه , جسده وخاصة النصف العلوي وأخيرا وجهه
3* يكون حريصا على اخراج العمل بصورة ترضيه هو لا ترضى الجمهور عليه أولا ان يشعر بالرضا عما يقدمه دوره وهذا الإحساس يأتي من تفهمه لدوره وإحساسه به.
4* يكيف نفسه مع أقرانه فى العمل لان العمل بروح الفريق يساعد كثيرا على تخطى عقبات التمثيل للمرة الأولى.
5* الممثل لابد ان يكون مرآة فريقه فيجب أن يكون دوما حواره مع الآخرين ليس عن نفسه وإنما يستخدم صيغة الجمع بينه وبين فريقه
((ان تكون ممثلا يعني ان تحرر نفسك ، فالدور الذي تلعبه ما هو إلا جزء من منظومة درامية محبوكة في النص والممثل الجيد هو الذي يستطيع توظيف أدواته المسرحية مثل صوته وعقله وجسده فى إطار العرض والدور المكتوب له تماما كالعازف الذي يظبط أوتار آلته ))
محمد صبحي
أهمية القراءة بالنسبة للمخرج:
قراءة المخرج تقوده الى اختيار رؤيته الخاصة لمعالجة النص المكتوب واعادة بنائه هذا لو كان النص ليس من تأليف المخرج وهو يريد وضع صورة أخرى أو رؤية إخراجية أخرى للنص , هذه الرؤية ستقلب أفاق النص وتغير استراتيجياته ومع كل خروج نصي او مسرحي على المنطق السائد يعد من قبيل المسرحة وإضافة عناصر جديدة لم تكن موجودة أصلا او عجز عن كشفها النص المكتوب , فالمخرج يملئ فجوات المرسل الاول بل وأحيانا يخلخل بنية المكتوب تماما ويشيد تحديداته الذاتيه في الفضاء المسرحي عندها سيتحول النص المكتوب الى تداولية بصرية تظهر فيها الصيغ اللغوية كأنساق وعلامات حسية وبصرية.
التلقي والمتلقين Reception :
لابد ان يركز المخرج المسرحي على تقنية التلقي فمثلا لو كان العرض للجنة تحكيم او للجنة سوف تقيمه لابد ان يضع اللجنة فى اعتباراته الأولى وان يوجه خطابه لهم أولا حتى ولو أدى هذا الى تغير مدرستة فى التلقي فاللجنة تريد ان ترى النص المسرحي بشكل معين قد يراه المخرج أعلى من مقدرة المتلقين على الفهم فيجب عليه ان يهمل فهم المتلقين الى فهم اللجنة التى سوف تقيم عمله اما لو كانت العروض جماهيريه بمعنى ان الحكم فيها هو جمهور المتلقين فإن المتلقين ينقسمون الى اقسام
* قسم مثقف ( طلبة جامعات , أكاديميين مسرحيين ) يجب أن يعرض النص حسب عملية إبداعية متوازيه يراعى فيها عنصر التجريب الأولى والترميز ذلك الشئ الذى لا يلغى شخصية المتفرج فهذا متلقي لة قدرة على استيعاب النص وتفكيكه وإعادة إنتاجه في التو واللحظة ،
* قسم متوسط الثقافة وهذا القسم لابد ان يقدم له العمل المسرحي فى صورة بسيطة لا تخلو أيضا من جود الرمز والترميز
* قسم غير مثقف وغالبا يكون قاعده عريضة وهنا يجب مراعاة تقديم العرض بشكل يناسب تفهمه البسيط للقضية التى يعرضها العمل ولا بأس من تضفير عمله ببعض المؤثرات الصوتيه التى تناسب إمكانياته التفهمية
ولا ينسى ابدا كفاءة التلقي تساهم في تكاملية العرض
العرض المسرحي وبقية الفنون:
ان ما يغير خطاب المسرح عن بقية الفنون الدرامية هو ذلك الحضور الآني واللقاء المباشر بين الممثل وجمهوره ، ومن هنا تتأتى خصوصيته في تحقيق زمكانية مشتركة للتلقي بين منتجيه. وتتوقف عملية الاتصال على قدرة الممثلين الذين يقومون ببث هذا الزخم من العلامات التي ترد عبر شبكة متنوعة من المصادر الثابتة والمتحركة في العرض .
ان هذه الرسائل تتأثر بفعالية التلقي وبالخبرات السابقة الاجتماعيةوالثقافية والمعرفة بسياق العرض وشفراته.
((ان المسرحة تبدو كما لو كانت دمجا للخيال في عرض داخل فضاء مغاير يضع الناظر والمنظور كلا في مواجه الاخر))
برنارد شو
كتابة النص المسرحي
تتفاوت النصوص في صيغ كتابتها المسرحية فمنها ما يبنى على أساس المواقف اللغوية وينتمي الى الطابع السردي وهو الغالب فى المسرحيات الكوميدية التي لا تناقش قضايا قوميه بل تناقش قضايا مجتمعيه مثل مسرحية ( الواد سيد الشغال ) التى تناقش قضية سطوة الطبقة الغنية على مجريات الأمور فى المجتمع , ومسرحية ( عالم كوره كوره ) التي تناقش قضية التعصب الكروى فى هذا النوع من العروض تبدو الشخصيات المسطحة وقد اتسعت افقيا مع امتداد الحبكة القصصية او الفنيه التى يراها المخرج ويدعمها بمزيد من الكوميديا الحركية او النصيه التى تبهر المتلقى وتجعله ينسى همه
وصيغة اخرى تتميز ببنية تكوينية تنتمي الى فضاء الخشبة وحوارية مكثفة لكنها تختزن بالاشارات والايحاءات المكملة من خارج النص .وهو الغالب فى النصوص الوطنيه او المسرح السياسى مثل مسرح محمد صبحى وهذا النوع من المسرح يسمى ( مسرح الصدمه ).
أساسيات العمل المسرحي ( كتابة )
أولا : الراوي
ويكون فى المسرحيات ذات الطابع الكلاسيكي او الحكايا او التأريخ والتأصيل التاريخي ويقوم بمهمة السرد ويكون وسيطا بين المؤلف والشخصيات ويضطلع بمهمة توجيهها في الصيغة السردية ، وهنا تكاد سلطة الراوي تتساوى مع سلطة المؤلف ضمن الخطاب الشمولي للعمل بينما وقد يكون الرواى فى بعض الأحيان هو لسان المؤلف وقد يكون هو المؤلف نفسه.
ثانيا : الشخصيات المسرحية
أبطال العمل الذى يتجسد العمل فى فضاء المسرح بهم
ثالثا : الزمكانية ( المسرح فى اطار الزمان والمكان )
ان السرد يتمتع بإمكانيات زمانية ومكانية كبيرة ومتنوعة ، اذ لا توجد قيود او صعوبات تحد من مساحة المكان او امتداد الزمان اللذين يدور فيهما الخطاب فهناك قدرة على التوغل داخلهما الى الماضي او المستقبل او الانتقال من مكان الى اخر. ويجوز ايضا من وجهة نظرى ان يتلاعب المؤلف بالتاريخ كيفما شاء وان يتجول فى التاريخ كما قلت وذلك تدعيما لقضية ما أو التعويل عليها.
بين الحكي و الزمكانية :
وبما ان الحكي يسبق دائما المحكي فغالبا ما يكون السرد في اطار الزمن الماضي برغم استخدام صيغ المضارعة وزمن الحاضر. اما زمان – مكان الصيغة المسرحية فهو حاضر دائما بالرغم من تغير المكان في المسرحية لان الخطاب المسرحي يرتبط وينجز مع المتلقي وهنا يكون وقوع الحدث في حاضر اتصال المتلقي بالخشبة في حالة العرض او بتمثلها على الورق بالنسبة للنص الدرامي المقرؤء.
وهناك خاصية سيميائية للمسرح تزيد من حدة إشكالية اللغة فيه حيث ان المشهد بجوانبه المختلفة من تشكيل مكاني واضاءة وملابس وايحاءات وعناصر أخرى يقوم بدور مجموعة العلامات المتكافئة او المتقاطعة مع العلامات اللغوية
(( يتميز العرض المسرحي باستخدامه لقائمة متناهية من الدوال لتوليد عدد لامتناه من الوحدات الثقافية ، وهذه القدرة التوليدية الفعالة التي يملكها الدال المسرحي تعود جزئيا الى اتساع دلالاته المصاحبة وهذا يفسر التعدد الدلالي للعلامة))
كير إيلام ..كاتب مسرحي كندى
بين العرض المسرحي والنص المسرحي:
إن اللغة في العرض المسرحي تتحول من حالة نقل – المعنى- الى أداء – توصيل- بالإضافة الى الكثير من الأدوات والصور المسرحية التي تشكل جميعا لغة المسرح. ومن خلال مامر ذكره يمكننا إجراء مقارنة بين مدونة المكتوب – النص الأدبي – والعرض المسرحي
نستخلص الفروقات الآتية:
1- للنص الأدبي وجود تأريخي بينما لا يمتلك العرض مثل هذا خارج حدود تحققه فمن الممكن ان يكون العرض يتجول فى التاريخ ليس بواسطة الكتابة بل بواسطة أدوات أخرى مثل الديكور والملابس والنزعة الموسيقية .
2- النص مدونة كتابية مستقرة في حين نجد العرض عمل غير تدويني، انه نظام متحرك عابر وزائل بانتهاء مدة العرض.
3- يمتاز النص بثبات إبعاده كافة ، لكن العرض متغير الأبعاد ومختلف من تجربة الى تجربة أخرى.
5- وجود النص بالقوة أي بفرض نفسه ، بينما وجود العرض بالفعل بتأثيره على المشاهد .
6- النص مسرحة الخيال أما العرض فمسرحة للواقع.
7- النص عالم فيه الكثير من الافتراض بينما يكون هذا المجال محددا في العرض المسرحي.
الكتابة المسرحية المعاصرة
وفيما يتعلق بالكتابة المسرحية المعاصرة او مستوى العلاقة بين النص المكتوب والعرض Performance تتحدد بوجهتي نظر متطرفتين هما :-
1- أن العرض تعبير عن النص المكتوب وهو نتاج له ، وقيمة العرض تستمد من براعة المخرج على فهم النص
2- العرض متحرر من النص ، أي أن النص ممهد او نص قبلي - Pretext وقيمته تستمد من قدرته على ان يصبح واقعة جماليا بذاته.
((العرض المسرح بدون نص ، انطلاقا من المضمون المحدد للخطاب الدرامي ،وهي عملية التلقي الجماعي للحظات الشعورية والحركات وطبقات الصوت والمسافات والمواد المستخدمة والإضاءة وكل ما يكشف عن ثراء المحتوى الظاهري للنص))
رولان بارت
المخرج المسرحي :
المخرج المسرحي وجهة العمل المسرحي حيث تُلقى كل أحمال العرض على عاتقه فيجب عليه أولا ان يتكيف مع النص المكتوب ويحاول سبر أغواره واكتشاف خباياه التى يريدها المؤلف والتى لم يعول عليها المؤلف ورؤية المخرج لابد ان تكون متوائمة لجو فريقه فلا يرهق المخرج فريقة برؤية مسرحية تفوق احتماليات إبداعهم فيجب عليه تفهم عقلية كل فرد فى فريقه , شخصيته و أدواره التي تناسبه وان يكتشف الموهوب منهم ويكتشف ذراعا أيمن للنص ونقط الثبات الإبداعية التي فى ممثليه يجب عليه ان لايفرض عليهم سلطة المخرج .
فيجب أن يقنن هذا الحس فيه ويعطى كل فرد فى الفريقه حريته فى الإحساس بدور أو غيره ويجب عليه ايضا ان يكون صبورا فى التعامل مع المشاكل السماويه ( الغير معروفه ) التى يتعرض لها فريقه وألا يعنف فى تعامله مع المشاكل ويجب عليه ايضا ان يكون محايدا فى تقسيم رؤيته الإخراجية على ممثليه.
وأخيرا يبقى المسرح هو الرؤية التي تُغني النص وتضمن له البقاء , وهي الكتابة التي نأمل أن تُنير عتمة المشهد وتُؤتى ثمار كاتبها بإبداع مخرجها .