للإستفادة ايها القادة
المبحث الأول:المفهوم والخصائص السنية للأحداث في التنظيم الكشفي
المطلب الأول: مفهوم الأحداث.
المطلب الثاني: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الأشبال(من07-11).
المطلب الثالث: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الكشاف(من12-15).
المطلب الرابع: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الكشاف المتقدم(من15-17)
المطلب الخامس: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الجوالة(من17-21).
المبحث الثاني:الإطار التاريخي للتنظيم الكشفي
المطلب الأول: أصوله لدى مختلف الشعوب.
المطلب الثاني: ظهوره كمنظمة اجتماعية.
المطلب الثالث: 1- الحركة الكشفية في الجزائر وظروف تكوينها.
2- الحركة الكشفية في الجزائر أثناء الثورة.
3- الحركة الكشفية في الجزائر بعد الاستقلال.
4- الحركة الكشفية في مدينة مسعد بولاية الجلفة.
المبحث الثالث:الإطار التنظيمي للكشافة الإسلامية الجزائرية
المطلب الأول: التعريف.
المطلب الثاني: المبادئ
المطلب الثالث: الأهداف.
المطلب الرابع: الطريقة والشعار.
المطلب الخامس: شروط العضوية والحقوق والواجبات.
المطلب السادس: التركيبة النظامية.
المطلب السابع: التنظيم المالي والأحكام العامـة
المطلب الثامن: الهيكل البنائي.
المطلب التاسع: الهيكل الوظيفي.
تمهــــيد:
يعتبر الفتية والشباب العنصر الهام في المجتمع فهم بمثابة الصفحات التي يحاول فيها المجتمع كتابة تاريخه قصد الحفاظ عليه ,وهنا ارتأينا في هدا الفصل أن نعرف بهاته الفئة(الأحداث) ونتطرق إلى أهم الخصائص النفسية والجسمية لهم.
ومن اجل التعرف على المؤسسة الكشفية ودورها التربوي في تنشئة الشباب باعتبارها مدرسة تربوية,وكدا معرفة أهدافها ومراميها والتغيرات التي مرت بها ,سواء في بناءها الوظيفي أو الهيكلي,لا بد من الرجوع لتاريخ المؤسسة وهدا لمعرفة الظروف ,والمحطات التاريخية التي مرت بها من خلال مسارها التاريخي.
ولهذا سنحاول في هذا الفصل تسليط الضوء على الوسط الاجتماعي والثقافي لتقصي الحقائق,هذا الأخير يعتبر المخاض الذي تولدت منه الكشافة الإسلامية الجزائرية "ظروف تكوينها",مع إبراز الهدف التربوي الذي كانت ترمي إليه من خلال برنامجها التربوي,وما يحتويه من نشاطات مكثفة وهادفة في ذلك الوقت,وبعدها سنعرج للحديث عن مشاركتها في الثورة الجزائرية التحريرية ,ثم ننتقل إلى الحديث عن دورها في دفع عجلة التنمية بعد الاستقلال,من خلال معرفة موقعها الإستراتيجي في إطار المسار الجديد للمجتمع الجزائري بعد الاستقلال,والظروف التي واجهتها,وكيف أنها عملت على تطوير أهدافها وهيكلتها تبعا لهذا المنهج. ومن هنا سنتطرق لذكر أهداف المؤسسة, ثم نبين المبادئ الثلاثة التي تستند عليها في عمليتها التربوية واخيرا نتطرق إلى ما تحتويه التركيبة النظامية لهذه المؤسسة وما يقوم عليه البناء والنظام المسير لتحقيق أهدافها,هذا النظام الذي يميزها عن غيرها من مؤسسات التنمية الاجتماعية.
المبحث الأول :المفهوم والخصائص العمرية للأحداث داخل التنظيم
الكشفي
المطلب الأول: مفهوم الأحداث
فالحدث بصفة عامة هو ذلك الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد المقرر قانونيا أي بلوغه سن الثامنة عشر بالنسبة لسن الرشد الجزائي طبقا للمادة 44 ق ا ج أو بلوغه سن التا سعة عشر بالنسبة لسن الرشد المدني طبقا لاحكام المادة 40 من القانون المدني فالحدث في القانون الجزائري كما هو الحال في التشريعات المقارنة تقتضي دراسة التفريق بين الحدث الجانح والذي هو ذلك الشخص الذي لم يكتمل سن الرشد الجزائي وارتكب فعلا مجرما وفقا لمبدأ الشريعة الجنائية وبين الحدث في خطر معنوي وهو الشخص الذي لم يكتمل سن الثامنة عشر من عمره وكانت صحته أو أخلاقه أو تربيته معرضه للخطر أو يكون على حالة مضرة بمستقبله
فمن حيث النصوص القانونية فيخضع الحدث الجانح لاحكام مواد قانونين الإجراءات الجزائية بينما يخضع الحدث في خطر معنوي إلى أحكام الأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة والمراسيم والتنضيمات المصنفة له إما إذا تعلق الأمر بالتدابير القانونية فان المشرع لم يحدد طبيعتها وانما اكتفى فقط بذكرها في القانون ومن ثمة وجب علينا الرجوع إلى الفقه لتحديد طبيعتها(1)
هو ما يتعلق بالجانح من الجانبوما يهمنا من هذا التعريف المعنوي والذي هو الشخص الذي لم يكتمل سن الثامنة عشر من عمره وكانت صحته أو أخلاقه أو تربيته معرضة للخطر لكن نجد في كثير من البلدان يمدد هذا السن إلى واحد وعشرون سنة ولقد حاولنا نحن الاستفادة من هذا التأصيل لانه يلم أو يعبر عن تلك الشريحة والتي تضم الأطفال والفتيه والشباب كما أنها تعبر عن أولئك الذين انخرطوا في العمل الكشفي وهم الكشافون حيث أنه من شروط الانخراط في مثل هذا التنضيم بلوغ سن السابعة ويمتد إلى غاية سن الواحدة والعشرون
المطلب الثاني : المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الأشبال :
الخصائـــــــص جوانب
• نمو جسمي بطيء في البداية ويزداد مع نهاية المرحلة
• نمو في العضلات الكبيرة، والسيطرة عليها أوضح من السيطرة على العضلات الرقيقة،( كالأصابع) مما يؤدي إلى قلة اتفاق المهارات الرقيقة
• اتزان في نمو الأجهزة الداخلية مع تحسين التوافق العضلي العصبي والشعور بالتعب أثناء المجهود.
• نمو الجهاز العضلي يسبق نمو جهاز الدورة الدموية والجهاز التنفسي
• كثرة الحركة والنشاطات وحب اللعب .
الجانب الجسمي
• تطور ونمو تدريجي وليس مفاجئ بالنسبة للأداء الهادف بمختلف الجوانب الحركية
• يظهر تحسين واضح في أداء الحركة وخاصة من الناحية الكشفية.
• كلما زاد نشاط الطفل زاد نموه الحركي وهذا من معالم السلوك الحركي في هذه المرحلة.
• يبدا الطفل تدريجيا في الانضمام للنشاط الجماعي بعد النشاط الفردي
الجانب الحركي
• انفعالاته السلبية والإيجابية تكون وقتية وتزول بزوال المؤثر مثل "الفرح السرور ،الاكتئاب ، الحزن ،الغضب، الكراهية.
• تختلف طرف طرق التعبير عن الانفعالات
• اهتمامات تتركز حول نفسه ، سريع القلق ، محب للمنافسة
• يظهر النفور بين الجنسين وخاصة من جانب الفتية.
الجانب الانفعالي
• الإدراك :- في بداية المرحلة يستطيع إدراك الأشياء حسيا، وفي نهايتها يستطيع أن يدرك الأشياء عقليا وتكوين العلاقات القائمة بين الأشياء .
• الانتباه: ضعيف في البداية المرحلة، وفي النهاية يستطيع أن يركز انتباهه حول عدد من الموضوعات البسيطة السهلة.
• التذكر : يتمتع بذاكرة قوية في بداية المرحلة ويسهل عليه استرجاع وتذكر الأشياء ويميل للحفظ دون فهم وفي نهاية المرحلة يلجأ للفهم لحفظ الشياء.
• التفكير:- يكون التفكير خاليا في بداية المرحلة ويتحول قبل انتهاء المرحلة إلى تفكير واقعي يبعد عن الخيال .
الجانب العقلي
• يميل الطفل ( الشبل ) إلى حب الانتماء لجماعة ويكون الولاء لجماعة الأصدقاء أكثر من الولاء للكبار.
• يميل الطفل (الشبل) إلى أن يكون قائدا في الجماعة التي ينتمي إليها وأن يكون محبوبا بينهم ومسيطرا عليهم
• يميل إلى: - انقياده الكبار- كثرة الكلام والمبالغة كثرة الأسئلة للوصول إلى التوافق الاجتماعي.(1)
• يميل إلى :- معرفة الصواب والخطأ ونيل رضا الآخرين(1)
• يميل إلى حب المغامرة والنشاط الاجتماعي وفهم الفروق الفردية بين أقرانه
• يميل إلى اللعب في جماعات كبيرة خارج المنزل
الجانب الاجتماعي
• يهتم بالتعرف على القيم والمعتقدات الدينية والروحية التي تجعله مقبولا اجتماعيا
• يهتم بالوطن ويعتز به.(1) الجانب الترويحي
المطلب الثالث: الخصائص ومميزات العمرية لمرحلة الكشاف (12-15) سنة:
الخصائص جوانب النمو
1/ فترة طفرة في الطول والوزن .
2/ نمو عضلي سريع مع رعونة في الحركة نتيجة لتغيرات في الأجهزة الداخلية واختلاف عمل الغدد المختلفة/ غدد الجنس/ الغدد الصماء
3/ ظهور بعض الأمراض نتيجة النمو السريع مثل الأنيميا والإجهاد بسبب زيادة نمو وخاصة في حالة النشاط الرياضي. الجانب الجسمي
1/ الارتباك الحركي العام
2/ افتقار على الرشاقة في الحركة
3/ ضعف التحكم في العضلات الصغيرة
4/ اضطرابات القوى المحركة
5/ الزيادة المفرطة في الحركات الجانب الحركــــــي
1/ اضطرابات انفعالية نتيجة التغيرات في إفراز الغدد والعوامل البيئية المحيطة / إحباط – صراع
2/ عدم ثبات الأنيميا لتتأرجح بين المتناقضات / نشاط – كسل- سعادة – انقباض.
3/ عدم القدرة على ضبط السلوك أثناء الانفعالات / استخدام ألفاظ خارجة – الاندفاع – الصراع
4/ الانفعالات قوية وعنيفة.
5/ تكوين بعض العواطف الشخصية نحو الذات / الاعتزاز بالنفس- العناية بالملابس- طريقة الكلام- حب الطبيعة- التضحية- الدفاع عن الضعيف .
6/ محاولة اكتشاف أسرار الجنس
) الجانب7/ الميل لمجالسة الكبار وتحمل المسؤولية .(2 الانفعالي
1/ نمو سريع للقدرة العقلية ولكن بدون مفاجآت / تدريجيا وفي نهاية المرحلة تبدأ ظهور القدرات الخاصة والميول والاتجاهات العقلية / تمايز القدرات .
2/ الإدراك: يتطور من المستوى الحسي المباشر إلى المستوى المعنوي المجرد.
• زيادة قوة الانتباه مع الثبات العقلي استيعاب الموضوعات في سهولة ويسر.
3/ التذكر : تذكر الموضوعات المنطقية والاعتماد على الفهم والميل والتذكر.
4/ التفكير : ظهور التفكير والابتكار وحب الاستطلاع والبحث عن المثيرات .
5/ التخيل: نمو القدرة على التخيل والميل إلى العلوم المختلفة
6/ الهروب من عالم الواقع إلى أحلام اليقظة
الجانــــب العقلي
1/ الميل إلى التحرر من المنزل والانتماء إلى المجموعة ومسايرتها واستمرار الشلة 2/ البحث عن بطل يعجبه للقدوة ولتأكيد الذات
3/ التحول عن الوالدين وسلطتها، ومقاومة أي سلطة / الأسرة ، المدرسة/ وقد تظهر بعض الانحرافات
4/ الشعور بالمسؤولية لمساعدة الآخرين ومحاولة الحصول على مكانه في الجماعة ورضاها عنه.
5/ تقليد الكبار ومشاركتهم
6/ النقد والرغبة في الإصلاح
7/ حب الزعامة
8/ زيادة الفروق الفردية في فترة النضج
9/ اختلاف الاهتمامات بين البنين والبنات.
10/ الاهتمام بالحيوانات الأليفة
الجانب الاجتماعي
1/ بداية التأمل في الوجود
2/ بداية التساؤلات المتعلقة بوجود الله- قدرته – الخلق- الجنة – النار- الثواب- الجنة- العقاب.(1) الجانب الروحي
المطلب الرابع : المميزات والخصائص العمرية لمرحلة المتقدم ( من 15 إلى 17 سنة)
الخصائص جوانب النمو
1- استمرار الطفرة في النمو الجسمي حتى سن 18 .
2- الحالة الجسمية قد تسبب الكثير من القلق( القصر- الطول- البدانة)
3- قوة عضلية في اليدين – الكتفين الساقين
4- حساسية شديدة للمظهر العام
5- الاهتمام بالجسم والعضلات والمظهر الخارجي لاجتذاب الآخرين
6- استمرار تغيرات النمو في غدد الجنس- الغدد الصماء- نمو القلب بسرعة واتساع المعدة (2) الجانب الجسمي
1- القدرة على الجلوس فترة طويلة
2- يظهر الاتزان التدريجي في نواحي الاضطراب الحركي وتحسين النواحي النوعية للمهارات الحركية وقد تصل لدرجة عالية من الجودة
3- ارتقاء كبير لمستوى التوافق العضلي العصبي
4- سرعة اكتساب وتعلم المهارات الجديدة ويتميز الفتى بقوة العضلات الجانب الحركي
1- ثروات فبي النفس تمتاز بالعنف والاندفاع وإحساس بالضيق والتبرم
2- التوتر والأزمات النفسية التي تسودها القلق- المشكلات – الصعوبات عدم التكيف مما يؤدي إلى الإحباط والوقوع في صراع.
3- استمرار التأرجح بين المتناقضات ( السعادة- والانقباض – الثقة في النفس- وعدم الثقة بالنفس- النشاط والكسل)
4- استخدام الألفاظ بدرجة أكبر للتعبير عن الانفعالات ( الغضب- السب )
5- الاندفاع وعدم التحكم في الانفعالات
6- ظهور حالات من اليأس والقنوط والآلام النفسية ( بسبب تقاليد الأسرة والمجتمع ).
7- الصراع بين الأماني والواقع والاندفاع الجنسي وقوانين المجتمع والرغبة في التحرر من السرة والاعتماد عليها كمصدر للدخل.
8- الرغبة في تكوين أسرة وعدم قدرته على تحقيق ذلك اقتصاديا .الخ. الجانب الانفعالي
1- نمو عقلي متزايد ومستمر ، وبسرعة النمو في الذكاء ويقترب من الوصول لاكتمال الوظائف العقلية العليا في نهاية هذه المرحلة.
2- استمرار الارتقاء بمستوى الإدراك من المستوى الحي إلى المستوى المعنوي المجرد ويمتد إلى المستقبل القريب والبعيد
3- الانتباه والفهم والإدراك واستيعاب الموضوعات بسهولة
4- التذكر: يميل إلى تذكر الموضوعات المنطقية عن طريق خطوات منطقية معتمدا على الفهم.
- تصل قدرة التذكر إلى ذروتها في هذه المرحلة
5- التفكير: لبيئة لها دور في تحفز المراهق للاستدلال وحل المشاكل
6- التخيل – تظهر القدرة على التخيل من خلال موضوعات متعددة مثل الإنشاء- الرسم- الشغال- الأعمال اليدوية. الجانب العقلي
يعيش في جو رومانسي ويميل للموسيقى والشعر وكتابة الخطابات والمذكرات ويضع فيها رغباته وطموحاته ومشكلاته .
- يميل إلى الفلسفية والأدبية
- الاهتمام بالمستقبل المهني
- حدوث أزمات نفسية حادة تؤدي إلى محاولة الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال عن طريق أحلام اليقظة
1- التمثل بالقيم الدينية أمام الجماعة (الصلاة – الصوم )
2- إظهار ونقد آفات المجتمع
3- الانجذاب لملذات الحياة لافتقار القدوة
4- الرغبة الشديدة في معرفة أسرار الكون وحكمة الله في خلقه(1)
5- التأثر بما يدور في المجتمع
6- الصراع بين ما يفرضه الدين وواقع الحياة
7- المقارنة بين الأديان
8- الحاجة إلى الإحساس بالمسؤولية وممارسة الديمقراطية
9- تكوين بعض العواطف الشخصية نحو الذات ( الاعتزاز بالنفس- العناية بالملابس- طريقة الكلام)
10- تكوين عواطف نحو الأشياء الجميلة حب الطبيعة - الرومانسية – التضحية – الدفاع عن الضعيف.
11- الإحساس بالوصول إلى قمة الرجولة ويتوقع معاملة المجتمع له على هذا الأساس الجانب الروحي
1- زيادة الميل إلى التحرر من المنزل والانتماء الأصدقاء وتوجيه النقد للوالدين
2- البحث عن القدوة
3- كراهية الخضوع لأي سلطة تذكره بطفولته
4- صعوبة التكيف مع المجتمع سواء الجنس الآخر أو مع الكبار
5- الميل إلى التوحد مع الجماعة فيظهر بمظهرهم ويتصرف بتصرفهم ويتميز بالإخلاص والصراحة مع الاعتراف به كفرد في الجماعة
6- السعي لتكوين مركز بين جماعته والقيام بأعمال تلفت النظر ( مسايرة الموضة- التصنع في الكلام- والشي- إقحام النفس في مناقشات فوق مستواه- الشدق بالفاض رنانة)
7- القيام بأعمال وخدمات وإصلاحات بالنهوض بإفراد الجماعة وينعزل عنهم إذا لم يجد تقديرا مناسبا.
8- الثورة و التمرد والاحتجاج أو الغضب والتهديد بالهرب من المنزل والمدرسة واللجوء إلى الجماعات الهدامة إذا عارضه الكبار
9- النقد والرغبة في الإصلاح : لوالديه – لمنزله- للأثاث – للطعام – ومقارنة ذلك بما يراه عند الأصدقاء أو في الأفلام
10- الرغبة في الممارسة والتجريب بهدف المعرة والمغامرة
11- الاتجاه في المساعدة الآخرين والتألم لآلامهم .
12- لا يقبل صديق يفرض عليه من والديه أو يقطع علاقة مع صديق له
13- صداقاته تستمر لفترات طويلة
14- ظهور الزعامة لمن يتمتعون بذكاء فوق المتوسط (1)
المبحث الثاني : الإطار التاريخي للتنظيم الكشفي
المطلب الثاني : 1-أصوله لدى مختلف الشعوب :
الشعوب العربية :
حرص الناس منذ القديم على تنشئة أبنائهم تنشئة نافعة، تعدهم لأن يكونوا مواطنين صالحين لأنفسهم و لمجتمعهم ، واعتنوا عناية خاصة بالتربية الجسمية على أساس أن العقل السليم في الجيم السليم فلقد كانت العادة عند سكان الحواضر أن يلتمسوا المراضع لأولادهم في البادية ، وهناك تقوى أجسادهم و تشتد عضلاتهم ، ولقد كانت المتعة الوحيدة لدى العرب وطريقة قضائهم لأوقات فراغهم لا تخرج عادة عن أنهم يقدون بعض الخيام ولوازم الطعام ، وبعض وسائل التسلية والصيد ، ثم يضربون في بطن الصحراء ون أياما وليالي بحيث يعودون منها إلى أعمالهم أكثريختارون المكان المناسب ويقض نشاطا و أوفر قوة واستعدادا لمواجهة الحياة .
فما أشبه الحياة الكشفية الصحيحة بالحياة العربية المجيدة ، وما أقربها لأساليب حركة الكشافة ولطرق التربية العربية السليمة ، فحياة العربي و أسلوب في الحياة مبنية على الاعتماد النفس و التعاون و التسامح والإنصاف ، ومن طبع العربي الشهامة و النخوة والإيثار ، فمن هنا نجد أن مبادئ الكشافة وتعاليمها تتماشى مع عادات العرب وصفتهم وسبل عيشهم وفلسفتهم في الحياة ، و ما اشتهروا به من مثل عليا وقيم خلقية ، كما أن العرب برعوا في فن اقتناء الأثر أو الكشف عنه ، و الذي اشتقت منه كلمة كشافة ، والذي هو من أهم فنونها ، وبهذا يمكننا القول أن السلوك الكشفي قد عرفه العرب منذ القدم نظرا لظروف حياتهم الترحالية في أرجاء الصحراء الواسعة .
القبائل البدائية :
غرفت القبائل والشعوب الإفريقية حياة التنقل والترحال منذ القدم ، فمثلا " الزولو" كانت تعتني بالشدة في تربية أبنائها على الشجاعة وركوب المخاطر ، حيث عندما يبلغ الفتى منهم الخامسة عشر من عمره يجردونه من ثيابه ويطلون جسمه بطلاء خاص لا يزول إلا بعد 30 يوما ، ثم يقلدونه فرسا ورمحا ويأمرونه بمغادرة القرية إلى داخل الغابة ، عليه أن يعيش في أحراشها بين مختلف أنواع الحيوانات المفترسة ،فكان عليه أن يقاتلها ، ويروض نفسه على الحياة معها لمعرفة طبائعها ، وليبعد عن نفسه شرها ، كما كان عليه معرفة دنأنواع نباتها ، ليختار الصالح منها فيقات منه'(1)، وبين هذه القبائل عاش " با باول" مؤسس حركة الكشفية ، حيث اعتنى بدراسة عاداتها وطبائعها وكانت هذه الدراسة عونا له على تكوين فلسفته التي قام عليها فيما بعد فكرة الكشافة .( 1)
وحسب دراسة " بادن باول " على الشعوب الإفريقية ، فان الظروف أتيحت له ليعرف ويرى نظاما آخر كان أقرب الأنظمة إلى نظام الكشافة الحالي ، وذلك عندما زار " سير توماس ستون " أحد أصدقائه الذي كان مديرا لإحدى شركات قطع الخشب في كندا ، فقد لاحظ سير توماس خلال إقامته فيها ، الفرق الشاسع بين أولاد هنود أمريكا الحمر – وهم سكانها الأصليون – وبين أولاد الجاليات الأجنبية ، حيث كان الهنود الحمر يدربون أولادهم على اختراق الفيافي وتلمس الطرق في الغابات الكثيفة ، والاهتداء إلى السبل ،و تتبع آثار الإنسان والحيوان ،ينما كان أولاد الجاليات الأجنبية يتناقصون عاما بعد عام بسبب أن عدد كبير منهم كان يظل طريقه في الغابة،ففكر سير توماس أن يكون من أولاد الجاليات فرقا، وسن لهم بعض الشروط: فحرم عليهم التدخين وشرب الخمور ، و أخذ يعودهم على اختراق الأخطار ويمرنهم على لاقتناء الأثر ويعلمهم بعض الحروف النافعة ، فشاهد بادن باول هذا التنظيم ، فأعجب به كثيرا إلا أنه نسي هذا الأمر بعد مدة ، ولم يوقظ هذه الفكرة من مرقدها عندما وقع حصار * مفكنج سنة 1900 أي (في القرن العشرين ) ، حيث كان بادن باول في ذلك الوقت ضابطا في الجيش الانجليزي ،فأتيحت الفرصة لتطبيق هذا النظام عمليا ، حيث حاصرت قبائل " البوبير" * مدينة مفكنج ، ولم بها غير عدد قابل من الجند لا يتجاوز عددهم الألف جندي ، من بينهم عدد ليس بالقليل يقوم بالخدمات العامة اللازمة للمحاربين من طب وإسعاف وغيره وهكذا فكر بادن باول في جمع بعض فتيات المدينة وشبابها ، ودربهم على أعمال الإسعاف و الطب وإرسال الرسائل وغيرها من أعمال الدفاع المدني ، واستطاع هؤلاء الفتية أن يحلوا محل الجنود اللذين كانوا مكلفين بالقيام بهذه الأعمال وبذلك أتيحت للعامية أن تشترك جميعها في القتال فرفع الحصار عن المدينة , ومن هنا أصبحت تاكشفية ذات الصبغة العسكرية (الحربية)كمنهج تربوي وحيوي ذي قيمة كبيرة في العالم با سره ، كما سنرى فيما يأتي .
المطلب الثــــالث : ظهور الكشفية كمنظمة اجتماعية :
وابتداء من سنة 1907 بدأ بادن باول يدعو إلى إنشاء الكشافة السلمية ، حيث بين أنها تعتبر وسيلة لتدريب الفتى على الاعتماد على النفس وتكوين شخصية وتنشئة اجتماعية تبعث في نفسه الاعتزاز بمقوماته و الإيمان بدينه ووطنه وتزوده بالمثل العليا التي يجب أن تتوفر في المواطن الصالح(2)، وفي سنة 1908 وبعد صدور كتابه " الكشفية للأولاد " بدأ بإنشاء أول فرقة كشفية وأقام معسكرا للفتيان بجزيرة " براون سي " " BROWN SEA ." وأقام أول مهرجان كشفي عام 1909 .(1)
وسرعان ما انتشرت الحركة الكشفية بعد ذلك ، في بريطانيا ثم أمريكا و، في جميع أنحاء العالم انتشارا سريعا ، حيث بلغ عدد المنخرطين فيها خلال الحرب العالمية الثانية حوالي 4 ملايين منخرطا وكانت لها مؤتمراتها الدولية الخاصة ، كما عرفت تطورا في عملها وتنظيمها ، حيث أصبحت حركة اجتماعية رياضية ترفيهية ، أو مجالا للتربية والتعليم وتهتم بالأطفال والشباب على السواء ، وتعمل على توفير فرص النمو السليم لهم عن طريق استثمار أوقات فراغهم .(2) .
المطلب الرابع : 2- التنظيم الكشفي في الجزائر وظروف تكوينه
ظهرت الحركة الكشفية في الجزائر في صفوف أبناء المعمرين كتنظيم خاص بالمعمرين ، ثم انتظم الجزائريون في صفوف من خلال تنظيم خاص بهم ، حيث عرف هذا الأخير تطورا كبيرا و شارك في مسار الأحداث التاريخية والاجتماعية للشعب الجزائري :
2/ 1- التنظيم الكشفي أثناء فترة الاستعمار :
لقد كان لتأسيس الكشافة الفرنسية منذ سنة 1911 وانخرط الشباب الجزائري في صفوفها نتيجة إعجابهم بمبادئها كالانخراط والعمل الجماعي ، من بين العوامل التي ساعدت على تكوين فكرة الكشف (الكشافة ) بالجزائر ، بحيث كانت الكشافة الفرنسية تسير من طرف عدة فصائل دينية كالكشافة الكاثوليكية والبررتستانية , و استمر الوضع هكذا إلى أن جاءت سنة 1930 ، تاريخ احتفال فرنسا بمرور 100 سنة على احتلالها للجزائر، وشاركت في هذا الاحتفال الكشافة الفرنسية التي بالغت في إطار سيطرتها ، محاولة تعلن عن ذلك منها : " الجزائر فرنسية " و " الجزائر امتداد لأرض فرنسا ".
وكل هذه الظروف ساعدت على زيادة الوعي مما نتج عنه نشوء جمعيات وهيئات ومنظمات وأحزاب وصحف وأندية جزائرية وطنية في شتى الميادين ، وذلك للإعراب عن وجودهم الحفاظ على كيانهم وبعث شخصيتهم ، مما أدى بالشباب الجزائري إلى الانسحاب من صفوف الكشافة الفرنسية رافضيين كل أشكال الإدماج مما جعل الشباب الجزائري – أثناء الاحتفال بهذه المناسبة – ينظمون بالجزائر العاصمة مخيم صيفي ضخم ضم حوالي 2000 شاب جاءوا من 47 ولاية فرنسية(3) و كذلك من المغرب ، تونس ،بريطانيا ، بلجيكا ، لوكسمبورغ ، ألمانيا ، )وسويسرا إلى جانب العديد من البلدان الإفريقية المستعمرة من طرف فرنسا .(
فكانت المبادرة بتأسيس أول فوج كشفي في سنة 1930 من طرف محمد بوراس في مدينة مليانة أطلق عليه اسم فوج الخلود ، وكان من بين الأفواج الكشفية التي ظهرت بعد تأسيسه : الرجاء والصباح بقسنطينة الإقبال بالبليدة (1936 ) الفلاح ، القطب (1937 ) ، الهلال يتيزي وزو (1933) الحياة بسطيف (1938 ) الرجاء ببسكرة (1942 ) المنى بعناية (1936 ) النجوم بقالمة (1939) و مع نهاية سنة 1943 أصبحت الكشافة تجمع أكثر من ثلاثين مجموعة ، فبالرغم من أن أعضاء تلك الأفواج الأولية للكشافة كانت تنقصهم التجربة والممارسة الكشفية وعدم الاعتماد على منهج كشفي واضح لكنهم تشكلوا في جماعات أخذت مظهر :
• تجمع شبه عسكري يتجلى من خلال اللباس والشارات والانضباط الكلي تماما كالجنود .
• جماعات أخرى مفتوحة بالموازاة مع المدارس التي كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يشجعها فأخذت مظهر مركز لإشعاع ثقافي عربي إسلامي ، ومظهر للتربية الإسلامية .
• جماعات طبقت بالفعل الطريقة والتقنيات الكشفية العالمية لكنها كانت مطبقة بطريقة أرثوذوكسية
وكانت السمة الظاهرة والموجودة في كل الأفواج الكشفية الإسلامية ، كونها كانت تلبي لدى الأطفال :
• الرغبة في التعلم والفهم مما خلق فيهم الحيوية وروح الحماسة لأية مؤسسة كشفية توجد.
• تخلق فرحة التعاون خضم دروس الغناء، الألعاب والسهرات.
• تخلق فيهم روح الأخوة والوطنية التي كانت تدخل في أعماق الفتية والشباب في أوقات مراسيم الاحتفالات التي كانت ترافقها تسليم الراية والوعد الكشفي .
ولقد نادى محمد بوراس منذ 1935 بإنشاء جامعة للمنظمة الكشفية ( جامعة للكشافة الإسلامية الجزائرية) تجمع شتات الجمعيات والأفواج الكشفية ، توحدها وتوجهها في اتجاه وطني واحد، فأعد قانونا أساسيا عرضه على السلطات الفرنسية الحاكمة للمصادقة عليه ، لكن محاولته باءت بالفشل ، نتيجة رفض السلطات الاستعمارية لهذه الفكرة ، وموافقتها المشددة تجاه كل ما من شأنه أن يعطي استفاقته للشعب .(2)
لكن بتغير الحكم الذي أصبح في يد الجبهة الشعبية في فرنسا عام 1936 ، التي كانت أكثر ديمقراطية من سابقاتها ، قدم محمد بوراس مشروعه مرة ثانية والذي قبل من طرف السلطة الاستعمارية فتم تأسيس" جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية " سنة 1937 ، وبدأت بذلك تحاك ضد ها المكائد قصد إفشالها ، لكنها شقت طريقها نحو هدفها المنشود .
وكان أول تجمع كشفي لهذه الجامعة سنة 1939 ضم نخبة الكشافين الجزائريين من أهم الأفواج الموجودة آنذاك وختم أعماله باحتفال تحت الرئاسة الشرفية للشيخ عبد الحميد بن باد يس رئيس جمعية العلماء المسلمين بقاعة الماجيستيك ، وهكذا نشأت وترعرعت الكشافة الإسلامية الجزائرية من أول عهدها في أحضان الحركة الإصلاحية العامة التي توجهها وتشرف عليها جمعية العلماء المسلمين ، ولعل تزامن ظهور الحركة الكشفية مع تأسيس جمعية العلماء المسلمين سنة 1931 الأمر الذي ساعد على تكثيف الجهود وتنسيقها لإنجاح النشاط الكشفي ، وتدعيمه بما يحقق الفائدة العامة ، خصوصا أنه فتح آفاقا واسعة ومجالات متعددة لنشاطات الجمعية من اجل خدمة المسألة القومية والدفاع الشخصية الوطنية نظرا لأن مبادئ الحركة الكشفية المتمثلة في الواجب نحو الله ونحو الآخرين والواجب نحو الذات ، ونظرا لكون أغراضها التربوية الهادفة لا تتعارض مع تطلعات الجمعية فقد نالت الاهتمام الخاص والتشجيع من طرف رواد الحركة الإصلاحية كالشيخ عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي ، والدليل على ذلك أن معظم أفواج الحركة الكشفية نشأت في أوساط إصلاحية بجانب المدارس الحرة لجمعية العلماء المسلمين ، وكان أغلب أفراد الكشافة ومسيريها من تلاميذ ومعلمي هذه المدارس (1).
كما كان للكشافة الإسلامية الجزائرية الأثر الطيب لدى المنظمات الكشفية العالمية حيث شاركت في : الجمعية العالمية للشبيبة الديمقراطية ب "براغ" في سنة 1947 وفي " جامبوري السلم " ب " مواسون " في نفس الشهر والسنة ( جويلية 1947 ) .
وفي الاجتماع العامي للشباب سنة 1954 ، وفي مهرجان الشباب والطلاب العالمي بقارسوفيا سنة 1955 وغيرها من التظاهرات العامة للكشافة العالمية ، إضافة إلى الملتقيات والمخيمات والجولات أو الرحلات الدراسية بين الكشافة الجزائرية وبين الإخوة الأشقاء من المغاربة والتونسيين (2)
لكن الكشافة الإسلامية الجزائرية لم تتقوقع على نفسها ، بل مثلما كانت لها اتصالات مع البلدان الأوروبية نجد أيضا بأنها فتحت بابها على البلدان العربية وذلك من خلال :
- تضامنها مع الكشافة التونسية ، فمحمد بوراس كان قد دعى ممثلين عن الكشافة التونسية عام 1939 كما أن الأفواج الكشفية بقسنطينة قاموا بمراسلة مع تونس للحصول على وسائل تقنية وبيداغوجية وشارك في سنة 1946 ممثلين عن الكشافة التونسية في التجمع العام بقسنطينة . وشاركوا في تجمع سوريا في أوت 1954 ، الذي التقت فيه الجمعيات العربية لمناقشة المناهج والوسائل لترقية الحركة الكشفية في العالم العربي ، وكانت نتائج أعمالهم ممثلة في بعض العناصر المهمة منها :
1- استوعبوا بأن الحركة الكشفية كانت وسيلة جيدة لتحضير الشباب لكي يلعبوا دورهم بطريقة فعالة في تطوير بلدانهم .
2- قرروا بأنه كل عامين يحتفظون يتجمع عربي كل مرة في بلد مختلف .
وفي تجمع في الزبداني بسوريا ، المنعقد سنة 1954 بمشاركة إحدى عشرة بلدا (11) :
الجزائر – العربية السعودية – مصر – العراق – الأردن – ليبيا – المغرب – فلسطين – سوريا – تونس
اليمن - ، وكانت فرصة للجزائر لرفع رايتها الوطنية والمشاركة في كل الأعمال الكشفية وتسيير مشاريع الكشافة العربية 1) , وكانت الرحلات والتجوال التي تنظمها الفرق الكشفية للمناطق الجبلية للتدريب.( ، وتبادل الزيارات بين الأفواج تسمح بملاحظة الفروق الجوهرية بين أبناء الوطن الذين يعيشون حالة بؤس وحرمان ، وبين المعمرين اللذين يتمتعون بكل الحقوق والامتيازات مما جعل مفهوم الثورة على الأوضاع ، يترسخ في أذهان الشباب.
المطلب الرابع: دور الكشافة الإسلامية الجزائرية أثناء الثورة التحريرية :
ما لاشك فيه أن الوضعية السياسية لأي بلد تؤثر على الحالة الاجتماعية ، والثقافية ، والاقتصادية وكذا على كل من الحركات والجمعيات المتواجدة فيه ، وتعتبر سنة 1954 ، نقطة تحول حاسمة في مسار المجتمع الجزائري ، مما جعل الكشافة الإسلامية الجزائرية ، باعتبارها حركة من الحركات الفعالة في المجتمع آنذاك ، تقوم بتغيير أنشطتها وأهدافها ، لتتماشى مع مقتضيات المسار الجديد للمجتمع .
فبانطلاق الثورة ركزت الحركة أهدافها ، على خدمة الثورة، فأعطت الأولوية للنشاط العسكري ، والتربية الوطنية ، دون إهمال المجالات الأخرى . وقد تطلبت هذه المرحلة تقديم تربية خاصة، ستتم بموجبها تحصين الفتية والشباب من التأثير السيكولوجي والفكر الإيديولوجي للاستعمار ، لقد كان أبناء الكشافة الإسلامية الجزائرية ، في طليعة من لبوا النداء ، حيث تسابقت العناصر الكشفية للالتحاق بصفوف الثوار .(2)
فتدعمت الجبهة وجيش التحرير الوطني بكفاءات سياسية واعية، تتمتع بروح انضبا طية عالية ، مشبعة بأسمى معاني الوطنية ، عن فهم وإدراك ، واسع النطاق واقتناع تام وممرنة على أساليب العمل العسكري ، ومدركة لكل الأبعاد الثورية التحريرية ، فاستعان ضباط جيش التحرير " بخبرة كثير من القادة الكشفيين في مجال التدريب العسكري ، والمجال الصحي لامتلاكهم خبرات في ميدان الإسعاف ، والإنقاذ ، بحيث أن أغلب الأطباء والممرضين قد اكتسبوا خبرات في مجال التمريض عن طريق الكشافة الإسلامية الجزائرية ، أو عبر تربصات جد قصيرة "وعليه فقد توقفت أغلبية الأفواج ، نظرا لالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني ، فيما يقي البعض منها في العاصمة ، وفوج آخر في مدينة مستغانم لمواصلة تربية الأطفال ، والشباب، تربية وطنية مكثفة وتهيئتهم للعمل الثوري .
كما أن بقاء هذه الأفواج ساعد الحركة الكشفية الجزائرية ، في المشاركة بالاجتماع العالمي المنعقد بايطاليا سنة 1954 ، وكذا مهرجان الشباب والطلاب العالمي " بقارصوفيا " سنة 1955 ، وغيرها من التظاهرات العالمية ، والنشاطات القوية والمتشبعة التي ميزت الدور النضالي للكشافة الإسلامية الجزائرية داخل وخارج الوطن . ومن هنا نلاحظ كيف أن الكشافة الإسلامية الجزائرية ، رغم الأوضاع التي كان يعيشها المجتمع الجزائري ، ومشاركتها في الثورة التحريرية ، وتفاعلها معها من جهة ، والحصار الذي فرضته السلطات الاستعمارية عليها من جهة أخرى ، إلا أنها لم تتخلف عن المهرجانات والتظاهرات العالمية التي كانت تقام خارج الوطن مثلما رأينا . وبذلك فرضت وجودها ، وأبرزته على الصعيدين الداخلي والخارجي ، أداء لرسالتها الحضارية . (1)
المطلب الخامس : - الكشافة الإسلامية الجزائرية بعد الاستقلال :
إن التغير الاجتماعي الذي مر به المجتمع الجزائري ، كان له الأثر الفعال على نمط الحياة الاجتماعية ، وعلى الهيكل البنائي للمؤسسات المختلفة ، سواء الاجتماعية ، الاقتصادية ، وحتى الثقافية والدينية ، فبعد الاستقلال مباشرة ، نادت الدولة بضرورة الاهتمام بالسياسة التنموية للبلاد ، لدفع عجلة التنمية في مختلف المجالات . وبموجب هذا المسار الجديد ، عقدت الكشافة إ-ج –مؤتمر سنة 1963 ، سمي بمؤتمر " الوحدة " ضم جميع الأفواج المتواجدة على مستوى القطر ، وهذا للنظر في مستقبل الكشافة الإسلامية الجزائرية ، وتحديد أهدافها التي أصبح من الضروري أن تتغير ، وتغير في مضمون برنامجها التربوي لتساير المعطيات الجديدة وتتفاعل مع الكشافة أن تراعيالمسار الجديد للمجتمع ، حيث جاء في نص هذا المؤتمر أنه " على التحولات ، والتغيرات المختلفة التي تتولد عن كل ثورة ن كذلك التقلبات الاجتماعية العائلة ، وخللها المؤقت وتطلعات الشباب الجديدة "والاقتصادية ، وتطور
ومن ثمة أعيدت هيكلة الكشافة من جديد ، فكانت الانطلاقة بعد ذلك بحرارة ، حيث تزايد عند عدد الأفواج الكشفية بشكل كبير ، وكانت تسعى من خلال هذا الزحف إلى التطلع لغد أفضل للحركة الكشفية الجزائرية ، وتعبئة الشباب من أجل المشاركة في بناء وتشييد البلاد بأعمالها التطوعية تحت شعار " الكشفية ... تربية لتنمية المجتمع "
وفيما يلي ذكر للمراحل التي مرت بها الكشافة الإسلامية الجزائرية في مسارها التاريخي منذ الاستقلال إلى غاية سنة 2000 :
- مرحلة عدم الاستقرار التنظيمي من 1965 إلى 1975 :
في سنة 1965 ، ظهرت خلافات ذات أصل سلطوي بين أعضاء الحركة الكشفية فظهرت عدة أزمات تنظيمية ، وتكتلات لإدارة النشاط الكشفي ، كما تعرضت الحركة لعدة مضايقات ، ومحاولات للقضاء عليها ، مما أسفر عنه انسحاب عدة عناصر فعالة ، ووقوع انتكاسة في صفوفها ، عوض مسايرة التغيرات ، فظلت الكشافة إ-ج حبيسة النزاعات والخلافات ، ولم تحقق بذلك أي تطور.
وفي سنة "1970" طالبت بعض الجهات عقد مؤتمر استثنائي ، وقرر بعد ذلك حزب جبهة التحرير الوطني ، أن تصبح الكشافة إ-ج منظمة جماهيرية تحت إشراف الحزب الواحد .
- مرحلة الاحتواء وفقدان الاستقلالية من 1975-1978 :
في سنة " 1975" أسست الدولة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ( U.N.J.A ) ولكون الكشافة مؤسسة تربوية شبا نية فقد ألحقت بالاتحاد الوطني فقد ألحقت بالاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ، وأصبحت بذلك تنشط في إطار سياسته العامة المنبثقة من توجهات الحزب الواحد .
وبنظام الكشافة على الجهاز الحزبي ، والممثل في الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ، حدث تغيير في الجانب البنائي والوظيفي لهذه المنظمة ، وكذلك الأمر بالنسبة للأهداف ، فارتبطت أكثر بالسياسة العامة واختيارات البلاد (1)
• مميزات المرحلة الممتدة من 1979 إلى 1982 :
في سنة " 1979" تم تغيير اسم المنظمة الكشفية من " فرع الكشاف " إلى أشبال هواري بومدين" لكن هذا التغير الذي حيث أن نشاطاتطرأ على التسمية لم يكن مقترنا بالتغيير في المحتوى والطريقة"(1) الحركة أصبحت مقتصرة على الاحتفالات بالمناسبات .... وأهملت النشاطات التربوية ، واضمحلت البرامج الكشفية.
- مرحلة التجديد من 1982 إلى 1986 :
في هذه المرحلة عرفت الحركة الكشفية تغييرات عديدة بعد صدور توصية- من حزب جبهة التحرير في مؤتمر – الرابع تلزم الهيئات الحزبية على العمل لإحياء الحركة الكشفية ، وإعادة الاعتبار لها ، حيث أعيدت التسمية الأصلية للمنظمة الكشفية وأحدثت بعض التعديلات التنظيمية ، وتم تكثيف الأنشطة الأصيلة المساعدة على إعادة الاعتبار للحركة ، وبعث النشاطات التي تقوم بها الأفواج ، ودعمها من حيث الوسائل التربوية المساعدة .
- المرحلة الممتدة من 1986 إلى 1990 :
في هذه الفترة واصلت الأفواج الكشفية نشاطاتها على المستوى المحلي ، بوتيرة أقل فاعلية من المرحلة السابقة نتيجة لغياب المتابعة ، ومع أحداث أكتوبر التي شهدها المجتمع الجزائري (2)، جرت عدة تحولات اجتماعية وسياسية... حيث ظهرت التعددية الحزبية ، واستقلالية المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية ، وحرية النشاط .
وأمام هذا الوضع المزري تحرك رواد الحركة الكشفية للمناداة بحرية الحركة وجمع شملها بتنظيم هيكلي مستقل ، يتقرر بكل حرية وديمقراطية من قبل القاعدة الكشفية ، وإبعادها عن أي تأثير من شأنه أن يقسم وحدة الكشافة ، وبموجب ذلك عقد مؤتمر " الانبعاث " في جويلية 1989 .
وفي فيفري 1990 استقلت – ال ك .إ.ج. – نهائيا وأصبح لها اعتماد رسمي ، وتقرر إبعادها عن الصراعات السياسية .
وفي 25-26. أكتوبر 1990 : قام أعضاء الكشافة بالندوة الوطنية للوحدة الكشفية في – العاشور- جمعت كل إطارات الحركة الكشفية لتوحيد صفوفها وبعثها من جديد
مسيرة الحركة الكشفية من 1992 إلى 1997 :
في سنة 19 مــاي 1992 ، وبمبادرة من الكشافة الإسلامية الجزائرية ، والمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء ، تأسيس " منبر شباني جزائري "- يتشكل من الجمعيات والمنظمات الشبابية ، يعبر فيه عن انشغالات الشباب وتطلعاته . وفي سنة 1993 عقد مؤتمر " محمد بوراس " وجاء هذا المؤتمر بعد فترة دامت خمس سنوات تقريبا من مسيرة الحركة الكشفية ، مباشرة بعد مؤتمر الانبعاث ، وكتقييم لها في محاولة إرساء قواعدها من جديد " وأهم ما جاء في هذا المؤتمر:
• مناقشة القانون الأساسي ، والنظام الداخلي .
• إعطاء الشرعية للقيادة الجديدة .
• مناقشة مشروع إنشاء كشافة بحرية وجوية ونسوية.
• إعادة الكشافة إلى صفوف تلاميذ المدارس .
• دراسة مستقبل الحركة ( 2)
- مرحلة الانتعاش من 1997 إلى 2000 :
سنة 1997 عاد الانتعاش إلى صفوف الحركة ،وعرف برنامجها تطورات عديدة ، فقد نظمت الكشافة الإسلامية الجزائرية مؤتمرها الوطني الكشفي السابع " آفاق " يقصر الأمم " نادي الصنوبر " محمد علاق " بعنوان " نضرة أشمل... لكشفية أفضل " وهذا أيام : 26-27-28 نوفمبر 1997 ، وقد تمت مناقشة مواضيع عديدة ، من أهمها الموضوع الرئيسي للمؤتمر الذي قام بعرضه القائد " محمد بوعلاق " بعنوان " الكشافة رؤية للمستقبل " ، والمتضمن برنامج عمل إلى غاية 2002 .
وعلى إثرها تم تشكيل مجموعات لجان لمناقشة الموضوع الرئيسي للخطة العامة لأنشطة 98/2001 "
وخلال هذه العشرية الخيرة ، عرفت الكشافة عدة تطورات في نشاطاتها ، وذلك من خلال استقرائها لواقع ملموس ، أدى بها إلى رفع عدة شعارات تلبية لحاجات ومتطلبات المجتمع ، ومن أهمها نذكر:
• مشروع الطفل البرلماني : وذلك بمناسبة اليوم العالمي للطفولة 1 جوان 1998 ، حيث نظمت الكشافة الإسلامية الجزائرية هذا النشاط ، بمقر المجلس الشعبي الوطني تحت شعار " التربية من أجل الديمقراطية " الذي أفرزته حاجة الأفراد للحرية والتعبير ، وتدريب الطفل على تحمل المسؤولية .
فكان هذا المشروع بالتعاون مع كل من : - مجلس الأمة – المجلس الشعبي الوطني – محافظة الجزائر الكبرى – المرصد الوطني لحقوق الإنسان – ومنظمة اليونيسيف .
وكان هدف هذا المشروع مثلما ذكر القائد العام للكشافة السيد : " نور الدين بن براهيم " هو : " توليد أواصر الأخوة ، والتعاون ، والحديث عن مشاكل الطفولة بلسان الطفولة "(2).
ومن خلال هذا المنبر نوقشت عدة مواضيع حول المشاكل التي يعاني منها الطفل الجزائري ، ومن بين هذه المواضيع :
*) – الطفل والحق في التضامن .
*) – حقه في التربية التعليم .
*) – حقه في الصحة .
*) – الطفل والتربية الديمقراطية .
وخلال نفس السنة قامت الكشافة الإسلامية الجزائرية بعدة ملتقيات دولية ومخيمات عربية .
وفي سنة 1 أوت 1998 ، تقرر إنزال تعليمة لتشكيل هيئات ولائية للمرشدات ، وهذا بعد إنشاء " قسم المرشدات " سنة 1997 ، هذا القسم الذي كان من بين النقاط أو المشاريع التي ناقشتها الحركة في مؤتمر " محمد بوراس 1993 ",فكان لتطبيق هذا المشروع إيجابيات عديدة على المستوى القريب والبعيد.
وفي سنة 2000 ، قامت الكشافة إ.ج. بحملة تضامنية ، بالاشتراك مع وزارة التضامن ، تمثلت في " عملية جمع القطع النقدية " لصالح المدارس في المناطق النائية ، تحت شعار " الكشافة تربية من اجل التنمية " تماشيا مع المسار الجديد الذي اتخذه المجتمع الجزائري للتنمية والقضاء على مخلفات مرحلة
الإرهاب ، حيث وضعت صناديق التبرعات في جميع الأماكن العمومية ، والمؤسسات ، والمدارس ، على المستوى الوطني ، وكان الهدف من هذه العملية هو :
1- التضامن مع أطفال المدارس في المناطق النائية وإدخال البهجة في صدورهم فرددت خلال هذه العملية هذه المقولة : "Quelque pieces seulement pour le bonheur des enfants "
2- تربية الطفل على روح التضامن مع الآخرين ، والشعور بمعاناتهم ، لذا كان التركيز على القطع النقدية دون سواها حتى ، يتمكن الطفل من المساهمة في هذه العملية ، لتنتج منه مواطنا فعالا، مهتما بقضايا أمته ، ومصيرها ، ومشبعا بالقيم الإنسانية.
وفي نفس السنة ، قامت الكشافة الإسلامية الجزائرية بالمشاركة في " تليطون لبناء مدارس ولاية عين تموشنت " المتضررة من الزلزال الذي عرفته الولاية . بالإضافة إلى القيام " بعمليات التبرع بالدم ط بالاشتراك مع الوكالة الوطنية للتبرع بالدم. وغيرها من النشاطات التي قامت بها الكشافة إ.ج والتي تهدف إلى المساهمة في ترقية المجتمع وتنمية ، وتنشئة الطفل على القيام بالخدمات الاجتماعية .
فكان هذا التغيير الفعال الذي عرفته الحركة الكشفية في نشاطاتها ، نتيجة لتغير أهدافها وتطويرها ،
لعد الاستقلال ، تماشيا مع المسار الجديد الذي اتخذه المجتمع ، وتلبية لأهدافه العامة فدخلت الحركة مرحلة جديدة أعيد على إثرها تنظيم الحركة الكشفية ، وإعطائها فعالية وديناميكية ، كاستجابة لما يفرضه الواقع الاجتماعي ، من تحديات ، خاصة في المجال التربوي ، الذي تطلب تصورا الغايات الكشفية.(1)
لكن ما يعاب على هذه الفترة هو غياب القيادة في مسيرتها بعض الشوائب ،الراشدة ، وكذا بقاء نوع من اللامبالاة والجمود كما لوحظ لازالت عالقة من العهد الماضي ، والتي بقيت متوارثة .
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ ××× وَطِبْ نَفساً إذَا حَكَمَ الْقَضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثة الليالي ××× فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وَكُنْ رَجلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً ××× وَشِيْمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالْوَفَاءُ...الشكر الى قائد الفوج .
المبحث الأول:المفهوم والخصائص السنية للأحداث في التنظيم الكشفي
المطلب الأول: مفهوم الأحداث.
المطلب الثاني: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الأشبال(من07-11).
المطلب الثالث: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الكشاف(من12-15).
المطلب الرابع: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الكشاف المتقدم(من15-17)
المطلب الخامس: المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الجوالة(من17-21).
المبحث الثاني:الإطار التاريخي للتنظيم الكشفي
المطلب الأول: أصوله لدى مختلف الشعوب.
المطلب الثاني: ظهوره كمنظمة اجتماعية.
المطلب الثالث: 1- الحركة الكشفية في الجزائر وظروف تكوينها.
2- الحركة الكشفية في الجزائر أثناء الثورة.
3- الحركة الكشفية في الجزائر بعد الاستقلال.
4- الحركة الكشفية في مدينة مسعد بولاية الجلفة.
المبحث الثالث:الإطار التنظيمي للكشافة الإسلامية الجزائرية
المطلب الأول: التعريف.
المطلب الثاني: المبادئ
المطلب الثالث: الأهداف.
المطلب الرابع: الطريقة والشعار.
المطلب الخامس: شروط العضوية والحقوق والواجبات.
المطلب السادس: التركيبة النظامية.
المطلب السابع: التنظيم المالي والأحكام العامـة
المطلب الثامن: الهيكل البنائي.
المطلب التاسع: الهيكل الوظيفي.
تمهــــيد:
يعتبر الفتية والشباب العنصر الهام في المجتمع فهم بمثابة الصفحات التي يحاول فيها المجتمع كتابة تاريخه قصد الحفاظ عليه ,وهنا ارتأينا في هدا الفصل أن نعرف بهاته الفئة(الأحداث) ونتطرق إلى أهم الخصائص النفسية والجسمية لهم.
ومن اجل التعرف على المؤسسة الكشفية ودورها التربوي في تنشئة الشباب باعتبارها مدرسة تربوية,وكدا معرفة أهدافها ومراميها والتغيرات التي مرت بها ,سواء في بناءها الوظيفي أو الهيكلي,لا بد من الرجوع لتاريخ المؤسسة وهدا لمعرفة الظروف ,والمحطات التاريخية التي مرت بها من خلال مسارها التاريخي.
ولهذا سنحاول في هذا الفصل تسليط الضوء على الوسط الاجتماعي والثقافي لتقصي الحقائق,هذا الأخير يعتبر المخاض الذي تولدت منه الكشافة الإسلامية الجزائرية "ظروف تكوينها",مع إبراز الهدف التربوي الذي كانت ترمي إليه من خلال برنامجها التربوي,وما يحتويه من نشاطات مكثفة وهادفة في ذلك الوقت,وبعدها سنعرج للحديث عن مشاركتها في الثورة الجزائرية التحريرية ,ثم ننتقل إلى الحديث عن دورها في دفع عجلة التنمية بعد الاستقلال,من خلال معرفة موقعها الإستراتيجي في إطار المسار الجديد للمجتمع الجزائري بعد الاستقلال,والظروف التي واجهتها,وكيف أنها عملت على تطوير أهدافها وهيكلتها تبعا لهذا المنهج. ومن هنا سنتطرق لذكر أهداف المؤسسة, ثم نبين المبادئ الثلاثة التي تستند عليها في عمليتها التربوية واخيرا نتطرق إلى ما تحتويه التركيبة النظامية لهذه المؤسسة وما يقوم عليه البناء والنظام المسير لتحقيق أهدافها,هذا النظام الذي يميزها عن غيرها من مؤسسات التنمية الاجتماعية.
المبحث الأول :المفهوم والخصائص العمرية للأحداث داخل التنظيم
الكشفي
المطلب الأول: مفهوم الأحداث
فالحدث بصفة عامة هو ذلك الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد المقرر قانونيا أي بلوغه سن الثامنة عشر بالنسبة لسن الرشد الجزائي طبقا للمادة 44 ق ا ج أو بلوغه سن التا سعة عشر بالنسبة لسن الرشد المدني طبقا لاحكام المادة 40 من القانون المدني فالحدث في القانون الجزائري كما هو الحال في التشريعات المقارنة تقتضي دراسة التفريق بين الحدث الجانح والذي هو ذلك الشخص الذي لم يكتمل سن الرشد الجزائي وارتكب فعلا مجرما وفقا لمبدأ الشريعة الجنائية وبين الحدث في خطر معنوي وهو الشخص الذي لم يكتمل سن الثامنة عشر من عمره وكانت صحته أو أخلاقه أو تربيته معرضه للخطر أو يكون على حالة مضرة بمستقبله
فمن حيث النصوص القانونية فيخضع الحدث الجانح لاحكام مواد قانونين الإجراءات الجزائية بينما يخضع الحدث في خطر معنوي إلى أحكام الأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة والمراسيم والتنضيمات المصنفة له إما إذا تعلق الأمر بالتدابير القانونية فان المشرع لم يحدد طبيعتها وانما اكتفى فقط بذكرها في القانون ومن ثمة وجب علينا الرجوع إلى الفقه لتحديد طبيعتها(1)
هو ما يتعلق بالجانح من الجانبوما يهمنا من هذا التعريف المعنوي والذي هو الشخص الذي لم يكتمل سن الثامنة عشر من عمره وكانت صحته أو أخلاقه أو تربيته معرضة للخطر لكن نجد في كثير من البلدان يمدد هذا السن إلى واحد وعشرون سنة ولقد حاولنا نحن الاستفادة من هذا التأصيل لانه يلم أو يعبر عن تلك الشريحة والتي تضم الأطفال والفتيه والشباب كما أنها تعبر عن أولئك الذين انخرطوا في العمل الكشفي وهم الكشافون حيث أنه من شروط الانخراط في مثل هذا التنضيم بلوغ سن السابعة ويمتد إلى غاية سن الواحدة والعشرون
المطلب الثاني : المميزات والخصائص العمرية لمرحلة الأشبال :
الخصائـــــــص جوانب
• نمو جسمي بطيء في البداية ويزداد مع نهاية المرحلة
• نمو في العضلات الكبيرة، والسيطرة عليها أوضح من السيطرة على العضلات الرقيقة،( كالأصابع) مما يؤدي إلى قلة اتفاق المهارات الرقيقة
• اتزان في نمو الأجهزة الداخلية مع تحسين التوافق العضلي العصبي والشعور بالتعب أثناء المجهود.
• نمو الجهاز العضلي يسبق نمو جهاز الدورة الدموية والجهاز التنفسي
• كثرة الحركة والنشاطات وحب اللعب .
الجانب الجسمي
• تطور ونمو تدريجي وليس مفاجئ بالنسبة للأداء الهادف بمختلف الجوانب الحركية
• يظهر تحسين واضح في أداء الحركة وخاصة من الناحية الكشفية.
• كلما زاد نشاط الطفل زاد نموه الحركي وهذا من معالم السلوك الحركي في هذه المرحلة.
• يبدا الطفل تدريجيا في الانضمام للنشاط الجماعي بعد النشاط الفردي
الجانب الحركي
• انفعالاته السلبية والإيجابية تكون وقتية وتزول بزوال المؤثر مثل "الفرح السرور ،الاكتئاب ، الحزن ،الغضب، الكراهية.
• تختلف طرف طرق التعبير عن الانفعالات
• اهتمامات تتركز حول نفسه ، سريع القلق ، محب للمنافسة
• يظهر النفور بين الجنسين وخاصة من جانب الفتية.
الجانب الانفعالي
• الإدراك :- في بداية المرحلة يستطيع إدراك الأشياء حسيا، وفي نهايتها يستطيع أن يدرك الأشياء عقليا وتكوين العلاقات القائمة بين الأشياء .
• الانتباه: ضعيف في البداية المرحلة، وفي النهاية يستطيع أن يركز انتباهه حول عدد من الموضوعات البسيطة السهلة.
• التذكر : يتمتع بذاكرة قوية في بداية المرحلة ويسهل عليه استرجاع وتذكر الأشياء ويميل للحفظ دون فهم وفي نهاية المرحلة يلجأ للفهم لحفظ الشياء.
• التفكير:- يكون التفكير خاليا في بداية المرحلة ويتحول قبل انتهاء المرحلة إلى تفكير واقعي يبعد عن الخيال .
الجانب العقلي
• يميل الطفل ( الشبل ) إلى حب الانتماء لجماعة ويكون الولاء لجماعة الأصدقاء أكثر من الولاء للكبار.
• يميل الطفل (الشبل) إلى أن يكون قائدا في الجماعة التي ينتمي إليها وأن يكون محبوبا بينهم ومسيطرا عليهم
• يميل إلى: - انقياده الكبار- كثرة الكلام والمبالغة كثرة الأسئلة للوصول إلى التوافق الاجتماعي.(1)
• يميل إلى :- معرفة الصواب والخطأ ونيل رضا الآخرين(1)
• يميل إلى حب المغامرة والنشاط الاجتماعي وفهم الفروق الفردية بين أقرانه
• يميل إلى اللعب في جماعات كبيرة خارج المنزل
الجانب الاجتماعي
• يهتم بالتعرف على القيم والمعتقدات الدينية والروحية التي تجعله مقبولا اجتماعيا
• يهتم بالوطن ويعتز به.(1) الجانب الترويحي
المطلب الثالث: الخصائص ومميزات العمرية لمرحلة الكشاف (12-15) سنة:
الخصائص جوانب النمو
1/ فترة طفرة في الطول والوزن .
2/ نمو عضلي سريع مع رعونة في الحركة نتيجة لتغيرات في الأجهزة الداخلية واختلاف عمل الغدد المختلفة/ غدد الجنس/ الغدد الصماء
3/ ظهور بعض الأمراض نتيجة النمو السريع مثل الأنيميا والإجهاد بسبب زيادة نمو وخاصة في حالة النشاط الرياضي. الجانب الجسمي
1/ الارتباك الحركي العام
2/ افتقار على الرشاقة في الحركة
3/ ضعف التحكم في العضلات الصغيرة
4/ اضطرابات القوى المحركة
5/ الزيادة المفرطة في الحركات الجانب الحركــــــي
1/ اضطرابات انفعالية نتيجة التغيرات في إفراز الغدد والعوامل البيئية المحيطة / إحباط – صراع
2/ عدم ثبات الأنيميا لتتأرجح بين المتناقضات / نشاط – كسل- سعادة – انقباض.
3/ عدم القدرة على ضبط السلوك أثناء الانفعالات / استخدام ألفاظ خارجة – الاندفاع – الصراع
4/ الانفعالات قوية وعنيفة.
5/ تكوين بعض العواطف الشخصية نحو الذات / الاعتزاز بالنفس- العناية بالملابس- طريقة الكلام- حب الطبيعة- التضحية- الدفاع عن الضعيف .
6/ محاولة اكتشاف أسرار الجنس
) الجانب7/ الميل لمجالسة الكبار وتحمل المسؤولية .(2 الانفعالي
1/ نمو سريع للقدرة العقلية ولكن بدون مفاجآت / تدريجيا وفي نهاية المرحلة تبدأ ظهور القدرات الخاصة والميول والاتجاهات العقلية / تمايز القدرات .
2/ الإدراك: يتطور من المستوى الحسي المباشر إلى المستوى المعنوي المجرد.
• زيادة قوة الانتباه مع الثبات العقلي استيعاب الموضوعات في سهولة ويسر.
3/ التذكر : تذكر الموضوعات المنطقية والاعتماد على الفهم والميل والتذكر.
4/ التفكير : ظهور التفكير والابتكار وحب الاستطلاع والبحث عن المثيرات .
5/ التخيل: نمو القدرة على التخيل والميل إلى العلوم المختلفة
6/ الهروب من عالم الواقع إلى أحلام اليقظة
الجانــــب العقلي
1/ الميل إلى التحرر من المنزل والانتماء إلى المجموعة ومسايرتها واستمرار الشلة 2/ البحث عن بطل يعجبه للقدوة ولتأكيد الذات
3/ التحول عن الوالدين وسلطتها، ومقاومة أي سلطة / الأسرة ، المدرسة/ وقد تظهر بعض الانحرافات
4/ الشعور بالمسؤولية لمساعدة الآخرين ومحاولة الحصول على مكانه في الجماعة ورضاها عنه.
5/ تقليد الكبار ومشاركتهم
6/ النقد والرغبة في الإصلاح
7/ حب الزعامة
8/ زيادة الفروق الفردية في فترة النضج
9/ اختلاف الاهتمامات بين البنين والبنات.
10/ الاهتمام بالحيوانات الأليفة
الجانب الاجتماعي
1/ بداية التأمل في الوجود
2/ بداية التساؤلات المتعلقة بوجود الله- قدرته – الخلق- الجنة – النار- الثواب- الجنة- العقاب.(1) الجانب الروحي
المطلب الرابع : المميزات والخصائص العمرية لمرحلة المتقدم ( من 15 إلى 17 سنة)
الخصائص جوانب النمو
1- استمرار الطفرة في النمو الجسمي حتى سن 18 .
2- الحالة الجسمية قد تسبب الكثير من القلق( القصر- الطول- البدانة)
3- قوة عضلية في اليدين – الكتفين الساقين
4- حساسية شديدة للمظهر العام
5- الاهتمام بالجسم والعضلات والمظهر الخارجي لاجتذاب الآخرين
6- استمرار تغيرات النمو في غدد الجنس- الغدد الصماء- نمو القلب بسرعة واتساع المعدة (2) الجانب الجسمي
1- القدرة على الجلوس فترة طويلة
2- يظهر الاتزان التدريجي في نواحي الاضطراب الحركي وتحسين النواحي النوعية للمهارات الحركية وقد تصل لدرجة عالية من الجودة
3- ارتقاء كبير لمستوى التوافق العضلي العصبي
4- سرعة اكتساب وتعلم المهارات الجديدة ويتميز الفتى بقوة العضلات الجانب الحركي
1- ثروات فبي النفس تمتاز بالعنف والاندفاع وإحساس بالضيق والتبرم
2- التوتر والأزمات النفسية التي تسودها القلق- المشكلات – الصعوبات عدم التكيف مما يؤدي إلى الإحباط والوقوع في صراع.
3- استمرار التأرجح بين المتناقضات ( السعادة- والانقباض – الثقة في النفس- وعدم الثقة بالنفس- النشاط والكسل)
4- استخدام الألفاظ بدرجة أكبر للتعبير عن الانفعالات ( الغضب- السب )
5- الاندفاع وعدم التحكم في الانفعالات
6- ظهور حالات من اليأس والقنوط والآلام النفسية ( بسبب تقاليد الأسرة والمجتمع ).
7- الصراع بين الأماني والواقع والاندفاع الجنسي وقوانين المجتمع والرغبة في التحرر من السرة والاعتماد عليها كمصدر للدخل.
8- الرغبة في تكوين أسرة وعدم قدرته على تحقيق ذلك اقتصاديا .الخ. الجانب الانفعالي
1- نمو عقلي متزايد ومستمر ، وبسرعة النمو في الذكاء ويقترب من الوصول لاكتمال الوظائف العقلية العليا في نهاية هذه المرحلة.
2- استمرار الارتقاء بمستوى الإدراك من المستوى الحي إلى المستوى المعنوي المجرد ويمتد إلى المستقبل القريب والبعيد
3- الانتباه والفهم والإدراك واستيعاب الموضوعات بسهولة
4- التذكر: يميل إلى تذكر الموضوعات المنطقية عن طريق خطوات منطقية معتمدا على الفهم.
- تصل قدرة التذكر إلى ذروتها في هذه المرحلة
5- التفكير: لبيئة لها دور في تحفز المراهق للاستدلال وحل المشاكل
6- التخيل – تظهر القدرة على التخيل من خلال موضوعات متعددة مثل الإنشاء- الرسم- الشغال- الأعمال اليدوية. الجانب العقلي
يعيش في جو رومانسي ويميل للموسيقى والشعر وكتابة الخطابات والمذكرات ويضع فيها رغباته وطموحاته ومشكلاته .
- يميل إلى الفلسفية والأدبية
- الاهتمام بالمستقبل المهني
- حدوث أزمات نفسية حادة تؤدي إلى محاولة الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال عن طريق أحلام اليقظة
1- التمثل بالقيم الدينية أمام الجماعة (الصلاة – الصوم )
2- إظهار ونقد آفات المجتمع
3- الانجذاب لملذات الحياة لافتقار القدوة
4- الرغبة الشديدة في معرفة أسرار الكون وحكمة الله في خلقه(1)
5- التأثر بما يدور في المجتمع
6- الصراع بين ما يفرضه الدين وواقع الحياة
7- المقارنة بين الأديان
8- الحاجة إلى الإحساس بالمسؤولية وممارسة الديمقراطية
9- تكوين بعض العواطف الشخصية نحو الذات ( الاعتزاز بالنفس- العناية بالملابس- طريقة الكلام)
10- تكوين عواطف نحو الأشياء الجميلة حب الطبيعة - الرومانسية – التضحية – الدفاع عن الضعيف.
11- الإحساس بالوصول إلى قمة الرجولة ويتوقع معاملة المجتمع له على هذا الأساس الجانب الروحي
1- زيادة الميل إلى التحرر من المنزل والانتماء الأصدقاء وتوجيه النقد للوالدين
2- البحث عن القدوة
3- كراهية الخضوع لأي سلطة تذكره بطفولته
4- صعوبة التكيف مع المجتمع سواء الجنس الآخر أو مع الكبار
5- الميل إلى التوحد مع الجماعة فيظهر بمظهرهم ويتصرف بتصرفهم ويتميز بالإخلاص والصراحة مع الاعتراف به كفرد في الجماعة
6- السعي لتكوين مركز بين جماعته والقيام بأعمال تلفت النظر ( مسايرة الموضة- التصنع في الكلام- والشي- إقحام النفس في مناقشات فوق مستواه- الشدق بالفاض رنانة)
7- القيام بأعمال وخدمات وإصلاحات بالنهوض بإفراد الجماعة وينعزل عنهم إذا لم يجد تقديرا مناسبا.
8- الثورة و التمرد والاحتجاج أو الغضب والتهديد بالهرب من المنزل والمدرسة واللجوء إلى الجماعات الهدامة إذا عارضه الكبار
9- النقد والرغبة في الإصلاح : لوالديه – لمنزله- للأثاث – للطعام – ومقارنة ذلك بما يراه عند الأصدقاء أو في الأفلام
10- الرغبة في الممارسة والتجريب بهدف المعرة والمغامرة
11- الاتجاه في المساعدة الآخرين والتألم لآلامهم .
12- لا يقبل صديق يفرض عليه من والديه أو يقطع علاقة مع صديق له
13- صداقاته تستمر لفترات طويلة
14- ظهور الزعامة لمن يتمتعون بذكاء فوق المتوسط (1)
المبحث الثاني : الإطار التاريخي للتنظيم الكشفي
المطلب الثاني : 1-أصوله لدى مختلف الشعوب :
الشعوب العربية :
حرص الناس منذ القديم على تنشئة أبنائهم تنشئة نافعة، تعدهم لأن يكونوا مواطنين صالحين لأنفسهم و لمجتمعهم ، واعتنوا عناية خاصة بالتربية الجسمية على أساس أن العقل السليم في الجيم السليم فلقد كانت العادة عند سكان الحواضر أن يلتمسوا المراضع لأولادهم في البادية ، وهناك تقوى أجسادهم و تشتد عضلاتهم ، ولقد كانت المتعة الوحيدة لدى العرب وطريقة قضائهم لأوقات فراغهم لا تخرج عادة عن أنهم يقدون بعض الخيام ولوازم الطعام ، وبعض وسائل التسلية والصيد ، ثم يضربون في بطن الصحراء ون أياما وليالي بحيث يعودون منها إلى أعمالهم أكثريختارون المكان المناسب ويقض نشاطا و أوفر قوة واستعدادا لمواجهة الحياة .
فما أشبه الحياة الكشفية الصحيحة بالحياة العربية المجيدة ، وما أقربها لأساليب حركة الكشافة ولطرق التربية العربية السليمة ، فحياة العربي و أسلوب في الحياة مبنية على الاعتماد النفس و التعاون و التسامح والإنصاف ، ومن طبع العربي الشهامة و النخوة والإيثار ، فمن هنا نجد أن مبادئ الكشافة وتعاليمها تتماشى مع عادات العرب وصفتهم وسبل عيشهم وفلسفتهم في الحياة ، و ما اشتهروا به من مثل عليا وقيم خلقية ، كما أن العرب برعوا في فن اقتناء الأثر أو الكشف عنه ، و الذي اشتقت منه كلمة كشافة ، والذي هو من أهم فنونها ، وبهذا يمكننا القول أن السلوك الكشفي قد عرفه العرب منذ القدم نظرا لظروف حياتهم الترحالية في أرجاء الصحراء الواسعة .
القبائل البدائية :
غرفت القبائل والشعوب الإفريقية حياة التنقل والترحال منذ القدم ، فمثلا " الزولو" كانت تعتني بالشدة في تربية أبنائها على الشجاعة وركوب المخاطر ، حيث عندما يبلغ الفتى منهم الخامسة عشر من عمره يجردونه من ثيابه ويطلون جسمه بطلاء خاص لا يزول إلا بعد 30 يوما ، ثم يقلدونه فرسا ورمحا ويأمرونه بمغادرة القرية إلى داخل الغابة ، عليه أن يعيش في أحراشها بين مختلف أنواع الحيوانات المفترسة ،فكان عليه أن يقاتلها ، ويروض نفسه على الحياة معها لمعرفة طبائعها ، وليبعد عن نفسه شرها ، كما كان عليه معرفة دنأنواع نباتها ، ليختار الصالح منها فيقات منه'(1)، وبين هذه القبائل عاش " با باول" مؤسس حركة الكشفية ، حيث اعتنى بدراسة عاداتها وطبائعها وكانت هذه الدراسة عونا له على تكوين فلسفته التي قام عليها فيما بعد فكرة الكشافة .( 1)
وحسب دراسة " بادن باول " على الشعوب الإفريقية ، فان الظروف أتيحت له ليعرف ويرى نظاما آخر كان أقرب الأنظمة إلى نظام الكشافة الحالي ، وذلك عندما زار " سير توماس ستون " أحد أصدقائه الذي كان مديرا لإحدى شركات قطع الخشب في كندا ، فقد لاحظ سير توماس خلال إقامته فيها ، الفرق الشاسع بين أولاد هنود أمريكا الحمر – وهم سكانها الأصليون – وبين أولاد الجاليات الأجنبية ، حيث كان الهنود الحمر يدربون أولادهم على اختراق الفيافي وتلمس الطرق في الغابات الكثيفة ، والاهتداء إلى السبل ،و تتبع آثار الإنسان والحيوان ،ينما كان أولاد الجاليات الأجنبية يتناقصون عاما بعد عام بسبب أن عدد كبير منهم كان يظل طريقه في الغابة،ففكر سير توماس أن يكون من أولاد الجاليات فرقا، وسن لهم بعض الشروط: فحرم عليهم التدخين وشرب الخمور ، و أخذ يعودهم على اختراق الأخطار ويمرنهم على لاقتناء الأثر ويعلمهم بعض الحروف النافعة ، فشاهد بادن باول هذا التنظيم ، فأعجب به كثيرا إلا أنه نسي هذا الأمر بعد مدة ، ولم يوقظ هذه الفكرة من مرقدها عندما وقع حصار * مفكنج سنة 1900 أي (في القرن العشرين ) ، حيث كان بادن باول في ذلك الوقت ضابطا في الجيش الانجليزي ،فأتيحت الفرصة لتطبيق هذا النظام عمليا ، حيث حاصرت قبائل " البوبير" * مدينة مفكنج ، ولم بها غير عدد قابل من الجند لا يتجاوز عددهم الألف جندي ، من بينهم عدد ليس بالقليل يقوم بالخدمات العامة اللازمة للمحاربين من طب وإسعاف وغيره وهكذا فكر بادن باول في جمع بعض فتيات المدينة وشبابها ، ودربهم على أعمال الإسعاف و الطب وإرسال الرسائل وغيرها من أعمال الدفاع المدني ، واستطاع هؤلاء الفتية أن يحلوا محل الجنود اللذين كانوا مكلفين بالقيام بهذه الأعمال وبذلك أتيحت للعامية أن تشترك جميعها في القتال فرفع الحصار عن المدينة , ومن هنا أصبحت تاكشفية ذات الصبغة العسكرية (الحربية)كمنهج تربوي وحيوي ذي قيمة كبيرة في العالم با سره ، كما سنرى فيما يأتي .
المطلب الثــــالث : ظهور الكشفية كمنظمة اجتماعية :
وابتداء من سنة 1907 بدأ بادن باول يدعو إلى إنشاء الكشافة السلمية ، حيث بين أنها تعتبر وسيلة لتدريب الفتى على الاعتماد على النفس وتكوين شخصية وتنشئة اجتماعية تبعث في نفسه الاعتزاز بمقوماته و الإيمان بدينه ووطنه وتزوده بالمثل العليا التي يجب أن تتوفر في المواطن الصالح(2)، وفي سنة 1908 وبعد صدور كتابه " الكشفية للأولاد " بدأ بإنشاء أول فرقة كشفية وأقام معسكرا للفتيان بجزيرة " براون سي " " BROWN SEA ." وأقام أول مهرجان كشفي عام 1909 .(1)
وسرعان ما انتشرت الحركة الكشفية بعد ذلك ، في بريطانيا ثم أمريكا و، في جميع أنحاء العالم انتشارا سريعا ، حيث بلغ عدد المنخرطين فيها خلال الحرب العالمية الثانية حوالي 4 ملايين منخرطا وكانت لها مؤتمراتها الدولية الخاصة ، كما عرفت تطورا في عملها وتنظيمها ، حيث أصبحت حركة اجتماعية رياضية ترفيهية ، أو مجالا للتربية والتعليم وتهتم بالأطفال والشباب على السواء ، وتعمل على توفير فرص النمو السليم لهم عن طريق استثمار أوقات فراغهم .(2) .
المطلب الرابع : 2- التنظيم الكشفي في الجزائر وظروف تكوينه
ظهرت الحركة الكشفية في الجزائر في صفوف أبناء المعمرين كتنظيم خاص بالمعمرين ، ثم انتظم الجزائريون في صفوف من خلال تنظيم خاص بهم ، حيث عرف هذا الأخير تطورا كبيرا و شارك في مسار الأحداث التاريخية والاجتماعية للشعب الجزائري :
2/ 1- التنظيم الكشفي أثناء فترة الاستعمار :
لقد كان لتأسيس الكشافة الفرنسية منذ سنة 1911 وانخرط الشباب الجزائري في صفوفها نتيجة إعجابهم بمبادئها كالانخراط والعمل الجماعي ، من بين العوامل التي ساعدت على تكوين فكرة الكشف (الكشافة ) بالجزائر ، بحيث كانت الكشافة الفرنسية تسير من طرف عدة فصائل دينية كالكشافة الكاثوليكية والبررتستانية , و استمر الوضع هكذا إلى أن جاءت سنة 1930 ، تاريخ احتفال فرنسا بمرور 100 سنة على احتلالها للجزائر، وشاركت في هذا الاحتفال الكشافة الفرنسية التي بالغت في إطار سيطرتها ، محاولة تعلن عن ذلك منها : " الجزائر فرنسية " و " الجزائر امتداد لأرض فرنسا ".
وكل هذه الظروف ساعدت على زيادة الوعي مما نتج عنه نشوء جمعيات وهيئات ومنظمات وأحزاب وصحف وأندية جزائرية وطنية في شتى الميادين ، وذلك للإعراب عن وجودهم الحفاظ على كيانهم وبعث شخصيتهم ، مما أدى بالشباب الجزائري إلى الانسحاب من صفوف الكشافة الفرنسية رافضيين كل أشكال الإدماج مما جعل الشباب الجزائري – أثناء الاحتفال بهذه المناسبة – ينظمون بالجزائر العاصمة مخيم صيفي ضخم ضم حوالي 2000 شاب جاءوا من 47 ولاية فرنسية(3) و كذلك من المغرب ، تونس ،بريطانيا ، بلجيكا ، لوكسمبورغ ، ألمانيا ، )وسويسرا إلى جانب العديد من البلدان الإفريقية المستعمرة من طرف فرنسا .(
فكانت المبادرة بتأسيس أول فوج كشفي في سنة 1930 من طرف محمد بوراس في مدينة مليانة أطلق عليه اسم فوج الخلود ، وكان من بين الأفواج الكشفية التي ظهرت بعد تأسيسه : الرجاء والصباح بقسنطينة الإقبال بالبليدة (1936 ) الفلاح ، القطب (1937 ) ، الهلال يتيزي وزو (1933) الحياة بسطيف (1938 ) الرجاء ببسكرة (1942 ) المنى بعناية (1936 ) النجوم بقالمة (1939) و مع نهاية سنة 1943 أصبحت الكشافة تجمع أكثر من ثلاثين مجموعة ، فبالرغم من أن أعضاء تلك الأفواج الأولية للكشافة كانت تنقصهم التجربة والممارسة الكشفية وعدم الاعتماد على منهج كشفي واضح لكنهم تشكلوا في جماعات أخذت مظهر :
• تجمع شبه عسكري يتجلى من خلال اللباس والشارات والانضباط الكلي تماما كالجنود .
• جماعات أخرى مفتوحة بالموازاة مع المدارس التي كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يشجعها فأخذت مظهر مركز لإشعاع ثقافي عربي إسلامي ، ومظهر للتربية الإسلامية .
• جماعات طبقت بالفعل الطريقة والتقنيات الكشفية العالمية لكنها كانت مطبقة بطريقة أرثوذوكسية
وكانت السمة الظاهرة والموجودة في كل الأفواج الكشفية الإسلامية ، كونها كانت تلبي لدى الأطفال :
• الرغبة في التعلم والفهم مما خلق فيهم الحيوية وروح الحماسة لأية مؤسسة كشفية توجد.
• تخلق فرحة التعاون خضم دروس الغناء، الألعاب والسهرات.
• تخلق فيهم روح الأخوة والوطنية التي كانت تدخل في أعماق الفتية والشباب في أوقات مراسيم الاحتفالات التي كانت ترافقها تسليم الراية والوعد الكشفي .
ولقد نادى محمد بوراس منذ 1935 بإنشاء جامعة للمنظمة الكشفية ( جامعة للكشافة الإسلامية الجزائرية) تجمع شتات الجمعيات والأفواج الكشفية ، توحدها وتوجهها في اتجاه وطني واحد، فأعد قانونا أساسيا عرضه على السلطات الفرنسية الحاكمة للمصادقة عليه ، لكن محاولته باءت بالفشل ، نتيجة رفض السلطات الاستعمارية لهذه الفكرة ، وموافقتها المشددة تجاه كل ما من شأنه أن يعطي استفاقته للشعب .(2)
لكن بتغير الحكم الذي أصبح في يد الجبهة الشعبية في فرنسا عام 1936 ، التي كانت أكثر ديمقراطية من سابقاتها ، قدم محمد بوراس مشروعه مرة ثانية والذي قبل من طرف السلطة الاستعمارية فتم تأسيس" جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية " سنة 1937 ، وبدأت بذلك تحاك ضد ها المكائد قصد إفشالها ، لكنها شقت طريقها نحو هدفها المنشود .
وكان أول تجمع كشفي لهذه الجامعة سنة 1939 ضم نخبة الكشافين الجزائريين من أهم الأفواج الموجودة آنذاك وختم أعماله باحتفال تحت الرئاسة الشرفية للشيخ عبد الحميد بن باد يس رئيس جمعية العلماء المسلمين بقاعة الماجيستيك ، وهكذا نشأت وترعرعت الكشافة الإسلامية الجزائرية من أول عهدها في أحضان الحركة الإصلاحية العامة التي توجهها وتشرف عليها جمعية العلماء المسلمين ، ولعل تزامن ظهور الحركة الكشفية مع تأسيس جمعية العلماء المسلمين سنة 1931 الأمر الذي ساعد على تكثيف الجهود وتنسيقها لإنجاح النشاط الكشفي ، وتدعيمه بما يحقق الفائدة العامة ، خصوصا أنه فتح آفاقا واسعة ومجالات متعددة لنشاطات الجمعية من اجل خدمة المسألة القومية والدفاع الشخصية الوطنية نظرا لأن مبادئ الحركة الكشفية المتمثلة في الواجب نحو الله ونحو الآخرين والواجب نحو الذات ، ونظرا لكون أغراضها التربوية الهادفة لا تتعارض مع تطلعات الجمعية فقد نالت الاهتمام الخاص والتشجيع من طرف رواد الحركة الإصلاحية كالشيخ عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي ، والدليل على ذلك أن معظم أفواج الحركة الكشفية نشأت في أوساط إصلاحية بجانب المدارس الحرة لجمعية العلماء المسلمين ، وكان أغلب أفراد الكشافة ومسيريها من تلاميذ ومعلمي هذه المدارس (1).
كما كان للكشافة الإسلامية الجزائرية الأثر الطيب لدى المنظمات الكشفية العالمية حيث شاركت في : الجمعية العالمية للشبيبة الديمقراطية ب "براغ" في سنة 1947 وفي " جامبوري السلم " ب " مواسون " في نفس الشهر والسنة ( جويلية 1947 ) .
وفي الاجتماع العامي للشباب سنة 1954 ، وفي مهرجان الشباب والطلاب العالمي بقارسوفيا سنة 1955 وغيرها من التظاهرات العامة للكشافة العالمية ، إضافة إلى الملتقيات والمخيمات والجولات أو الرحلات الدراسية بين الكشافة الجزائرية وبين الإخوة الأشقاء من المغاربة والتونسيين (2)
لكن الكشافة الإسلامية الجزائرية لم تتقوقع على نفسها ، بل مثلما كانت لها اتصالات مع البلدان الأوروبية نجد أيضا بأنها فتحت بابها على البلدان العربية وذلك من خلال :
- تضامنها مع الكشافة التونسية ، فمحمد بوراس كان قد دعى ممثلين عن الكشافة التونسية عام 1939 كما أن الأفواج الكشفية بقسنطينة قاموا بمراسلة مع تونس للحصول على وسائل تقنية وبيداغوجية وشارك في سنة 1946 ممثلين عن الكشافة التونسية في التجمع العام بقسنطينة . وشاركوا في تجمع سوريا في أوت 1954 ، الذي التقت فيه الجمعيات العربية لمناقشة المناهج والوسائل لترقية الحركة الكشفية في العالم العربي ، وكانت نتائج أعمالهم ممثلة في بعض العناصر المهمة منها :
1- استوعبوا بأن الحركة الكشفية كانت وسيلة جيدة لتحضير الشباب لكي يلعبوا دورهم بطريقة فعالة في تطوير بلدانهم .
2- قرروا بأنه كل عامين يحتفظون يتجمع عربي كل مرة في بلد مختلف .
وفي تجمع في الزبداني بسوريا ، المنعقد سنة 1954 بمشاركة إحدى عشرة بلدا (11) :
الجزائر – العربية السعودية – مصر – العراق – الأردن – ليبيا – المغرب – فلسطين – سوريا – تونس
اليمن - ، وكانت فرصة للجزائر لرفع رايتها الوطنية والمشاركة في كل الأعمال الكشفية وتسيير مشاريع الكشافة العربية 1) , وكانت الرحلات والتجوال التي تنظمها الفرق الكشفية للمناطق الجبلية للتدريب.( ، وتبادل الزيارات بين الأفواج تسمح بملاحظة الفروق الجوهرية بين أبناء الوطن الذين يعيشون حالة بؤس وحرمان ، وبين المعمرين اللذين يتمتعون بكل الحقوق والامتيازات مما جعل مفهوم الثورة على الأوضاع ، يترسخ في أذهان الشباب.
المطلب الرابع: دور الكشافة الإسلامية الجزائرية أثناء الثورة التحريرية :
ما لاشك فيه أن الوضعية السياسية لأي بلد تؤثر على الحالة الاجتماعية ، والثقافية ، والاقتصادية وكذا على كل من الحركات والجمعيات المتواجدة فيه ، وتعتبر سنة 1954 ، نقطة تحول حاسمة في مسار المجتمع الجزائري ، مما جعل الكشافة الإسلامية الجزائرية ، باعتبارها حركة من الحركات الفعالة في المجتمع آنذاك ، تقوم بتغيير أنشطتها وأهدافها ، لتتماشى مع مقتضيات المسار الجديد للمجتمع .
فبانطلاق الثورة ركزت الحركة أهدافها ، على خدمة الثورة، فأعطت الأولوية للنشاط العسكري ، والتربية الوطنية ، دون إهمال المجالات الأخرى . وقد تطلبت هذه المرحلة تقديم تربية خاصة، ستتم بموجبها تحصين الفتية والشباب من التأثير السيكولوجي والفكر الإيديولوجي للاستعمار ، لقد كان أبناء الكشافة الإسلامية الجزائرية ، في طليعة من لبوا النداء ، حيث تسابقت العناصر الكشفية للالتحاق بصفوف الثوار .(2)
فتدعمت الجبهة وجيش التحرير الوطني بكفاءات سياسية واعية، تتمتع بروح انضبا طية عالية ، مشبعة بأسمى معاني الوطنية ، عن فهم وإدراك ، واسع النطاق واقتناع تام وممرنة على أساليب العمل العسكري ، ومدركة لكل الأبعاد الثورية التحريرية ، فاستعان ضباط جيش التحرير " بخبرة كثير من القادة الكشفيين في مجال التدريب العسكري ، والمجال الصحي لامتلاكهم خبرات في ميدان الإسعاف ، والإنقاذ ، بحيث أن أغلب الأطباء والممرضين قد اكتسبوا خبرات في مجال التمريض عن طريق الكشافة الإسلامية الجزائرية ، أو عبر تربصات جد قصيرة "وعليه فقد توقفت أغلبية الأفواج ، نظرا لالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني ، فيما يقي البعض منها في العاصمة ، وفوج آخر في مدينة مستغانم لمواصلة تربية الأطفال ، والشباب، تربية وطنية مكثفة وتهيئتهم للعمل الثوري .
كما أن بقاء هذه الأفواج ساعد الحركة الكشفية الجزائرية ، في المشاركة بالاجتماع العالمي المنعقد بايطاليا سنة 1954 ، وكذا مهرجان الشباب والطلاب العالمي " بقارصوفيا " سنة 1955 ، وغيرها من التظاهرات العالمية ، والنشاطات القوية والمتشبعة التي ميزت الدور النضالي للكشافة الإسلامية الجزائرية داخل وخارج الوطن . ومن هنا نلاحظ كيف أن الكشافة الإسلامية الجزائرية ، رغم الأوضاع التي كان يعيشها المجتمع الجزائري ، ومشاركتها في الثورة التحريرية ، وتفاعلها معها من جهة ، والحصار الذي فرضته السلطات الاستعمارية عليها من جهة أخرى ، إلا أنها لم تتخلف عن المهرجانات والتظاهرات العالمية التي كانت تقام خارج الوطن مثلما رأينا . وبذلك فرضت وجودها ، وأبرزته على الصعيدين الداخلي والخارجي ، أداء لرسالتها الحضارية . (1)
المطلب الخامس : - الكشافة الإسلامية الجزائرية بعد الاستقلال :
إن التغير الاجتماعي الذي مر به المجتمع الجزائري ، كان له الأثر الفعال على نمط الحياة الاجتماعية ، وعلى الهيكل البنائي للمؤسسات المختلفة ، سواء الاجتماعية ، الاقتصادية ، وحتى الثقافية والدينية ، فبعد الاستقلال مباشرة ، نادت الدولة بضرورة الاهتمام بالسياسة التنموية للبلاد ، لدفع عجلة التنمية في مختلف المجالات . وبموجب هذا المسار الجديد ، عقدت الكشافة إ-ج –مؤتمر سنة 1963 ، سمي بمؤتمر " الوحدة " ضم جميع الأفواج المتواجدة على مستوى القطر ، وهذا للنظر في مستقبل الكشافة الإسلامية الجزائرية ، وتحديد أهدافها التي أصبح من الضروري أن تتغير ، وتغير في مضمون برنامجها التربوي لتساير المعطيات الجديدة وتتفاعل مع الكشافة أن تراعيالمسار الجديد للمجتمع ، حيث جاء في نص هذا المؤتمر أنه " على التحولات ، والتغيرات المختلفة التي تتولد عن كل ثورة ن كذلك التقلبات الاجتماعية العائلة ، وخللها المؤقت وتطلعات الشباب الجديدة "والاقتصادية ، وتطور
ومن ثمة أعيدت هيكلة الكشافة من جديد ، فكانت الانطلاقة بعد ذلك بحرارة ، حيث تزايد عند عدد الأفواج الكشفية بشكل كبير ، وكانت تسعى من خلال هذا الزحف إلى التطلع لغد أفضل للحركة الكشفية الجزائرية ، وتعبئة الشباب من أجل المشاركة في بناء وتشييد البلاد بأعمالها التطوعية تحت شعار " الكشفية ... تربية لتنمية المجتمع "
وفيما يلي ذكر للمراحل التي مرت بها الكشافة الإسلامية الجزائرية في مسارها التاريخي منذ الاستقلال إلى غاية سنة 2000 :
- مرحلة عدم الاستقرار التنظيمي من 1965 إلى 1975 :
في سنة 1965 ، ظهرت خلافات ذات أصل سلطوي بين أعضاء الحركة الكشفية فظهرت عدة أزمات تنظيمية ، وتكتلات لإدارة النشاط الكشفي ، كما تعرضت الحركة لعدة مضايقات ، ومحاولات للقضاء عليها ، مما أسفر عنه انسحاب عدة عناصر فعالة ، ووقوع انتكاسة في صفوفها ، عوض مسايرة التغيرات ، فظلت الكشافة إ-ج حبيسة النزاعات والخلافات ، ولم تحقق بذلك أي تطور.
وفي سنة "1970" طالبت بعض الجهات عقد مؤتمر استثنائي ، وقرر بعد ذلك حزب جبهة التحرير الوطني ، أن تصبح الكشافة إ-ج منظمة جماهيرية تحت إشراف الحزب الواحد .
- مرحلة الاحتواء وفقدان الاستقلالية من 1975-1978 :
في سنة " 1975" أسست الدولة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ( U.N.J.A ) ولكون الكشافة مؤسسة تربوية شبا نية فقد ألحقت بالاتحاد الوطني فقد ألحقت بالاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ، وأصبحت بذلك تنشط في إطار سياسته العامة المنبثقة من توجهات الحزب الواحد .
وبنظام الكشافة على الجهاز الحزبي ، والممثل في الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ، حدث تغيير في الجانب البنائي والوظيفي لهذه المنظمة ، وكذلك الأمر بالنسبة للأهداف ، فارتبطت أكثر بالسياسة العامة واختيارات البلاد (1)
• مميزات المرحلة الممتدة من 1979 إلى 1982 :
في سنة " 1979" تم تغيير اسم المنظمة الكشفية من " فرع الكشاف " إلى أشبال هواري بومدين" لكن هذا التغير الذي حيث أن نشاطاتطرأ على التسمية لم يكن مقترنا بالتغيير في المحتوى والطريقة"(1) الحركة أصبحت مقتصرة على الاحتفالات بالمناسبات .... وأهملت النشاطات التربوية ، واضمحلت البرامج الكشفية.
- مرحلة التجديد من 1982 إلى 1986 :
في هذه المرحلة عرفت الحركة الكشفية تغييرات عديدة بعد صدور توصية- من حزب جبهة التحرير في مؤتمر – الرابع تلزم الهيئات الحزبية على العمل لإحياء الحركة الكشفية ، وإعادة الاعتبار لها ، حيث أعيدت التسمية الأصلية للمنظمة الكشفية وأحدثت بعض التعديلات التنظيمية ، وتم تكثيف الأنشطة الأصيلة المساعدة على إعادة الاعتبار للحركة ، وبعث النشاطات التي تقوم بها الأفواج ، ودعمها من حيث الوسائل التربوية المساعدة .
- المرحلة الممتدة من 1986 إلى 1990 :
في هذه الفترة واصلت الأفواج الكشفية نشاطاتها على المستوى المحلي ، بوتيرة أقل فاعلية من المرحلة السابقة نتيجة لغياب المتابعة ، ومع أحداث أكتوبر التي شهدها المجتمع الجزائري (2)، جرت عدة تحولات اجتماعية وسياسية... حيث ظهرت التعددية الحزبية ، واستقلالية المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية ، وحرية النشاط .
وأمام هذا الوضع المزري تحرك رواد الحركة الكشفية للمناداة بحرية الحركة وجمع شملها بتنظيم هيكلي مستقل ، يتقرر بكل حرية وديمقراطية من قبل القاعدة الكشفية ، وإبعادها عن أي تأثير من شأنه أن يقسم وحدة الكشافة ، وبموجب ذلك عقد مؤتمر " الانبعاث " في جويلية 1989 .
وفي فيفري 1990 استقلت – ال ك .إ.ج. – نهائيا وأصبح لها اعتماد رسمي ، وتقرر إبعادها عن الصراعات السياسية .
وفي 25-26. أكتوبر 1990 : قام أعضاء الكشافة بالندوة الوطنية للوحدة الكشفية في – العاشور- جمعت كل إطارات الحركة الكشفية لتوحيد صفوفها وبعثها من جديد
مسيرة الحركة الكشفية من 1992 إلى 1997 :
في سنة 19 مــاي 1992 ، وبمبادرة من الكشافة الإسلامية الجزائرية ، والمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء ، تأسيس " منبر شباني جزائري "- يتشكل من الجمعيات والمنظمات الشبابية ، يعبر فيه عن انشغالات الشباب وتطلعاته . وفي سنة 1993 عقد مؤتمر " محمد بوراس " وجاء هذا المؤتمر بعد فترة دامت خمس سنوات تقريبا من مسيرة الحركة الكشفية ، مباشرة بعد مؤتمر الانبعاث ، وكتقييم لها في محاولة إرساء قواعدها من جديد " وأهم ما جاء في هذا المؤتمر:
• مناقشة القانون الأساسي ، والنظام الداخلي .
• إعطاء الشرعية للقيادة الجديدة .
• مناقشة مشروع إنشاء كشافة بحرية وجوية ونسوية.
• إعادة الكشافة إلى صفوف تلاميذ المدارس .
• دراسة مستقبل الحركة ( 2)
- مرحلة الانتعاش من 1997 إلى 2000 :
سنة 1997 عاد الانتعاش إلى صفوف الحركة ،وعرف برنامجها تطورات عديدة ، فقد نظمت الكشافة الإسلامية الجزائرية مؤتمرها الوطني الكشفي السابع " آفاق " يقصر الأمم " نادي الصنوبر " محمد علاق " بعنوان " نضرة أشمل... لكشفية أفضل " وهذا أيام : 26-27-28 نوفمبر 1997 ، وقد تمت مناقشة مواضيع عديدة ، من أهمها الموضوع الرئيسي للمؤتمر الذي قام بعرضه القائد " محمد بوعلاق " بعنوان " الكشافة رؤية للمستقبل " ، والمتضمن برنامج عمل إلى غاية 2002 .
وعلى إثرها تم تشكيل مجموعات لجان لمناقشة الموضوع الرئيسي للخطة العامة لأنشطة 98/2001 "
وخلال هذه العشرية الخيرة ، عرفت الكشافة عدة تطورات في نشاطاتها ، وذلك من خلال استقرائها لواقع ملموس ، أدى بها إلى رفع عدة شعارات تلبية لحاجات ومتطلبات المجتمع ، ومن أهمها نذكر:
• مشروع الطفل البرلماني : وذلك بمناسبة اليوم العالمي للطفولة 1 جوان 1998 ، حيث نظمت الكشافة الإسلامية الجزائرية هذا النشاط ، بمقر المجلس الشعبي الوطني تحت شعار " التربية من أجل الديمقراطية " الذي أفرزته حاجة الأفراد للحرية والتعبير ، وتدريب الطفل على تحمل المسؤولية .
فكان هذا المشروع بالتعاون مع كل من : - مجلس الأمة – المجلس الشعبي الوطني – محافظة الجزائر الكبرى – المرصد الوطني لحقوق الإنسان – ومنظمة اليونيسيف .
وكان هدف هذا المشروع مثلما ذكر القائد العام للكشافة السيد : " نور الدين بن براهيم " هو : " توليد أواصر الأخوة ، والتعاون ، والحديث عن مشاكل الطفولة بلسان الطفولة "(2).
ومن خلال هذا المنبر نوقشت عدة مواضيع حول المشاكل التي يعاني منها الطفل الجزائري ، ومن بين هذه المواضيع :
*) – الطفل والحق في التضامن .
*) – حقه في التربية التعليم .
*) – حقه في الصحة .
*) – الطفل والتربية الديمقراطية .
وخلال نفس السنة قامت الكشافة الإسلامية الجزائرية بعدة ملتقيات دولية ومخيمات عربية .
وفي سنة 1 أوت 1998 ، تقرر إنزال تعليمة لتشكيل هيئات ولائية للمرشدات ، وهذا بعد إنشاء " قسم المرشدات " سنة 1997 ، هذا القسم الذي كان من بين النقاط أو المشاريع التي ناقشتها الحركة في مؤتمر " محمد بوراس 1993 ",فكان لتطبيق هذا المشروع إيجابيات عديدة على المستوى القريب والبعيد.
وفي سنة 2000 ، قامت الكشافة إ.ج. بحملة تضامنية ، بالاشتراك مع وزارة التضامن ، تمثلت في " عملية جمع القطع النقدية " لصالح المدارس في المناطق النائية ، تحت شعار " الكشافة تربية من اجل التنمية " تماشيا مع المسار الجديد الذي اتخذه المجتمع الجزائري للتنمية والقضاء على مخلفات مرحلة
الإرهاب ، حيث وضعت صناديق التبرعات في جميع الأماكن العمومية ، والمؤسسات ، والمدارس ، على المستوى الوطني ، وكان الهدف من هذه العملية هو :
1- التضامن مع أطفال المدارس في المناطق النائية وإدخال البهجة في صدورهم فرددت خلال هذه العملية هذه المقولة : "Quelque pieces seulement pour le bonheur des enfants "
2- تربية الطفل على روح التضامن مع الآخرين ، والشعور بمعاناتهم ، لذا كان التركيز على القطع النقدية دون سواها حتى ، يتمكن الطفل من المساهمة في هذه العملية ، لتنتج منه مواطنا فعالا، مهتما بقضايا أمته ، ومصيرها ، ومشبعا بالقيم الإنسانية.
وفي نفس السنة ، قامت الكشافة الإسلامية الجزائرية بالمشاركة في " تليطون لبناء مدارس ولاية عين تموشنت " المتضررة من الزلزال الذي عرفته الولاية . بالإضافة إلى القيام " بعمليات التبرع بالدم ط بالاشتراك مع الوكالة الوطنية للتبرع بالدم. وغيرها من النشاطات التي قامت بها الكشافة إ.ج والتي تهدف إلى المساهمة في ترقية المجتمع وتنمية ، وتنشئة الطفل على القيام بالخدمات الاجتماعية .
فكان هذا التغيير الفعال الذي عرفته الحركة الكشفية في نشاطاتها ، نتيجة لتغير أهدافها وتطويرها ،
لعد الاستقلال ، تماشيا مع المسار الجديد الذي اتخذه المجتمع ، وتلبية لأهدافه العامة فدخلت الحركة مرحلة جديدة أعيد على إثرها تنظيم الحركة الكشفية ، وإعطائها فعالية وديناميكية ، كاستجابة لما يفرضه الواقع الاجتماعي ، من تحديات ، خاصة في المجال التربوي ، الذي تطلب تصورا الغايات الكشفية.(1)
لكن ما يعاب على هذه الفترة هو غياب القيادة في مسيرتها بعض الشوائب ،الراشدة ، وكذا بقاء نوع من اللامبالاة والجمود كما لوحظ لازالت عالقة من العهد الماضي ، والتي بقيت متوارثة .
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ ××× وَطِبْ نَفساً إذَا حَكَمَ الْقَضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثة الليالي ××× فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وَكُنْ رَجلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً ××× وَشِيْمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالْوَفَاءُ...الشكر الى قائد الفوج .